الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تركت الصلاة بسبب سيطرة الوسواس عليّ.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أعاني من وسواس شديد في الطهارة، وسيطر علي كليًا، وجعلني أترك الصلاة، وتركني أتألم على فراقي للصلاة، وأنا لا أستطيع فعل شيء فأستمر بالتطور، فأصبح يخوفني بالأمراض وخصوصاً مرض الإيدز، فعندما ذهبت إلى الحلاق قبل ثلاثة أيام قام الحلاق بجرحي بعدة جروح بواسطة الموس، وأنا من يومها أخاف أنني أصبت بالإيدز -لا قدر الله- ولا أرتاح بنوم، ولا أهنأ بعيش، فأنا إلى الآن خائف من أنه أصابني الإيدز من الحلاق.

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي يظهر لي أنك تعاني من مرض المخاوف الوسواسي، ويا أخِي الكريم: الصلاة أمر لا يجوز أبدًا التفريط فيها، الصلاة نور، الصلاة راحة كما قال -صلى الله عليه وسلم- لبلال رضي الله عنه: (أرحنا بها يا بلال)، الصلاة قُرة عين كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (وجُعلتْ قُرَّةُ عيني في الصلاة)، الصلاة هي صلة العبد بربه، الصلاة كما قال الله في الحديث القدسي: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ).

دع الشيطان يخنس، وأكثر من الاستغفار، استعذ بالله تعالى من الشيطان، وارجع إلى صلاتك – أيها الفاضل الكريم – حقِّر الوسواس، لا تدع له أي مجال.

بالنسبة لموضوع الطهارة: الأمر في غاية البساطة، حدِّد كمية الماء الذي تستنجيَ به، أو تستبريء به، أو تغتسل به، لا تستعمل ماء الصنبور أبدًا، كمية الماء ضعها في إبريق، أو في إناء وتوضأ بها، ويجب أن تكون كمية الماء قليلة، واعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن الإسراف حتى وإن كان أحدنا على نهْرٍ جارٍ، وأنه صلى الله عليه وسلم (كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَا).

أيهَا الفاضل الكريم: ثبت هذه المواقف في تفكيرك، وطبقها، ومؤكد أن من يقوم بالتطبيق لمدة سبعة أيام تختفي منه تمامًا أعراض التردد والإسراف واستغراق الوقت في الطهارة والوضوء، ودائمًا ابنِ على اليقين، وأنت من أصحاب الأعذار، لا تُكرر، لا تسجد للسهو، هذا جزء من علاجك الأساسي.

الأمر الآخر هو: ابعد نفسك من هذه الوساوس من خلال صرف النظر عنها، اسعَ في الحياة، اجتهد في الدراسة، تواصل اجتماعيًا، لا تجعل حياتك كلها تركن وتتمركز حول الوساوس، انطلق إلى آفاق جديدة، أنت صغير في السن، أمامك أشياء طيبة وجيدة وجميلة في هذه الحياة يمكن أن تقوم بها.

الأمر الآخر: الأمراض سل الله تعالى أن يحفظك، وسله أن العافية كما وصَّى بذلك العباس عمَّه فقال: (سلِ الله العافية) ثلاث مرات، وعليك بالأذكار، لا تُكثر من التردد على الأطباء، وأنت قطعًا محتاج لدواء يعالج قلق المخاوف الوسواسي، وأفضل عقار يعرف تجاريًا باسم (زولفت)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين)، ويسمى تجاريًا أيضًا (لسترال)، ويمكن أن تجده في العراق تحت مسميات تجارية أخرى.

اذهب إلى الطبيب، إن كان هنالك إمكان لذلك، وإن لم تكن إمكانية لذلك تحصَّل على السيرترالين، وابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا – أي حبة واحدة – استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين ليلاً، وهذه الجرعة العلاجية بالنسبة لك، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم اجعلها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا من أفضل أنواع الأدوية، وقطعًا بعد مرور شهرين إلى ثلاثة سوف تحسُّ بقيمة علاجية كبيرة جدًّا له.

الدواء لا يُسبب الإدمان أو التعود، ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن لبعض الناس؛ لأنه يفتح الشهية نحو الطعام، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي قليلاً عند المتزوجين في وقت المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤثر على هرمون الذكورة، ولا يؤدي إلى العقم.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً