الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من عدم الثقة في شخصيتي ومظهري، فما الحل لمعاناتي؟

السؤال

السلام عليكم.

أولاً: أحب أن أشكركم على جهودكم الرائعة، وأدعو الله أن يجزيكم خير الجزاء.

أنا فتاة جامعية أبلغ من العمر 23 عاماً، لدي فقدان الثقة في النفس بشكل كبير جداً، حيث إن ثقتي في نفسي قد تساوي الصفر، وهي معدومة تماماً، سواء من ناحية مظهري أو من ناحية شخصيتي.

أنا أتجنب أصدقائي كثيراً، ولا أحب الاختلاط بالناس خوفاً من تقييمهم لي، وأبتعد كثيرا عن التجمعات، ولا أجيد فن الحديث، وليس لدي لباقة أبداً، بل بالعكس، فإن خجلي الزائد يجعلني أتوتر وأقول أشياء غبية تعرضني للإحراج الكبير!

أنا خجولة أيضا بشكل مبالغ فيه، فإذا زارنا شخص ما في بيتنا فإنني أذهب لغرفتي وأختبئ في فراشي خوفا من أن يقتحم الضيف الغرفة، خاصة إذا كان من الجيران المقربين، فأنا لا أريد أحداً أن يراني أو أن يكون في محادثة معي، لأنني لا أجيد التصرف، ولا أجيد الكلام، وأخاف أن يسخر مني الآخرون، أو أن يقللوا من شأني، وأنا لست اجتماعية أبداً وهذا بخصوص شخصيتي.

أما بخصوص مظهري: فأنا أكره جسدي وشكلي بشكل كبير جداً، وأكره فكرة الجنس مع زوج المستقبل، لأنني خائفة من ردة فعله بشأن شكل جسدي، فأنا لدي الكثير من العيوب التي لا تخفى، ولن يكون لدي الثقة الكافية أن أمتع زوجي، لأنني سأكون دائما قلقة من تقييمه لشكلي.

لا أعلم كيف أحب شخصيتي، وكيف أحب مظهري وجسمي، كيف أستطيع التعامل بلباقة وبسرعة بديهة! والأمر يزداد سوءاً مع الوقت، وهذا عرضني لغضب الأصدقاء والأقارب؛ لأنهم يعتقدون أنني أتهرب منهم وأرفض مقابلتهم، وأنا لست كذلك، أنا أحبهم ولكن ثقتي المفقودة تتعبني.

جزاكم الله خيري الدنيا والآخرة، وتقبل منكم صالح العمل، شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، وعلى شكرك لهذا الموقع.

تمرّ بنا جميعا ظروف كثيرة تؤثر علينا من ناحية الشخصية والثقة بالنفس والنظرة إلى الحياة، وفي لحظة ما من لحظات حياتنا يصعب علينا تقبل هذا الحال ونرغب بالتغيير، والتغيير شيء مطلوب، وهو ممكن طالما وجدت الرغبة والعزيمة على السير في عملية التغيير هذه.

وقد نستطيع القيام بهذا التغيير بأنفسنا، من زاوية عدم جعل ضعف الثقة بالنفس التي عندنا تؤثر في مجمل حياتنا، وإنما نحاول أن نحدد تأثيراتها من خلال القيام بالأعمال والمسؤوليات المطلوبة منا من الدراسة والعمل والأنشطة الاجتماعية والترفيهية، ورويدا رويدا نجد أن الوضع الداخلي لنفسيتنا قد بدأ بالتحسن والتغيّر، فمثلا يمكنك القيام بالأعمال التي تريدين تحقيقها، واتركي تغيير النفس الداخلية لتحدث وبشكل طبيعي وتدريجي، وكنتيجة للأعمال التي تقومين بها.

وأحيانا يتعذر علينا القيام بهذا التغيير بمفردنا، ونحتاج عندها للحديث مع شخص آخر، إما شخص قريب منا كصديق أو قريب ولديه خبرة في الحياة، أو شخص متمرن على التعامل مع مثل هذه الحالات كالأخصائي النفسي، ممن يفيد الحديث معه.

وقد تكون المرشدة النفسية عندكم في جامعة قطر -قسم الخدمات الطلابية- هو الطرف الذي يساعدك في موضوع التغيير، فمجرد الحديث في الأمر يساعدك كثيرا على التغيير المطلوب.

لا شك أن شكل جسم الإنسان يسبب بعض الصعوبات النفسية عند الفتاة، وخاصة من باب ضعف الثقة بالنفس، والخجل الاجتماعي، مما يدفعها لتجنب اللقاء بالناس، إلا أن هذا التجنب أو الهروب لا يساعد أبدا، وبل على العكس يزيد في ضعف الثقة والخجل الاجتماعي.

وفي حال كان كل شيء طبيعيا، وليس هناك سبب طبي لهذه الأعراض، فهناك الكثير مما يمكن عمله من باب العلاجات التجميلية.

وبالطبع هناك طرق كثيرة لرفع الثقة بالنفس، وكذلك تخفيف الخجل الاجتماعي، وأهم شيء هنا أن نعلم أن تجنب لقاء الناس والعزلة الاجتماعية لا يحلّ المشكلة، وإنما يجعلها تزداد شدة وحدة كما ذكرت، فعليك باقتحام مثل هذه التجمعات، والاختلاط بالناس.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، أو أننا ضعاف الثقة في أنفسنا. وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلاً: إن عندنا خجلاً أو تردداً أو حساسية أو ضعف الثقة في النفس، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

لا بد لك أختي الكريمة، وقبل أي شيء آخر أن تبدئي "بحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبليها كما هي بغض النظر عن طبيعة ملامحها البدنية، فإذا لم تتقبليها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!

مارسي دراستك الجامعية بهمة ونشاط، وارعي نفسك بكل جوانبها وخاصة نمط الحياة، من العبادة والتغذية والنوم والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعطي نفسك بعض الوقت لتبدئي تقدّري نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعرين بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.

الله تعالى يقول لنا معززا من ثقتنا في أنفسنا: {ولقد كرَّمنَا بنِي آدَم} فنحن مكرّمون عند الله، وهو يشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف.

وفي موضوع الزواج، فعندما يتقدم شاب لخطبتك، فهو لا يريد فقط جسمك أو وجهك، إنه يريدك أنت كإنسانة متكاملة في شخصيتك ونفسيتك، وروحك وإيمانك، وتفاؤلك وسلوكك، وعلاقاتك الإنسانية، وطريقة تواصلك معه، بالإضافك إلى ملامحك وجسدك طبعا، ولكن لكل هذه الأشياء مجتمعة وليس لشيء واحد منها، وعندما يتعلق بك ويعجب بك، فلن يتغير موقفه منك لشيء محدد، وإنما سيكون مغرما بكل ما فيك.

وفقك الله ويسر لك الخير والفلاح والسعادة في الدارين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا نورالحي

    بارك الله فيكم ، كلام مهم ومفيد لكل الناس

  • المملكة المتحدة عايد شباب

    جزاكم الله خير واحب ان اضيف ان العلاج السلوكي المعرفي نافع جدا في مثل هذه الحالات بعد عون الله وتوفيقه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً