الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما عزمت أن أبدأ حياتي بقوة أصاب بوساوس تضعف عزيمتي.. أريد حلولا مفيدة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من العمر 28 سنة، أعزب، موظف، أعاني من وسواس في الأفكار؛ حيث إنها قديمة معي منذ أكثر من 7 سنوات، أخذت علاجا قبل 3 سنوات، وهو انفرانيل 25 ولسترال، وكانت المشكلة في الغالب وسواس في النوم، أني لا أستطيع أن أنام، وكان معه وساوس عديدة، لكن تغلب هذه الفكرة على الكل، والآن عادت لي الأفكار من جديد، واتسعت فأصبحت أخاف من فقد وظيفتي بسبب أو بدون سبب، أو بحكم عملي بعيدًا عن الأنظار، أو أني غير موظف، وغير مخلص بالشكل المطلوب، فيسبب لي وسواس بأني سأفقد عملي، وأني لا أستطيع أداء عملي بالشكل الجيد.

كلما عزمت أن أبدأ بداية صحيحة بدأت الافكار بأني لا أستطيع التدريس بشكل جيد، وليس لدي خلفية كافية عما أقوم بتدريسه.

أعاني أيضاً من أفكار متعلقة بالأعمال التي أعملها مثلاً حدث شيء معين لي كحديث، أو مشكلة مع شخص، فأبدأ بالبحث فيها ومناقشتها في النفس لو قلت كذا وكذا، وأفكار مزعجة متعلقة في الدين كذنوب قديمة قد تحول بيني وبين استجابة دعائي ....الخ.

الأفكار كثيرة أصبحت أبحث فيها طوال يومي، أرجو من الله، ثم منكم حل مشكلتي هذه، والتركيز على العلاج السلوكي أكثر من الدوائي.

وجزاكم الله كل خير وبارك في جهودكم، ونفع بكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد فهيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالوساوس قد تتغير في محتواها وتزيد أو تنقص في حدتها، وتنخفض وترتفع، وهي غالبًا مرتبطة بالحالة المزاجية للإنسان، والوساوس حين تظلُّ مع الإنسان لفترة طويلة بكل أسف ربما يحدث نوع من التواؤم أو التوافق أو القبول لهذه الوساوس، وهذا قطعًا لا نريده.

أيها الفاضل الكريم: الناس تتحدث كثيرًا عن العلاج السلوكي، لكن المشكلة تأتي في التطبيق، فأنت اجعل كل اجتهادك وتوجُّهك لتحقير هذه الوساوس، وعدم مناقشتها، عدم الدخول في تفاصيلها، لا تخضعها للمنطق، لا تخضعها للأسباب.

يمكن لديك وسواس وحيد وهو متعلق بالعمل، واتهامك لنفسك بأنك غير مخلصٍ في العمل: هنا يمكن أن تعلق وتقول: (الحمد لله الذي جعلني حريصًا على عملي، ولم يجعلني مُهملاً، وأن نفسي الطيبة اللوامة تقودني لأن أكون أكثر إخلاصًا في عملي).

أما بقية الوساوس فتتم معالجتها من خلال تجاهلها وتحقيرها واستبدالها بفكرٍ أو فعلٍ أو نمطٍ مخالفٍ حسب محتوى هذا الوسواس، ومن المهم جدًّا – وهو مبدأ سلوكي رصين – ألا تدع مجالاً للفراغ الذهني، أو الفراغ الزمني، وأن تستفيد من وقتك وتديره بصورة صحيحة؛ لأن ذلك يُضيِّق على الوساوس كثيرًا.

ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء أيضًا وُجد أن فيها فائدة كبيرة جدًّا، تثبيت وقت النوم – هذا مهم جدًّا – وأعرف وأدرك أن النوم حاجة بيولوجية، النوم ليس تحت الإرادة، فإذًا لماذا توسوس حول النوم؟ هنا يمكن أن تقنع نفسك من خلال هذا المنطق.

يأتي بعد ذلك الدور العلاجي الدوائي: أعتقد أن الدواء مهم، والدواء مفيد، والدواء الذي أفضله في مثل هذه الحالات هو البروزاك، والذي يُعرف باسم (فلوكستين)؛ لأنه ليس له آثار انسحابية، يمكن للإنسان أن يتناوله لمدة طويلة دون إشكالية، والبروزاك أيضًا فيه مستحضر الآن وقائي، وهو الذي يُسمى (بروزاك 90)، والذي يمكن الإنسان أن يتناوله بمعدل كبسولة واحدة في الأسبوع.

فابدأ في تناول البروزاك العادي بجرعة كبسولة واحدة (عشرين مليجرامًا) تناولها بانتظام لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم، وأعتقد أن هذه هي الجرعة الكافية بالنسبة لك، تناولها لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة، فوساوسك متأصلة بعض الشيء ومُطبقة.

بعد انقضاء العام تناول البروزاك بمعدل كبسولة واحدة لمدة سنة، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

ويمكنك أن تستبدل كبسولة البروزاك اليومية بالبروزاك 90 إذا وجدته، وطريقة تناوله هي كبسولة واحدة في الأسبوع، تستمر على ذلك لمدة سنة وشهرين، أي أربعة عشر شهرًا كما أشرنا لك حين وصفنا كيفية استعمال الكبسولة الواحدة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية المجاهد2013

    بارك الله فيكم وجعل ذلك في ميزان حسناتكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً