الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب حفظ الشعر والقصص لكني لا أجيد إلقاءها.. أريد حلاً

السؤال

كيف أكتشف موهبتي، احترت كثيرًا، أشعر أني تائهة، أنا أحب حفظ الشعر كثيرًا، وكنت أتمنى أن أتخصص في مادة الأدب، والتحقت بكلية الآداب قسم اللغة العربية، وكانت أمنيتي هي أن أكون شاعرة، وكاتبة أدبية مؤثرة في الخير، ولكن أنا لا أدري إن كنت أملك تلك الموهبة أم لا؟ وقد سألت دكتور مادة الأدب في الجامعة عن هذا الأمر، وقلت له كيف يعلم الإنسان أنه يملك موهبة كتابة الشعر، أو الكتابات الأدبية؟ فقال لي: ما دام أن الشخص يحب هذه الأشياء، ويميل إليها فهذه بداية، وفي حد ذاتها موهبة، وعلى الإنسان أن يبدأ بتنميتها ويغذيها بالقراءة الكثيرة.

بالفعل أحضرت كتب شعر وروايات، لكني لم أقرأ منها غير القليل جدًا؛ لأني أحبط جدًا كلما رأيت شخصًا مفوهًا ويتكلم بتلقائية، ويعبر عما بداخله دون أن يجد تلك الصعوبة التي أعانيها، فأقول في نفسي أنا من الأساس لا أملك الموهبة، كيف لي أن أنميها! وقد سألت كثيرين عن تجاربهم أجدهم هم من الأساس عندهم موهبة داخلهم، بمعنى أنهم يجيدون التعبير، والكتابة، وفن التشبيه الذي يضفي للكلام الجمال، والروعة، ولكن القراءة هي التي نمتها وأوصلتها إلى ذلك الحد، لكني لا أملك تلك الموهبة أصلا، ولا أي شيء منها، فأنا من الأساس أشعر أني لا أعرف أن أتكلم، ولا أن أسرد الكلام بشكل جميل يجذب السامعين لسماعه، ومع أني أقرأ، وأسمع قصصًا كثيرة إلا أني عندما أقصها أو أحكيها لشخص آخر أجد نفسي أختصرها جدًا، ولا أذكر فيها إلا ما حدث في النهاية، وإذا قال لي أحدهم قصي لي قصة، أجد نفسي أتلعثم، ولا أتذكر أي قصة، وكلما تذكرت واحدة لا أذكر إلا النهاية فيها، قد أتذكرها كلها، لكني لا أستطيع أن أسردها للشخص الذي أمامي بطريقة جميلة ومفهومة.

كما أني متزوجة لي قرابة سنة، وأخجل كثيرًا أمام زوجي، فهو عندما يحكي لي قصة مثلا، فيجذبك لسماع قصته حتى لو كانت عادية جدًا، ودائما كل القصص التي يحكيها أكون قد سمعتها، أو قرأتها قبل وأعرف أحداثها جيدًا، لكني لا أستطيع أبدًا أن أقولها بتلك الطريقة، فأنا أتيقن أني لو قصصت نفس القصة عليه لاحتقرني ولما التفت إليّ.

لكنه ما شاء الله لديه أسلوب جميل، ويتفنن في تنميق الحكاية والبداية والنهاية، والأحداث التي تجعلك تعيش مع القصة حتى لو كانت صغيرة جدًا.

حاولت أن أعرف كيف وصل إلى ذلك؟ لكن لم أجد شيئا غير أنها موهبة، فهو ليس مغرمًا بالقصص ولا يقرأها كثيرًا ونادرًا جدا إذا قرأ شعرًا أو كتابات أدبية، وغيره الكثير فبعض أصدقائي أيضًا أجد أن الكتابات والتعبير يخرج منهم تلقائيا، وأجد من هم أصغر مني بكثير يكتبون الشعر، أو يعبرون عن ما بداخلهم في كتابات أدبية في غاية الروعة، ولا يستغرق منهم هذا الأمر سوى سويعات، أشعر أني من الأساس لا أعرف أن أعبر عما بداخلي وهذا ما لاحظته مؤخرًا.

قد يكون بداخلي الكثير وأجلس مع نفسي، ولا أستطيع كتابة أي شيء، ولا حتى التعبير بالكلام، وحتى عندما أجتمع مع أصدقائي نناقش أمرًا ما قد يكون بداخلي فكرة معينة، أو شيئًا معينًا، ولكني لا أستطيع أن أقوله أو أعبر عنه، فدائمًا جلساتي مع أصدقائي ومعلماتي، ومن يكبرنا التي نناقش فيها فكرة أو مشروعا، أو ما شابه ذلك تبدأ بصمت وتنتهي بصمت، مع أنه قد يكون بداخلي كثير من الكلام، لكني لا أستطيع التعبير عنه كما أني يكون لدي خوف من أن يكون في كلامي شيء خاطئ، أو أنهم يستهزؤن بي، أو يعتبرونني ساذجة، أو شيئا من هذا القبيل.

كما أني جيدة في الرسم نوعًا ما، وأعشق الرسم، وكنت أريد أن التحق بدورة لتعلم فنون الرسم، لكن يأتيني نفس الشيء، وهو أني أقول أني لا أملك الموهبة، لا أدري هل أحاول في الرسم أم أحاول الكتابة أم ماذا؟

أريد شيئًا معينًا أنطلق منه، لكن حقًا أريد أن أطور نفسي وأغير منها، وأعرف ما هي موهبتي لأنميها، وكيف أتغلب على مشكلة التلعثم وعدم القدرة على التعبير؟ فأنا مثلا أقرأ عن حدث معين، أو خبر أو قصة أو أي شيء، وإذا أردت أن أخبر به شخصًا لا أستطيع أو أتلعثم في الكلام حتى يكاد لا يفهم ماذا أقول؟ أو ما الذي أريده؟ وكيف أتغلب على الخوف والرهاب الاجتماعي؟

وما الكتب التي تنصحونني بقراءتها؟ وهل تنصحوني بقراءة روايات أم لا؟ لأن والدي قد أعطاني كتبًا دينية وعلمية لكتاب أدبيين، وقال لي: هذه ستنمي لديك الكتابة الأدبية، وستفيدك أكثر من الروايات.

آسفة جدًا للإطالة، لكن بالفعل أنا محتارة جدًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى من الله الكريم أن يحقق أمنياتك ويرشدك إلى ما فيه الخير.

موضوع اختيار التخصص أو المهنة المستقبلية من الموضوعات المهمة، والتي ينبغي للفرد أن يدرسها دراسة مستفيضة قبل أن يختار؛ لأنها ترتبط بحياة الفرد المستقبلية، فإذا تم الاختيار وفقاً للقدرات العقلية والميول الدراسية أو المهنية، فسيشعر الإنسان بالمتعة والسعادة، وهو يدرس أو يؤدي عمله، أما إذا تم الاختيار للتخصص وفقاً لرغبة الآخرين، أو لتحقيق أهداف أخرى غير موضوعية فربما لا يجد الشخص نفسه في هذه الدراسة، أو هذه المهنة، وأحياناً الرغبة وحدها ليست كافية لتحقيق الهدف، وإنما لا بد من مراعاة القدرات العقلية والميول المهنية، فبعض الطلاب ينجح في دراسته، ولكن عندما ينخرط في مجال العمل يشعر بعدم الرضا عن وظيفته.

فنقول لك أختي الكريمة إن الإنسان يمكن أن يبدع في أي مجال من مجالات الحياة ما دامت له قدرات وميول تؤهله للتفوق في هذا المجال.

والواضح من استشارتك أن قدراتك العقلية تؤهلك للنجاح في المجال الذي أنت فيه الآن وتفوق الآخرين ليس معناه أنك فاشلة، صحيح إذا تطابقت القدرات العقلية مع الرغبة ستكونين أكثر نجاحاً وتفوقاً، وتذكري أنه ليس كل الذين درسوا اللغة العربية لديهم القدرة على كتابة الشعر، أو الرواية لكن يمكن أن يكونوا من النقاد لشعر، أو روايات الآخرين، والتدريب مع الاستعداد الفطري قد يعجل بظهور الموهبة، وتصل إلى أعلى مداها، أو مستوياتها، وبدونه قد تظهر الموهبة، ولكن في حدود.

الشيء الذي نريدك أن تنتبهي له هو ألا يكون هدفك من ذلك هو الحصول على الشهرة، أو المكانة بهذه الوسائل فقد لا يكون هذا السٌلُم، أو هذا الطريق ليس مناسباً للوصول إلى ذلك فيصبح الأمر في حيز المهنة وليس الإبداع.

وربما يكون الأمر -أختي الكريمة- متعلقًا بنقصان ثقتك بنفسك ويتضح ذلك من التأثر السلبي بنجاح الآخرين، فهذه من المعضلات التي تعيق مسيرة الإبداع.

هناك اختبارات لاكتشاف الميول والمواهب ربما تساعدك في معرفة ما تمتلكيه من قدرات وميول سواء كان في مجال اللغة، أو الرسم مع الاسترشاد برأي الخبراء في المجالين في كيفية تنمية ذلك، وقد لا يكون هناك تعارض إذا كنت متخصصة في اللغة وتجيدين الرسم في نفس الوقت.

وللتغلب على الخوف والرهاب الاجتماعي نرشدك بالآتي:

1-لا تستعجلي في الإجابة على الأسئلة المفاجئة، وحاولي إعادة السؤال على السائل بغرض التأكد، ولا تضعي نفسك في دور المدافع، بل ضعيها في دور المهاجم، وفي المحادثات تعلمي كيفية إلقاء الأسئلة، ومارسيها أكثر وكذلك الإجابة على أسئلة الآخرين.، واعلمي أن الناس الذين تتحدثين معهم لهم عيوب ولهم أخطاء أيضاً.

2- حاولي أن تضعي لك برنامجاً تدريبياً يومياً تقومين فيه بتحضير مادة معينة، أو درساً معيناً وقومي بإلقائه في غرفةٍ خالية ليس بها أحد، أو بها من تألفيهم، ولاحظي على نفسك التغيرات التي تحدث لك في كل مرة، وقومي بتسجيلها أو تسجيل درجة القلق والتوتر التي تشعرين بها في كل مرة واجعلي لها مقياسًا من (1 إلى 10)، حيث إن الدرجة عشرة هي أعلى درجات القلق، ثم اجتهدي في كل مرة أن تنخفض هذه الدرجة إلى أقل ما يمكن لاستعادة الثقة بالنفس، وبالتالي التغلب على مشكلاتك.

3- استخدمي روح الفكاهة في بداية الحديث مع الآخرين، وركزي على محتوى الحديث أكثر من تركيزك على الأشخاص وصفاتهم ومناصبهم ومكانتهم الاجتماعية.

4- لا تضخمي فكرة الخطأ وتعطيها حجمًا أكبر من حجمها فالحذر الشديد من الوقوع في الخطأ قد يساعد في وقوعه.

5- عززي قوة العلاقة مع المولى عزَ وجلَ بكثرة الطاعات، وتجنب المنكرات، فإن أحبك الله جعل لك القبول بين الناس.

6- زودي حصيلتك اللغوية بالقراءة والاطلاع والاستماع لحديث العلماء والمفكرين.

7- تدربي على إدارة حلقات نقاش مصغرة مع من تألفيهم من الأقارب والأصدفاء.

8- شاركي في الأعمال التطوعية التي تجمعك بالناس، وإذا أتيحت لك فرصة تدريس طلاب في المراحل الدنيا اغتنميها ولا تترددي، وقصي عليهم القصص القصيرة.

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً