الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قلق وخوف مستمران.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 32 سنة، متزوج ولدي ابن وبنت، شهادتي جامعية، وأعمل في وظيفة مرموقة –والحمد لله- وأشتغل بالعقارات.

مشكلتي باختصار هي: أنني قلق طول الوقت، ويزداد الخوف عندي، وخصوصاً من الأمراض والموت بشكل مستمر، وأحس بتشتت وعدم تركيز، وعدم اتزان عند المشي، ونسيان غير طبيعي، وكأنني في حلم، وأنزعج بسرعة من الأصوات العالية أغلب الوقت، وعند قيادة السيارة، وعندي خوف من السفر، وأتمنى أن أسافر، وأتمشى أنا وعائلتي، لكن لا أستطيع، وأحس بعدم استطاعتي السيطرة على السيارة، أو بأنني سأخرج عن المسار، وأعمل حادثاً، وعندي ضيق أعلى المعدة وانتفاخات، وصعوبة في التجشؤ، وإحساس بأن لدي مشكلة وضيق بالتنفس، وأركز كيف أتنفس.

تأتيني نوبات هلع، خصوصاً في السيارة، وكأنني سوف أموت، أوً سيتوقف التنفس، وأيضا ذهب مني الشعور بوقت النوم، أو بأنني متعب أو مرهق؛ لأن القلق أخفى كل شيء طبيعي، فصرت مرهقاً ومتعباً طوال الوقت، ولا أحس بالنشاط والحيوية.

أتمنى أن تساعدوني، مع العلم بأني استشرتكم من قبل، ونصحتموني باستعمال دواء (سبرالكس وفلوناكسول)، واشتريت الأدوية مرتين، ولكن انتهت صلاحيتهما ولم أستطع تناولها؛ لخوفي الشديد من الانتكاسات، وخصوصاً (الفلوناكسول)، فعند قراءة تعليمات الدواء وجدت بأنه يسبب الموت المفاجىء عند نسبة قليلة من الناس، فلم أستطع تناوله.

أرجو منكم نصحي وتوجيهي، علماً بأن من حولي لم يلاحظوا عندي أي توتر أو قلق، علماً بأن الخوف يصاحبني منذ فترة المراهقة، لكن لم يكن بهذا الشكل، فمثلا كنت أخاف من مرض الإيدز فقط، وأخاف من الفحوصات، ولكن تطور الأمر وأصبح القلق مستمراً طوال الوقت، ولا أستطيع أن أستمتع بحياتي، ولا أحب أن أتكلم مع أي شخص في هذا الموضوع بصراحة، وأنا صابر لعل الله يشفيني من غير أدوية، فقد تعبت، وأريد أن أنطلق، وأرجع كما كنت سابقاً.

علماً بأن والدي مريض، وأتوقع أنه مريض بالقلق أو انفصام بالشخصية، ويستعمل دواء (ستلازين أو ستللاسيل) منذ زمن، وأنا تأثرت به في أيام المراهقة عندما علمت بأنه مريض، وكنت آتي له بدوائه من مصر، والآن يستعمل الدواء، ويمارس حياته بشكل طبيعي.

أرجوكم مساعدتي حتى أرجع إلى طبيعتي وأذهب للترفيه والمناسبات، وأسافر من غير خوف أو قلق، وأن أستمتع بحياتي مثل سائر الناس، وأن أُسعد من حولي.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fahad حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأيها -الفاضل الكريم-: أذكر استشاراتك السابقة تمامًا، وحالتك -أخي الكريم- واضحة جدًّا، والذي أتصوره هو أن قلق المخاوف والوساوس قد استدرجك لأن لا تتناول العلاج الدوائي، وذلك من خلال بناء فكرة التشكك حول سلامة الأدوية.

أخي الكريم: أنا أُقدِّر موقفك تمامًا، وأعرفُ ذكاء الوساوس، وكيفية حوارها للناس، وإقناعهم بما لا يعود عليهم بالمصلحة، خاصة فيما يخص علاجهم.

أخي الكريم: حقِّر هذه المخاوف وهذه الوساوس، واتبع ما ذكرته لك في الاستشارة السابقة من إرشاد، وأريدك أن تذهب إلى الطبيب النفسي، أو إلى طبيب الأسرة؛ ليصف لك الدواء.

فالدواء سليم، وأؤكد لك أنه إذا لم يكن سليمًا لن نصفه من خلال خدمة الكترونية، ولن يصرفه لك الصيدلي إذا كان حوله أي خلافات أو مخاوف حول سلامته، فاطمئن -أخي الكريم- تمامًا، لكن حتى تكون أكثر اطمئنانًا أرجو أن تذهب إلى الطبيب، ويصف لك (السبرالكس والفلوناكسول)، أو أي دواء آخر يراه الطبيب مناسبًا.

لا تحرم نفسك من نعمة العلاج -أيها الفاضل الكريم-، والتأخير في تلقي العلاج يُمكِّن المرض أكثر، -فالحمد لله تعالى- نحن الآن في زمنٍ أصبحت العلاجات متوفرة، وأصبحت نافعة وسليمة جدًّا.

بالنسبة لوالدك: أسأل الله له العافية، وبما أنه يستعمل الدواء، ويمارس حياته بشكل طبيعي، فهذه نعمة عظيمة جدًّا، وقطعًا حياة الناس -أقصد بذلك المرضى النفسيين- قد تغيرت تمامًا، خاصة الذين يلتزمون بالعلاج.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً