الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني تصرفاته مزعجة وغير متزنة، كيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله، جزاكم الله خيراً.

أنا أم لطفل عمره 11 سنة، معاناتي معه أنه منذ الأشهر الأولى من عمره لا يحب الناس، فكنت إن خرجت به لزيارة ما، أرجع سريعاً من شدة بكائه، أو يظل مغلقاً عينيه لحين العودة، وكان التعامل معه صعباً جداً.

بعد دخوله المدرسة، كان ولا زال بطيء الاستيعاب جداً، لدرجة كبيرة، وإلى الآن، وما أعانيه منه إلى الآن كثرة ترديد الكلام، وعدم الشعور بعواقب الأمور، لدرجة أنه يقوم بضرب إخوته بقوة، ويضحك مستمتعاً، وعندما يضربونه أشعر بأنه لا يحس، ويقوم بتكرار الكلام لخمس مرات أو أكثر، يردد ما يسمعه، ويقوم بتقليد الناس لدرجة كبيرة حتى النساء، وأكثر ما أحزنني أنه يقوم بضربي أنا والدته عندما أقوم بتوبيخه، يضحك أو يقوم بترديد: أنا لم أفعل، أنا أمزح، وعند مناقشته يتكلم كثيراً جداً، وبصوت مزعج، ويكرر الكلام لدرجة يجعلنا نعجز عن الحديث.

ذهبت به إلى أخصائي، وقمنا بتغيير معاملتنا معه، مرة بأسلوب التوبيخ، ومرة العقاب، ومرة الحرمان، ولجأت أيضا عند خطئه باحتضانه ومناقشته، لكن لا جدوى، أصبحت لا أحب أخذه للأماكن العامة، فهو يضحك على الناس بصوت عال، ويضرب أخوته ولا يسمع ما أقول، فلو نهيته عن خطئه يبدأ بترديد الكلام، وبصوت عال، وينكر دائماً كل أخطائه، حتى لو كان الجميع يراها، بدأ والده يدخله عالم الرجال؛ لعله يتغير، لكن لا جدوى، قمت بتسجيله في نادي، ولم أستفد إلا هدوء أعصابي في عدم وجوده، ما الحل برأيكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الحلوة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

أفضل شيء قطعًا هو أن يتم تقييم هذا الابن بواسطة مختص في الطب النفسي للأطفال، هذا هو الشيء الأول والمهم والضروري. ذكرت أن والده قد أخذه لأحد المختصين، وهذا أمر طيب، لكن أعتقد أن المختص يجب أن يكون بالفعل مؤهلاً في الطب النفسي للأطفال واليافعين.

مبدأ تحفيز السلوك الإيجابي يجب أن يكون هو المبدأ الأصيل في التعامل مع هذا الابن، وكذلك تجاهل السلبيات بقدر المستطاع، والتوبيخ في حالات الأخطاء.

وهذا الطفل يجب أن تُبنى مهاراته أشياء بسيطة جدًّا: نُدرِّبه كيف ينظف أسنانه، ترتيب ملابسه في خزانته، أن يقوم بترتيب فراشه في الصباح، أشياء بسيطة جدًّا لكنها عظيمة في بناء الشخصية لدى الطفل، وأن يشعر بوجوده الحقيقي في داخل المنزل.

فكرة والده أن يُدخله على عالم الرجال فكرة طيبة، وهي يجب أن تُدعم، بأن تُتاح له فرصة التواصل الاجتماعي مع أقرانه من عمره، هذا مهم جدًّا، والطفل يتعلم من الطفل، وأن ينضم لأحد مراكز الشباب والأندية، ومن خلال ذلك يمارس أنشطة ثقافية ورياضية واجتماعية.

وفي ذات الوقت دعي والده يلاعبه، ينزل لمستواه العمري ويُلاعبه، هذا أمر جيد وجميل جدًّا، ويساعد هؤلاء الأطفال كثيرًا.

هذا الطفل حين ذكرتُ أنه يحتاج للتقييم حقيقة لفت نظري أمر مهم، وهو أنه ربما يكون لديه نوع من التأخر البسيط في الذكاء، هذا -إن وُجد- يُعالج بنفس المناهج التي ذكرتها، لكن على الأقل يجب أن نعرف العلة، أي أن تقييم المختص يفيد في هذه الناحية.

الأمر الثاني: عدم المبالاة والضحك في بعض المواقف هذا أيضًا يحتاج لتقييم – أيتها الفاضلة الكريمة – لأن بعض الأطفال يُصابون بأمراض نفسية معينة، وربما ذهانية أيضًا، قد يكون فيهم العرض الرئيسي أنهم كثيرو الشغب، وتجد الطفل غير عابىء ويضحك ويتصرف تصرفات تخلو من الضابط الاجتماعي.

لا أقول أن هذا الابن قد يكون مُصابًا باضطراب عقلي أو ذهاني، لكن يجب أن يُقيَّم، هذا كله جيد وكله مفيد، وهنالك أدوية بسيطة تُعطى في مثل هذه الحالات – حالات الانفعال الشديد، حالات عدم الانضباط المسلكي وكثرة الاندفاعية لدى الطفل – هنالك أدوية بسيطة جدًّا تُعطى وتُفيد هؤلاء الأطفال كثيرًا، والطفل حين يهدأ يمكن أن يتم التعامل معه بسهولة وتطويره سلوكيًا ومعرفيًا.

أسأل الله له العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً