الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من ضعف الثقة بنفسي وقلة تقديري لذاتي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أنا فتاة في السابعة عشرة من عمري بمستوى الباكالوريا، أعاني من قلة الثقة بالنفس وانخفاض مستوى تقديري لذاتي، كما أنني لا أملك الشجاعة للدفاع عن نفسي، أو حتى إجابة من يكلمني بطريقة عادية، عندما أحس أنني محط أنظار الآخرين -و هو شيء أتوهمه كثيرًا- يحد ذلك من حريتي الشخصية، ويجعلني أفضل أن أبقى وحيدة على أن أخالط الناس.

أحياناً عندما أهم أن أفعل شيئًا جيدًا أتوهم أني لا أفعل هذا إلا إرضاء لأشخاص معينين (من لهم مكانة لدي أو يؤثرون فيّ) مهما كان ذلك الفعل حقيراً، ورغم عدم تواجدي رفقة أولئك الأشخاص في ذلك الحين.

لاحظت أيضًا أنني أتضايق عندما يتفوق علي شخص في شيء ما، ليس لأنني أغار منه (في غالب الأحيان) ولكن لأنني عند ذلك أحتقر نفسي وأؤنبها، وهذا الشيء جعلني أنفر من بعض الناس من حولي، ودفعني هو الآخر إلى تفضيل العزلة.

كما أعاني من الكسل والخمول، وتأجيل الأعمال، حتى أنني عندما أنوي صلاة العشاء أصاب بالفتور، وأغفو في كثير من الأحيان، ثم أضبط المنبه لأستيقظ ولو بعد دقائق معدودة. إضافة إلى عدم تنظيم الوقت، إذ أضيع وقتًا ثمينًا في لا شيء؛ مما يجعلني أصاب بالقلق خصوصًا عند اقتراب موعد الامتحانات التي قلما أكون مستعدة لها كما ينبغي، ومما يزيد الطين بلة مقارنتي لنفسي بالآخرين الذين أجزم -غيبيًا- أنهم قد استعدوا على أكمل وجه، فأصاب بالإحباط واليأس.

أريد الإشارة إلى أن أخوَيّ الأصغر مني سنًا يعانيان هما اﻵخران من الخجل وضعف الثقة بالنفس، ويحزنني كثيرًا أن يمرا بما مررت به نتيجة لهذا، وتقلقني فكرة أنهما قد يفعلا أشياء لا تحمد عقباها بغية إثبات نفسيهما خلال فترة المراهقة.

فماذا يمكنني أن أفعل؛ لأنمي بداخلهما الاعتزاز والثقة بالنفس قبل أن يفوت الأوان؟

أرشدوني أثابكم الله، فإنني أحس أنني أضيع شبابي دون أن أحقق ما لا يتسنى لي تحقيقه في غيره، وأخشى أن أتنازل عن مواقفي بسبب ما أعتبره مرضًا (ضعف الثقة بالنفس) يضع سعادتي في مهب الريح.

آسفة على الإطالة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا عما في نفسك وحياتك، أعانك الله، وخفف عنك ما أنت فيه من الصعوبات والتحديات.

لقد ذكرت في رسالتك العديد من الأمور، بعضها طبيعي لا غرابة منه، كالشعور بالغيرة من الناجحين والمتفوقين، فلذلك حاولي أن لا تشعري بتأنيب الضمير؛ لأن الغيرة -كشعور- إنما هي عاطفة إنسانية طبيعية، بشرط ألا تؤدي هذه الغيرة إلى إيذاء الآخرين أو التعدي على حقوقهم، ولا يبدو من سؤالك أن هذا يحصل ولله الحمد. وفي هذا الإطار فإن في بعض الغيرة بعض الإيجابيات، ومنها أنها تعطيك رسالة إلى بعض الجوانب التي ربما عليك تغييرها أو تطويرها عندك، كبعض المهارات والقدرات التي تقدم بها الآخرون.

وأما بالنسبة للرهاب الاجتماعي، فلا شك أن هذا يحتاج للعلاج والتغيير، ومن أهم طرقه هو عدم تجنّب مقابلة الناس، فالتجنب صحيح أنه يخفف عنك مؤقتا بعض التوتر والانزعاج، إلا أنه مع الوقت يضاعف مثل هذا التوتر والانزعاج، ويجعل المشكلة أكثر عنادا على العلاج والحلّ.

انتهزي فرصة مقابلة الناس، والحديث والتعايش معهم، وخلال فترة قصيرة ستشعرين بالكثير من الثقة بالنفس؛ مما يمكن من القيام ببعض الأعمال التي تجدين الآن صعوبة في القيام بها. فإذًا افعلي اليوم ما تستطيعين، ومن خلال الوقت ستجدين من نفسك القدرة على القيام بالأعمال التي أنت اليوم عاجزة عنها.

استعيني بالصديقات والأخوات الإيجابيات، واللاتي يتركن فيك الأثر الإيجابي والثقة بالنفس، وابتعدي أو قللي من التعامل مع السلبيات منهن، وممن تضعف من ثقتك في نفسك.

لقد ذكرت في رسالتك -مشكورة- بعض السلبيات عنك، ولكن أريدك وخلال الفترة القادمة أن تركزي أكثر على الإيجابيات الموجودة عندك، سواء في نفسك من صفات وخصائص، أو في الظروف المحيطة بك، فهذا مما سيسعينك كثيرًا على تجاوز المرحلة التي أنت فيها.

وفقك الله، ورزقك الإيجابية والحماس لما تريدين تحقيقه في حياتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً