الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصابة بالقولون التقرحي وعندي وسواس الخوف من السرطان

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة بعمر 24 سنة، لم يتبقَّ على زواجي إلا بضعة أشهر -إن شاء الله-، وفي الفترة الأخيرة مرضت ولم أعرف سبب مرضي!

علما أني مصابة بالقولون التقرحي المزمن منذ ثمان سنوات، ولكن -ولله الحمد- هو في حالة سكون تصل إلى السنتين تقريباً، ولا آخذ أية أدوية إلا (النتاسا).

أصبحت حياتي مؤخراً لا تطاق بسبب الوساوس والكوابيس التي سيطرت علي، إلى درجة أنني أصبحت لا أفارق المواقع الطبية، فليس هناك مرض إلا وقرأت عنه؛ لأني أصبحت أوسوس بمرض السرطان، وقرأت أنه ترتفع نسبة الخطر عند المصابين بمرض القولون التقرحي، فأصبحت أقرأ عنه حتى صدقت أنني مصابة بورم.

ذهبت إلي الطبيبة؛ لأنني -كما قلت- كنت مريضة والأعراض غير مفهومة، وكنت أحس أحياناً بثقل في المعدة، وحموضة أو حرقان سرعان ما يختفي، وأشعر بالتوتر الشديد عند السفر أو في الطريق الطويلة.

طلبت مني الطبيبة عدة تحاليل منها: صورة دم كاملة، وصورة ترسيب الدم، وتحليل دلالات الأورام، وتحليل الغدة الدرقية، وتحليل براز، والحمد لله النتائج كلها سليمة، كما قمت بعمل سونار، وكانت النتيجة سليمة –والحمد لله-، مع وجود بعض الغازات، كما لاحظت مؤخراً أن البراز قل حجمه، وأصبح رفيعاً، سمكه –تقريباً- سمك أصبع اليد.

هل البراز الرفيع يدل علي مرض ما، أم سببه الغازات في القولون، أم أن هناك احتمال الإصابة بالبوليبات؟

ماذا أفعل في الوساوس التي تسيطر علي، وتمنعني من أسباب السعادة والتمتع بهذه الفترة، خاصة وأن موعد زواجي قد اقترب؟

ما سبب ثقل المعدة أحياناً؟ علماً أن طبيبتي طلبت مني تحليل لميكروب المعدة، ولم تظهر النتيجة بعد، ولكن تحليل البراز كان أيضاً لجرثومة، واسم التحليل (pylori ag in stoo) والنتيجة سلبية.

ما هي نسبة خطر الإصابة بسرطان القولون؟ علماً أن طبيبتي أخبرتني أن من يتحول عندهم المرض التقرحي إلى سرطان هم نسبة قليلة.

بالنسبة للمنظار، هل يجب أن أخضع له بصفة دورية؟ وبعد أي فترة يجب أن أعمل فحصا بالمنظار؟ علماً أن آخر مرة كانت منذ سنتين، وكان القولون سليماً -والحمد لله-، ولا أعاني من أي التهابات، أو زوائد لحمية.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، واستشارتك واضحة جدًّا.

ما تعانين منه هو الجانب النفسي المرتبط بعلة القولون التقرحي المزمن، وهذه الحالات كثيرًا ما تكون مرتبطة بشيء من قلق المخاوف الوسواسي، ويكون هناك قلق، ومخاوف خاصة حول الأمراض، وأمراض السرطان على وجه الخصوص، ويحدث نوع من الفكر الاجتراري المتكرر ذي الطابع الوسواسي.

تفكيرك –أيتها الفاضلة الكريمة– لا أقول: إنه تفكير مبرر؛ لأن هذا ليس دقيقا، لكن –قطعًا- أنت كإنسان لديك وجدان، ولديك مشاعر، ويحدث شيء من التأثر النفسي والحساسية النفسية، لكن يجب ألا يكون الأمر بهذه الضخامة.

توكلي على الله، والرعاية الطبية تطورت جدًّا والحمد لله تعالى، واعرفي أن راحتك النفسية الحقيقية إذا ظهرت واجتهدت في ذلك، وهذا يساعدك حتى في تقليل نوبات تهيج القولون التقرحي.

الحالة يمكن أن نسميها بأنها حالة نفسوجسدية إلى درجة كبيرة، يعني أن الحالة النفسية تؤثر وتضخم وتزيد من الأعراض الجسدية، وحين تظهر الأعراض الجسدية بصورة واضحة وظاهرة ومزعجة يظهر المزيد من القلق، والمزيد من الوساوس والمخاوف.

اطلاعاتك وقراءتك عن مثل علتك؛ هذه –قطعًا- سوف تُثير لديك أيضًا المخاوف، وهو ما حدث لك وهو الخوف من مرض السرطان، والعلاقة بمرض السرطان والقولون التقرحي، حتى وإن كانت هناك مؤشرات تُشير إلى أنه قد توجد علاقة في حالات قليلة جدًّا، إلا أن الإنسان –مثل شخصك الكريم– لديه الاستعداد للقلق الوسواسي، والمخاوف؛ قطعًا سوف تؤثر وترسخ الفكرة لديك، وتكون فكرة مقتحمة ومستحوذة ومُلحّة.

هذه الفكرة يجب أن تُفتت، ويجب أن تُرفض، فتوكلي على الله، وسلي الله أن يحفظك، وداومي على متابعتك لطبيبك، وهذا هو الأمر المهم.

أنت مُقبلة على الزواج، وهذا حدث كبير وجميل وطيب في حياتك، فنسأل الله تعالى أن يكتب لك السعادة والزوج الصالح، فكوني إنسانة فعّالة، وإنسانة نشطة، وأحسني إدارة وقتك، وهذا هو المطلوب.

موضوع جرثومة المعدة: أمر شائع جدًّا، والحمد لله أنت ليس لديك هذه الجرثومة.

بالنسبة للأعراض الأخرى وهي أعراض القولون العصبي، ومنها: ظهور البراز الرفيع، والغازات، والتقلصات، هذا كله ناتج –قطعًا- عمّا يُسمى بالقولون العصبي، وهو حقيقة ليس عصبيًا، إنما عُصابي، والعصابية هي القلق.

أيتها الفاضلة الكريمة: قطعًا سوف تستفيدين كثيرًا أيضًا من أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف، ومنها عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، لكن لا أريدك أن تقدمي على تناول أي دواء دون الرجوع إلى طبيبك المعالج، طبيب الجهاز الهضمي، والذي سوف يقوم بفحصك دوريًا، وإن رأى أن الأمر يحتاج لتحويلك إلى طبيب نفسي فسوف يقوم بذلك، وإن لم يرَ ذلك فربما يصف لك بنفسه (السبرالكس)، أو أيّاً من الأدوية المشابهة التي يُعرف أنها فعالة جدًّا لعلاج قلق المخاوف الوسواسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

+++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة د. حاتم محمد أحمد استشاري أول في طب الأطفال.
+++++++++++++++++++++++

القولون التقرحي من الالتهابات المزمنة التي تصيب القولون، وتتسبب في أعراض متعلقة بالقيء، وتبعاً للأدوية التي تتناولينها فهي الأخف في سلسلة العلاجات المستخدمة في علاج القولون التقرحي، وهي أيضاً -أي النتاسا- يمكن أن تتسبب في مشكلات متعلقة بالجهاز الهضمي، وتتسبب في أعراض مثل: الألم، والحموضة، وعسر الهضم، وقد يضطر بعض المرضى إلى استبدالها بعلاجات أخرى.

يضاف إلى ذلك أعراض القولون العصبي والتي تصيب الكثير من الأشخاص سواءً كانوا يعانون من مشاكل صحية أم لا.

وكما ذكر لك الدكتور محمد عبد العليم، فالجانب النفسي له دور كبير في تفاقم الأعراض، كما أن الهوس والخوف من المشكلات البعيدة المدى التي يمكن أن تفاقم الأعراض، وتتسبب في مشكلات صحية قد تكون مزمنة.

بالنسبة لحجم البراز: لا توجد له علاقة بأي عرض محدد، ولا داع للقلق.

وأما ارتفاع نسبة سرطان القولون في الأشخاص المصابين بالتقرح القولوني، فهي نسبة ضئيلة جداً بالمقارنة بالأصحاء، فلا تقلقي، ولكن لا بد لك من المتابعة الدورية مع طبيب متخصص في مجال الجهاز الهضمي، وعادة ما يحتاج المريض الذي لا يعاني من أعراض إلى إجراء منظار على فترات متباعدة، ولكن إذا كان هناك أعراض متعلقة بالجهاز الهضمي فمن الأفضل إعادة المنظار.
أولاً: للتأكد من نشاط المرض.

ثانياً: لتحديد مدى الحاجة إلى علاج آخر.

ويمكن للطبيب أن يجري منظاراً علوياً في نفس الوقت؛ لتحديد سبب الحموضة والامتلاء بالمعدة، وفي غالب الأحيان تكون هذه المناظير سليمة، ولكن ستساعدك في التخلص من القلق والخوف.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • malkali

    الحمد لله

  • أوروبا الضاوية

    جزاكم الله علي هذا الشرح و النصيحة

  • ألمانيا ضحى المصري

    جزاكم الله خيرا كثيرا .هذه الاجوبة أفادتني جدا فأنا لد ي نفس الحالة..والله المستعان.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً