الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع غيرة ابنتي وكذبها؟ أرجو المساعدة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أم لثلاثة أطفال، بنتي الكبرى عندها 11 سنة، هي أكبر مشكلاتي، ولدت بمصر، وعند عمر 2.6 سنة سافرنا، كنا نعيش في بيت جدتها والدة أبيها، وكانت دائما منذ طفولتها عنيدة، إذا أحضرنا لها هدية تنظر إلى ما في يد غيرها بدون أن تنظر ماذا أحضرنا لها، وعندما ولدت أخاها الأصغر كانت تلعب بلعبه وتخفي لعبها وتحافظ عليها، ولا أحد يلعب بها، بغض النظر هل هي لعبة مناسبة لها أم لا؟

كنا دائما -أنا وأبوها- نحاول أن نجعلهما يلعبان مع بعض، وتحضر هي الأخرى لعبها لتلعب بها مع أخيها، ولكنها ترفض، فكنا نجعلهما ينفصلان في اللعب؛ لكي كل واحد يلعب بلعبه.

منذ طفولتها وهي دائمة الكذب، مع الاعتبار أننا لا نكذب عليها بأي شيء، وإن وعدناها بشيء نوفي بوعدنا، لكنها دائما كانت تبحث عن الغلط لفعله، وهي تعلم تمام العلم أننا سنغضب منها، وكنت أحيانا أتغاضى عن بعض الأشياء لصغر سنها ولدرجة أهميتها.

أصبحت تغار من أخيها؛ لأنني لا أنهره، مع أنه لم يفعل شيئا لأنهره عليه، هو طبعه هاديء جدا ومطيع وحساس، لدرجة أني أخاف عليه، وللعلم أنا لا أظهر أيا من إحساسي تجاهه أمامها؛ لكي لا تغار؛ وللأسف بنتي شخصيتها جافة مع كل الناس وليست اجتماعية حتى مع جدها، لا تريد أن تتكلم معه، مع أنه أبي، وهي تعرف كم أنا أحبه، وهو يحبها حبا كبيرا، هي أول حفيدة له، ولكنها تريد أن تنهر وتشجب وتنفعل، ولكن بدون وجودي عندما أراقبها من بعيد أجدها شخصية صعبة جدا، قيادية بدرجة الدكتاتورية.

لا تريد أن تسمع نصيحة لأحد حتى ولو كنت أنا أمها، إننى حنونة عليها جدا، فهي ابنتي الوحيدة الكبرى، وتريد أن تكذب بغض النظر عن مدى أهمية الموضوع، تنظر إلى ما في يد غيرها، ولا تنظر إلى ما هي فيه، مع أننا -والحمد لله- متوسطو الحال، وأنا وأبوها نحترم بعضنا جدا، ونحب بعضنا جدا، ولا نناقش مشاكلنا أمامهم، وعندما نتفق على شيء تريد هي أن تخالف ما اتفقنا عليه، ولكننا ننفذ رغبة العدد الأكبر.

أصبحت مشكلة الكذب في كل حياتها، والغيرة تزيد بداخلها من أصحابنا وأولادهم، والموقف الأصعب الذي واجهته معها منذ أيام جاءت وقالت لي: إن أصحابها أدخلوها بمشكلة، وقالوا: إنها شتمت أم صديقة لها، نحن على علاقة وطيدة بهذه الأسرة، ولكنها تغار من ابنتهم، وهي معها بنفس الفصل، لكنهم أيسر حالا منا، ويمكن أن يقال: إن عند بناتهم كل شيء ممكن لبنت أن تحلم به، لكن في المقابل أخلاقهم طيبة، وكبرت المشكلة، وكانت غاضبة؛ لأنهم اتهموها بأنها قالت على الأم كلاما غير طيب، وهي بنفس الحال صديقتي.

تكلمت مع ابنتي بكل حب، وقلت لها: إذا كنت فعلت قولي لي، وسأعالج الموقف، فغضبت مني وقالت: إنها تحب هذه الأم جدا، وهي -فعلا- تحبها، ولذلك استغربت أنهم اتهموها بذلك، وقلت لها: إنني سأذهب غدا للمدرسة، وسأتحدث للمديرة، وسأحضر البنات اللاتي اتهمنك بذلك؛ فلا تحرجيني أمام مدرساتك، قالت لي: ألم تكوني واثقة بي يا أمي. وأخذت تحلف وتحلف أنها لم تقل.

ذهبت بها إلى المدرسة، وأتت بالبنات وواجهتهم بها، ولم أستنتج شيئا غير أنها لم تقل، ولكن عندما ذهبت قالت لهم: لقد قلت، لكن بدون قصد. فقالت لها المدرسة: اذهبي للمديرة وقولي لها ذلك. فقالت المديرة: إذن اذهبي لوالدتك وبلغيها.

طبعا هي لم تقل لي شيئا سوى أن المدرسة أجبرتها على الاعتراف، وهي لم تفعل، ولكني علمت في المساء من صديقتي هذه التي كانت عليها المشكلة، فصدمت من ابنتي التي كنت أدافع عنها بكل حرارة، وأعلم أنها كانت مظلومة، وأصبحت في موقف لا أحسد عليه، وانهرت بكاء مما فعلته بي ابنتي وكذبها، ليس في هذا الموقف فحسب، ولكن في كل مواقفها كبيرة أو صغيرة، فإنها تكذب بدون تفكير، أصبحت لا أثق فيها أبدا، ولا أستطيع الحديث معها.

إنها ابنتي، والوحيدة، ويوجد أخوان لها صغيران، وهي للأسف من تجعل حياتي بائسة، أصبحت لا أستطيع أن آخذها في حضني من كثرة مواقفها معي.

هي تخاف مني جدا، لا أعرف لماذا؟ فهي أحيانا تفعل الشيء لأجلي ليس لأنه صحيح، وجلست معها كثيرا وتحدثت معها عن الأخلاق والدين، وكيف لنا أن نفعل الشيء ما دام أنه حلال، ولا نفعل لأنه حرام، ولكنها تنظر لي فقط، أنا لا أنهرها، ولم أكن قاسية عليها أبدا، لكنها من أفعالها جعلتني لا أفرح من أي شيء.

والدها طيب لدرجة أن كل أصحابها يحسدونها عليه؛ لأنه يلعب معهم، وينفذ طلباتهم على قدر إمكانياتنا، ولكننا صدمنا -أنا وهو- ولم نتحدث إليها منذ يومين، ولم نستطع أن نعرف كيف نتعامل معها؟

آسفة للإطالة، لكن هذا جزء صغير مما تفعله معي ابنتي، لا أعلم كيف هو الحال معها.

شكرا جزيلا، أرجو سرعة الرد؛ لكي أعلم كيف أتعامل معها، لأني لا أتحدث معها منذ ذلك الحين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwa حفظها الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم الآمال، وأن يقر أعيننا بصلاح الأطفال.

أرجو أن تتوقفوا عن الانزعاج، وتشبعوا بنتنا من الحنان، وتوقفوا مقاطعتها والهجران، وتجنبوا التحقيق معها والتدقيق، وخصصوا لها أوقاتًا واهتموا بها عندما تحسن، ولا تركزوا على أخطائها؛ لأن هذا مما يزيد في الأخطاء، وابتعدوا عن التوتر والإحباط، وإظهار العجز وحشد الأخطاء، وإياكم وكثرة اللوم، ولا تقارنوها بغيرها، واكتشفوا جوانب تميزها، ونسأل الله أن يصلحها ويوفقكم.

وكم تمنينا لو أنكم تواصلتم منذ البداية؛ لأن الطفلة نالت مساحات في الدلال، ثم جاء الصغير فلم تحتمل سحب البساط، ونحن بحاجة إلى أن نمهد لأطفالنا قبل مجيء المولود الجديد، وعلى كل حال فنحن ننصح بما يلي:

1- كثرة الدعاء لأنفسكم ولها.

2- الاتفاق على خطة موحدة للتوجيه.

3- التغافل والإهمال للتصرفات المتكررة.

4- القرب منها واحتضانها لتأمينها.

5- تجنب مقاطعتها وهجرها؛ لأن هذه العقوبة لا تجدي في مثل هذه الأحوال.

6- إعطاؤها فرصة، ومطالبة المدرسة بفتح صفحات جديدة معها.

7- مشاركتها في اللعب، وتخصيص وقت لها وحدها.

8- التدرج في دمجها مع أخيها.

9- الإشادة بأي خطوة للأمام مهما كانت صغيرة.

10- الكلام عنها بطريقة حسنة، وأنها ممتازة، وأنكم تحبونها.

11- عدم التأثر لكلام الناس؛ حتى لا تزداد الضغوط عليك، وتنعكس على تعاملك مع الطفلة.

12- تغيير طريقة التعامل معها وتجنب الشدة والتوبيخ.

13- عدم إظهار الضعف والبكاء أمامها.

14- الاستمرار في التواصل مع موقعكم.

15- عدم إحراجها أمام زميلاتها، وعدم المسارعة في قبول شهادتهن عليها.

وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر، مع ضرورة فهم خصائص مرحلتها العمرية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً