الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من تصرفات مخطوبتي وتدخلات أهلها.. أشيروا عليّ

السؤال

الإخوة الزملاء أريد النصح والمشورة في مشكلتي التالية.

أعمل في الكويت، تمت خطبتي منذ 7 أشهر، تعرفت على خطيبتي خلال فترة إجازتي من خلال أحد أقاربي، وجلسنا معًا ثلاث مرات كتعارف، واتفقنا على أسس حياتنا؛ على أن نكون شركاء في كل شيء، وأن نستشير بعضنا البعض في أمور حياتنا، وأن نساعد بعضنا في أمور الحياة حتى الواجبات المنزلية.

تمت الخطبة، -والحمد لله- ونظرًا لارتباطي بعملي في الكويت قضيت معها فقط 3 أسابيع، وكل محادثتنا من خلال الهاتف، في البداية رفض أهلها استخدام الإنترنت في تواصلنا مع بعضنا من خلال البرامج المجانية مثل: الفايبر وغيرها، واحترمت رغبتهم في ذلك، ولكن بعد خطبتنا بدأت تظهر أشياء لم أكن أعرفها مثل: شرط أهلها عدم عملها بعد الزواج معي في الكويت، على الرغم من اتفاقنا أنا وهي على بناء حياتنا معًا، وعلى عملها بوظيفة محترمة حتى نبني حياتنا معًا، ونكون معًا طوال الوقت؛ نظرًا لغلاء المعيشة في الكويت، ولكنها غيرت رأيها بناء على رغبة أهلها، وشيء آخر أنها كانت مخطوبة قبل ذلك، ولم تقل لي صراحة.

كنت أعلم فقط أنه تم قراءة الفاتحة على أحد أقاربها، ولكن لم يكن هناك نصيب، ولم ألق بالاً بكل هذا، وتنازلت عنه؛ لأني أحبها، ولكن ظهرت أشياء جديدة مثل: جدالها المستمر، وعنادها، وعصبيتها، وعلو صوتها أحيانًا خلال محادثتنا، وبعض الأوقات أطلب منها شيئًا فترفض، وتقول:" أنت فقط خطيبي الآن، وبعد الزواج لك الطاعة المطلقة"، على الرغم من أن طلبي عادي، وليس ممنوعًا.

ولنكن على صراحة ونبني حياتنا على تفاهم، طلبت منها أن تخبر والدتها بأن أي قرار في حياتنا هو مسئوليتنا، ولن نقبل بتدخل أحد سواء من أهلها أو أهلي، وأي تعامل يكون معي أنا؛ لأني سأكون زوجها، ولكنها رفضت، وقالت: "ليس من حقك أن تقول ذلك الآن"، وتخاف على غضب والدتها، وأن من حقي فقط أن أقول هذا الكلام بعد الزواج، وإذا قلت لوالدتها أنا هذا الكلام سوف تكون هناك مشكلة من جانبها، وهذا يشعرني بتهديدها لي.

لا أعلم ما المشكلة التي تقصدها؟ وهي لا ترغب في الإفصاح عنها إلا إذا تحدثت مع والدتها؟

علمًا بأنها إنسانة متعلمة، وتصغرني بست سنوات، وملتزمة، وجميلة، وتحبني وأحبها.

الرجاء المشورة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُوفقك لكل خير، وأن يمُنَّ عليك بزوجةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: الذي يبدو لي أن هذه الأسرة قد تأثرت بالخِطبة السابقة، وأن هذه الخطبة ألقت بظلالها على هذه الأسرة، ولذلك أصبحت متحفظة أكثر من اللازم، سواء أكان ذلك من قِبل خطيبتك أو من قِبل أهلها، ولو نظرت إلى كلامها لوجدت أن فيه قدرًا من المشروعية والمنطقية، فإنك الآن ما زلت خاطبًا، والخطبة لا تُجيز لك أن تتكلم في تفاصيل الأمور؛ لأن هذه أمور يكون فيها الكلام بعد العقد، أما مجرد الخطبة فلا يحسن فيها مثل هذه المساحات الموسَّعة من الكلام؛ لأن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وليست زواجًا، ولذلك لم يعتبرها الشرع شيئًا.

فمن هذه الناحية الأخت لديها الحق في هذه القضية التي تتكلم فيها، والكلام فيها سابق لأوانه.

أما طريقة أسلوبها وطريقة الرد ورفع الصوت: فهذه مسائل تحتاج إلى إعادة نظر؛ لأن هذه المسائل قد تكون صفات شخصية، لا علاقة لها من الناحية الشرعية؛ لأن الشرع يحث على حسن الكلمة، وحسن العشرة، وعلى مراعاة الشعور واحترام الآخر، وعلى ضرورة أن المرأة تَسُرُّ زوجها بمنظرها وبكلامها وهيئتها، وإكرامها له، والصبر عليه، إلى غير ذلك.

فإن كنت ترى فعلاً أن تصرفاتها وكلماتها وصوتها المرتفع وشخصيتها لا تروق لك، وأن مثل هذه الشخصية شخصية عنيدة، وأنها دائمًا ترَدُّ الكلمة بعشر – كما يقولون – فأرى أن تُعيد النظر في أمرها؛ لأنه من المحتمل أن يكون هذا هو السبب في ترك خطيبها الأول لها؛ لأن بعض الرجال لا يقبل العنف حقيقة، ولا يقبل أن المرأة تكون كالنِدِّ له والخِصم في كل صغيرة وكبيرة، وأن ترفع صوتها عليه، وأن تحِدَّ في الكلام معه، وإنما يحتاج إلى امرأة مُطيعة هيِّنة لَيِّنة، خاصة وأن المرأة هذا هو طبعها الشرعي الذي جبلها الله عليه، ولا يختلف هذا الطبع حقيقة إلا بسوء التربية، أو بوجود أُمٍّ متسلطة في المنزل لها الكلمة العليا، وزوجها لعل ظروفه تسمح لها بذلك، فشعرت البنت بأن هذا هو الذي ينبغي أن يكون، وهذا هو الشيء الطبيعي أنها دائمًا تُناقش وأنها تُجادل وأنها لا تستسلم بسهولةٍ، وأنها تريد أن تتمسك برأيها، وأنها لا تريد أن تُكرم زوجها مثلاً بالتنازل إرضاءً له – وغير ذلك –.

هذه مسائل مزعجة حقيقة؛ لأن الزواج عشرة طويلة، ولا بد فيها من حسن الخلق والمودة والرحمة، فهي ليست شركة تجارية أستطيع أن أغلقها في يومٍ وليلةٍ، وإنما إغلاق هذه الشركة معناها الدمار ما بعده من دمار، فقد تتشتت الأسرة، وقد يضيع الزوج وتضيع الزوجة ويضيع الأبناء، وينتشر الإجرام في المجتمع، إلى غير ذلك من الآثار المترتبة على الطلاق.

أرى أن قول خطيبتك في مناقشتها لبعض القضايا: (هذا من حقك، ولكن بعد العقد) أرى أن هذا صحيح، أما التصرفات الشخصية والتي أرجو أن تُركز عليها؛ لأنها قد تُزعجك فعلا، وقد تكون هذه طبيعتها، وقد يكون أيضًا هؤلاء الناس على قدر من الفهم الصحيح للشرع لا يرغبون في أن تتكلم مع ابنتهم خلال هذه الفترة؛ لأنهم يرون أن هذا غير مشروع، وأنا شخصيًا حقيقة كانت لي ابنة لم أسمح لخطيبها أن يتكلم معها ولا كلمة، إلا بعد أن عقد العقد، فلما تبرم قال: (أنا أريد أن أتكلم) قلتُ له: الخِطبة يا ولدي لا تُجيز لك ذلك، وإنما إن أردت أن تتكلم معها فلا بد أن تكون عاقدًا عليها حتى تكون زوجة لك.

فإذًا هذا شيء طبيعي جدًّا من الناحية الشرعية؛ لأن طريقة الأسلوب وطريقة التعامل ينبغي أن تُعيد النظر فيها، فإن كنت تستطيع أن تصبر وأن تتحمل فتوكل على الله، وإن كنت ترى أنك لن تقبل مثل هذا الأسلوب فالنساء غيرها كثير.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً