الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن أن يترافق الصرع الصدغي مع الذهان؟

السؤال

لي شقيق يبلغ من العمر 22 عامًا، يعاني منذ ست سنوات من أعراض متعددة ومختلفة في شدتها، هو إنسان طبيعي معظم الوقت إلا أن نوبات كانت تنتابه في فترات متفاوتة، كانت تأتي بصورة متباعدة، كأن تكون مرة كل خمسة أو ستة أشهر، أو متقاربة مرتين في الأسبوع.

الأعراض -يا دكتور- تتراوح بين العنف وتكسير الأشياء، والسب والشتم، ومهاجمة أحد أفراد الأسرة، وسماع أصوات، وشم روائح غير موجودة، والاكتئاب والبكاء أحياناً، والضلالات، وأحياناً تكون أقل حدة كالانعزال فجأة، والنوم القسري، ثم يعود طبيعياً، وهذه الأعراض تكون بصورة فجائية: أي تأتي وهو في حالة طبيعية جداً، وأحياناً تأتي بعد شعوره بالانزعاج أو الغضب، أو سوء معاملته.

بعد أن عرضناه على أول طبيب شخص الحالة على أنها ذهان، وتم إعطاؤه مضادات الذهان، ومضادات للأكتئاب، وبما أن حالته لم تتحسن تماماً في السنة الأولى؛ طلب الطبيب إجراء تخطيط للدماغ، حيث أظهر وجود شذوذ كهربائي في الفص الصدغي، ومنذ ذلك الحين تم إضافة (carbamazepine) لمجموعة الأدوية التي يتناولها، وبجرع متفاوتة (زيادة ونقصان).

المشكلة -يا دكتور- أنه لم يتحسن تماماً؛ فعمدنا إلى مراجعة خمسة أطباء نفسية وعصبية، وأكد بعضهم أن مرضه هو صرع الفص الصدغي حسب التخطيط الدماغي، فيما أكد البعض الآخر أنه إما فصام أو ذهان اضطهادي، مؤكدين أن نتيجة التخطيط الدماغي المذكورة لا يعتمد عليها؛ لأنها قد تظهر حتى للأشخاص الأصحاء، والأولوية في التشخيص تكون للأعراض الذهانية الواضحة، مما وضعنا في حيرة من الأمر، وكما تعلم -يا دكتور- أن أدوية الصرع والذهان تتداخل فيما بينها.

أخي الآن يتناول 500 مغ كاربامازيبين كل 8 ساعات، وريفوتريل 0,5 مغ كل ثمان ساعات، وزولوفت 50 مغ مرتين في اليوم، وأولانزابين 10 مغ مرتين في اليوم، ولا يزال يسمع أصواتاً غير موجودة، وتنتابه نوبات غضب وأفكار، وضلالات غير موجودة، ويقول: إنه يميل إلى تكسير الأشياء، وآخر تخطيط دماغي أجريناه له قبل شهرين أثبت (suggestion of left temporal epilepsy with occasional generalized epilepsy).

رغم أن أخي لا يقع على الأرض، أو يتشنج كمرضى الصرع، هو ملتزم دينياً، وقارئ للقرآن، ويتمنى أن يتعافى من مرضه، ومواظب على تناول علاجه، ولا يتركه إلا حين تنتابه النوبة، حيث يكون غاضبًا وعنيدًا وأفكاره غريبة.

ما هو رأيك في التشخيص دكتور؟ هل يمكن أن يترافق الصرع الصدغي مع الذهان أم كلاهما مرض منفصل ظهرا في نفس التوقيت؟ وهل صحيح أن التخطيط الدماغي لا يعتد به إلا حين يسقط المريض أرضاً؟ هل مضادات الصرع تتداخل مع مضادات الذهان وبالعكس مما لا يجعلها تعمل؟ وما هو مرض أخي؟ وماذا نعمل؟

ولكم جزيل الشكر والتوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسد بابل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل هذا الأخ -حفظه الله- يعاني من صرع الفص الصدغي، وصرع الفص الصدغي هو أكثر أنواع الصرع المصحوبة بأعراض نفسية، أو حتى أعراض ذهانية، أي لا يوجد أي تناقض فيما ذكره لك الطبيب الذي قال: أنه يعاني من صرع الفص الصدغي، نعم هو يعاني من صرع الفص الصدغي -وكما ذكرنا- صرع الفص الصدغي هو أكثر الأنواع التي تؤدي إلى أعراض فصامية، أو أعراض اكتئابية، ويعرف أن هؤلاء الأفراد -أيضاً- لديهم ميول للعنف، وتقلب الوجدان والمزاج، وسرعة الانفعال.

حالة أخيك واضحة وواضحة جداً، ويجب أن تعالج على هذا الأساس، ويعرف أن صرع الفص الصدغي ليس صرعاً تشنجياً في معظم الأحوال، أي المريض لا تأتيه نوبات التشنج والسقوط أرضاً، هذا نشاهده في عدد قليل في هذه النوبات.

أيها الفاضل الكريم، الأمر واضح جداً، وتخطيط الدماغ هنا له أهمية؛ لأنه أظهر وبوضوح أن البؤرة الصرعية موجودة في الفص الصدغي الأيسر، وهذا الفص على وجه الخصوص كثيراً ما تنشأ منه الأعراض الفصامية، مثل: الشكوك والظنون التي تأتي في مثل هذه الحالات، فالتشخيص واضح، والأمر واضح، والعلاج -أيضاً إن شاء الله تعالى- واضح.

يعطى أحد مضادات الصرع، يضاف إليها أحد مضادات الذهان، والدراسات القديمة تشير أن الكربومازبين هو الأفضل، لكن الجرعة يجب ألا تتخطى 1200 مليجرام في اليوم، هذه الجرعة القصوى، مع ضرورة مراقبة مستوى الدم الأبيض؛ لأن الكربومازبين في بعض الأحيان قد يخفض الدم الأبيض، والدراسات أيضاً تشير أن عقار استالازين -وهو من مضادات الذهان القديمة- هو الأفضل لعلاج هذه الحالات، ودراسات أخرى تقول إن عقار رسبريادون -وهو مضادة للذهان أيضاً- من الأدوية الجيدة جداً، ويعاب على الكربومازبين أنه ربما يخفض مستوى الأدوية الأخرى في الدم، فإذا لم يستجب المريض بصورة جيدة؛ يعطى الكربومازبين حتى جرعة 800 مليجرام في اليوم، ويضاف عقار دباكين كلونوا بجرعة 500 مليجرام يومياً لمدة أسبوع، ثم 500 مليجرام صباحاً ومساءً، ومن المهم أن هؤلاء المرضى يجب أن لا يتناولوا عقار كبرا، والكبرا من أفضل أدوية الصرع، لكنه قد يثير النشاط الذهاني لدى هؤلاء المرضى.

أيها الفاضل الكريم: هذا هو مرض أخيك، وهذا هو الذي نراه في موضوع علاجه، وأنصحك بالمتابعة، فهي مهمة وضرورية جداً، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، واهتمامك بأمر هذا الأخ الذي نسأل الله تعالى له العافية والشفاء ولنا جميعاً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً