الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحب الحياة، فكيف أتخلص من الوساوس القهرية لأعيشها بسلام؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 25 سنة، أعاني من اضطراب الوسواس القهري منذ حوالي 8 سنوات، وأصابني في صور عديدة مع بداية التزامي، ومنه وسواس الموت، واستمر معي شهرا، حتى تغلبت عليه تماما -بفضل الله-، وبعدها وسواس العقيدة، واستمر شهرا أو أقل، -وبفضل الله- تغلبت عليه تماما.

وأيضا وساوس السرقة والوضوء، وتغلبت عليها في وقت قصير، وبلا علاج، ولم يبق إلا فكرة سخيفة تتردد في عقلي، ولا أعيرها أي اهتمام، ولا أصدقها، ولا أخاف منها، وليس لها تأثير علي.

منذ سنتين أخذت عقار بروزاك، وتحسنت في اليوم الخامس، واستمررت في أخذه، وما أن أكملت الشهرين من العلاج وقد تحسنت 90%، حتى انتكست حالتي، ولا أعرف لماذا؟

وأضفت إلى البروزاك السيبرالكس، وتحسنت كثيرا في وقت قياسي، ولكن -وللأسف- توقفت عن العلاج فجأة، وكنت لمدة 4شهور في حالة ممتازة، وبدون أدوية.

وحاليا حالتي انتكست، ورجعت الفكرة السخيفة تدور في دماغي، علما أنني لا أعاني من أفعال قهرية أبدا -والحمدلله-، فقط فكرة تدور في مخي، فهل أجد عندكم مساعدة؟ وهل ممكن التواصل مع أحد الخبراء عن طريق النت؟ وأتمنى أن تصفوا لي العلاج المناسب والذي مفعوله سريع، علما بأنني لا أعاني من اكتئاب -والحمد لله-، بل بالعكس فأنا أحب الحياة، وعندي رغبة شديدة أن أوقف هذا الوسواس، لأتمتع بكل لحظة في حياتي، أرجو الرد والمساعدة، وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لومي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

حالتك -إن شاء الله تعالى- حالة بسيطة، وهي حالة وساوس قهرية، وهي وساوس أفكار أكثر من أنماطٍ وأفعالٍ وسواسية، والأفكار تستجيب للعلاج بصورة أسرع وأفضل، ولا شك في ذلك.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا بد أن تعتمدي اعتمادًا كبيرًا على المبدأ السلوكي الذي يقول أنه من الضروري تجاهل الأفكار الوسواسية، وتحقيرها، وعدم الانصياع لها، وإغلاق الطريق أمامها، وعدم مناقشتها، حتى لا يدخل الإنسان فيما يُعرف بالحوار أو النقاش الوسواسي، وهو لا يقود إلى أي شيء، بل على العكس تمامًا، يؤدي إلى تكاثر وتكاثف وتشعب وزيادة إطباق الوساوس. فاعتمدي على مبدأ التحقير التام للوسواس.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أقول لك أن الفلوكستين – أو البروزاك – هو الأفضل لأنه دواء سليم وفاعل، لكن كثيرًا جدًّا من حالات الوساوس تحتاج للجرعات الوسطية أو الجرعات الكبيرة نسبيًا، وجرعة البروزاك هي من كبسولة واحدة في اليوم إلى أربع كبسولات، هذا الحيِّز العلاجي يعتبر سليمًا.

معظم مرضى الوساوس يحتاجون لكبسولتين إلى ثلاثة في اليوم، على الأقل في المرحلة العلاجية المكثفة، أما في مرحلة الوقاية فيمكن أن تكون الجرعة كبسولة واحدة في اليوم، أو حتى كبسولة واحدة كل يومين.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: ابدئي في تناول البروزاك بجرعة كبسولة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعليها كبسولتين في اليوم، وهذه يجب أن تستمري عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، وبالتزام تام.

بعد ذلك انتقلي للمرحلة الوقائية، وهي تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، بعد ذلك اجعلي الجرعة كبسولة يومًا بعد يوم لمدة ستة أشهرٍ، ثم يمكنك أن تتوقفي عن تناوله.

هذه هي الطريقة الأفضل والمُثلى، والتي تضمن لنا -إن شاء الله تعالى- أن كيمياء الدماغ عندك سوف تظل متوازية ومتوازنة، مما لا يُعطي أي مجال للوساوس، وفي ذات الوقت ادعّمي آلياتك السلوكية لمقاومة الوساوس، لأن هذا يمنع الانتكاسات المستقبلية.

البروزاك دواء سليم، غير إدماني، وليس له أي أضرار، ولا يؤثِّر على الهرمونات النسائية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا رغودي

    مشكور جدا عالتوضيح ..
    ونسأل الله العافيه والصحه للجميع

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً