الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشاهد نفسي كثيرًا في المرآة وأعاني من الشرود الذهني.. ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر 21 سنة، أعيش حياة عادية، لكني منذ 8 أشهر بدأ مجال تفكيري ينحصر في مجال محدود، أفكار تلتصق بعقلي مثلا، إذا جرى حوار بيني وبين شخص ما، سوف يراودني الحوار لأيام لا أستطيع طرده من عقلي، وسرت لا أتكلم بفصاحة أجهل طريقة الكلام مع الناس.

أتردد كثيرًا في اتخاذ القرارات، أشاهد نفسي كثيرًا في المرآة، أتحدث إلى نفسي كثيرًا، أتجاهل الحوار مع مجموعة من الناس، أكرر أفعال كثيرة، شرود ذهني، يدخل عقلي في دوامة من آلاف الأفكار، لا يمكنني التوقف, حتي ضميري الذي كان يؤنبني كثيرًا تخلي عني، لا أعرف ماذا يحدث معي! فأنا أحس الآن بآلام في جبهتي، وآلام في قلبي، فقدت كل أحاسيسي ومشاعري، لم أعد أشعر بالحياة.

أنا عالق في عالم ما، أجهل طريق العودة، أنا أتعذب نفسيًا وجسديًا، لم أصارح أحدًا، فأنا أعرف أنه سوف يأخذ الأمر بمهزلة، كيف لا، هل سيستوعب عقله هذه الحالة؟ لا أظن.

أرجو منكم أن تردوا على رسالتي، فأنا أمر بحلم شبه مزعج أعيشه رغمًا عني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد سيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ما تعاني منه ربما يكون نوعًا من اضطراب المزاج، وله أسباب عديدة، وهي التي تسببت في منعك من الاستمتاع بالحياة، والآن -الحمد لله- أدركت ذلك، وهذا نصف علاج المشكلة إذ أن التغيير ممكن إذا فكرت فيه بصورة جادة.

أولاً: نقول لك أنت ما زلت في ريعان شبابك، وما زال المستقبل -إن شاء الله- يوعد بالكثير، وما زالت فرص تحقيق الآمال والطموحات أمامك واسعة.

فنطلب منك أن تبعد شبح العجز، واليأس، والإحباط الذي خيم على قلبك، وفكرك، واستبدله بروح التفاؤل والنظرة المشرقة للحياة، فأنت مؤكد أن لديك العديد من القدرات والطاقات، فقط أنت محتاج لتفجيرها واستثمارها بصورة جيدة -وإن شاء الله- تصل لما تريد، انظر إلى حال من هم أضعف وأقل منك صحة وعلماً وقدرة ومهارة تعلقوا بالحياة، فأبدعوا فيها وحققوا الكثير من الإنجازات في مجالات حياتية مختلفة، فلمعت أسماؤهم وكبر شأنهم وصاروا من الأعلام، فما تم ذلك إلا بقوة عزيمتهم وإرادتهم ومثابرتهم.

ولتكن الظروف التي أنت فيها الآن بمثابة دافع للتغيير، وتذكر أن من وظائف الإنسان الأساسية في هذه الحياة هي عبادة الله تعالى، وتعمير الأرض بكل ما هو متاح، وممكن لإسعاد نفسه وإسعاد من حوله من الناس.

فاخرج من هذه الدوامة -الذي وضعت فيها نفسك واستسلمت لها – وبادر بوضع خطتك وتحديد أهدافك ماذا تريد؟ وما هو الإنجاز الذي تتمنى تحقيقه؟ وما هي المكانة التي تريد تبوؤها وسط أسرتك ومجتمعك؟ ثم قم باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك واستشر في ذلك ذوي المعرفة والعلم وأصحاب الخبرات الذين تثق بهم، وحاول اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك، واعتبر المرحلة التي تمر بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل.

والمطلوب منك فقط كيف تبدأ الخطوة الأولى وتستعين بالله تعالى وتتوكل عليه، ويكون لديك اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون.

فأي إنجاز ولو بسيط سيؤدي -إن شاء الله- إلى تغيير نظرتك عن نفسك، وإلى زيادة ثقتك بنفسك، ولا تقارن نفسك بالآخرين في أمور الدنيا، بل قارن نفسك بمن هم أفضل منك في أمور الدين وتتطلع لمكانتهم.

أخيراً نوصيك بالمواظبة على فعل الطاعات، وتجنب المنكرات والإكثار من الاستغفار، فإنه مفتاح الفرج.

وإذا لم تتحسن حالتك، ومنعتك هذه الأفكار من ممارسة نشاطاتك اليومية، فالأفضل الذهاب إلى أقرب عيادة نفسية، فربما تجد العلاج الذي يزيل عنك هذه الأعراض.

نسأل الله لك الشفاء العاجل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً