الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس رهاب و قلق... فكيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أصبت بالوسواس القهري منذ (22) شهراً، ومرت علي وساوس كثيرة، أول وسواس كان وسواس المرض النفسي، خيّل إلي أني أصبت بمرض نفسي، فلم أعد أستطع الخروج من المنزل مع خمول عام، ودخلت في حالة اكتئاب لمدة (4) أيام تقريباً، لم أكن أستطع الأكل، ولا الخروج من المنزل.

وبعد مرور (4) أيام، صارحت أهلي بما أحس به من معاناة، وطلبت منهم أن يأخذوني إلى طبيب نفسي، فما كان منهم إلا أن رفعوا من معنوياتي، فكان ذلك أول يوم أخرج فيه من المنزل، رغم أن وسواسي كان يقول لي: سيضيق صدرك في السيارة، على كل حال خرجت رغم حالتي النفسية، وبعد يومين كان لا بد لي من الذهاب إلى لجامعة، وكان عندي امتحانات كثيرة في يوم واحد، وعدم ذهابي يعني الرسوب، وبالتالي الطرد.

رفضت الذهاب، فقد كان شغلي الشاغل آنذاك هو الذهاب إلى طبيب نفسي، أما الدراسة بالنسبة لي فكانت شيئاً منتهياً، فكيف يعقل أن مريضاً نفسياً يدرس؟ لكن بإلحاح وتشجيع من الأهل ذهبت إلى الجامعة، واجتزت امتحانات ذاك اليوم، رغم ضيق صدري ووسواسي.

في ذلك اليوم في الجامعة، وبعد مرور كل ساعة أو حتى كل دقيقة، كانت معنوياتي ترتفع رغم كل ما كنت أشعر به، بعد ذلك بيوم ذهبت إلى طبيب عام، وشرحت له حالتي بالتفصيل، فقال: إنني لست بحاجة إلى طبيب نفسي، وصف لي دواء اسمه (ستريس و فيتامين س) شعرت بعدها بتحسن، وأصبحت مقبلاً على الحياة، ولم أعد أهتم بكثير من الأشياء التي كانت تشغل بالي، كنظرة الناس إليّ، بل تخلصت من الخجل الذي كان يؤرق حياتي.

بعدها بفترة عاودني وسواس هو وسواس السرطان، ثم وسواس الموت، ويخف الوسواس فور الذهاب إلى الطبيب، وإخباري بأنني سليم.

حالياً يؤرقني وسواس الرهاب الاجتماعي؛ فأحس بالدونية، وأحزن إن مزح معي أحد مزاحاً لم يعجبني، وأُكثر من التفكير فيما قال لي، وماذا كان يجب عليّ فعله في ذلك الحين ولم أفعله، بل أصبحت عدوانياً عنيفاً في بعض الأحيان، وفي بعض الحالات أحس أن أشخاصاً يراقبونني؛ لذلك تكون نظراتي حادة في بعض الأحيان، سواء برغبتي أو بدونها، ومن الطبيعي أن يستغرب الناس الذين أنظر إليهم تلك النظرات الحادة، رغم أن ذلك يحدث رغماً عني، كما أني قلق من كل شيء، وعندي رهاب من أماكن معينة دون أخرى، من أشخاص معينين دون آخرين.

أنا أحس أني إذا وصلت إلى الحالة الأولى التي كنت عليها عند إصابتي بالوسواس، وقمت بنفس مراحل العلاج فإني سأكون على ما يرام.

أعرف أن هذا غير منطقي، لكنني أحببت أن أنقل لكم الصورة كاملة، وأتمنى أن تصفوا لي علاجاً سلوكياً، أو روحانياً كالرقية الشرعية؛ أحس أن ذلك سيكون أفيد لي من العلاج الدوائي.

بارك الله فيكم، وجعل ما تقومون به في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ MOHAMED حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، ورسالتك واضحة جداً، وأقول لك الذي استطعت استنباطه والوصول إليه: أنك بالفعل تعاني من مخاوف وسواسية، يضاف إليها ظنون شكوكية من الدرجة البسيطة، وهذه الحالات -أخي الكريم- تعالج سلوكياً من خلال تجاهل الأفكار الوسواسية، وتحقيرها وعدم اتباعها.

والعلاج السلوكي الآخر هو: حاول ألا تناقش هذه الأفكار حين تأتيك، واستعذ بالله تعالى منها، وألفت انتباهك إلى شيء آخر أو إلى فكرة أخرى أو إلى أي نشاط مختلف تماماً عن هذه الفكرة.

لا بد أن تستثمر الوقت بصورة صحيحة؛ لأن وجود الفراغ الزمني أو الذهني يجعل هذه المخاوف وهذه الوساوس وهذه الشكوك تزداد عند الإنسان.

عليك بممارسة الرياضة الجسدية، فهي مفيدة جداً، وكذلك تدرب على تمارين الاسترخاء، خاصة الاسترخاء التدريجي، وهناك برامج كثيرة موجودة على الإنترنت، أو يمكنك أن ترجع إلى استشارة إسلام ويب برقم (2136015)، أو يمكنك أن تذهب إلى الطبيب النفسي وهذا أفضل.

النقطة العلاجية الأخرى، وهي مهمة جداً: هي العلاج الدوائي، فهذا النوع من الوساوس يحتاج إلى الدواء، ويستفيد من العلاج الدوائي بصورة ممتازة جداً، فتحتاج إلى عقار يسمى (زيروكسات سي أر)، ويسمى في المغرب (ديروكسات)، وتحتاج أيضاً إلى جرعة صغيرة من عقار يسمى (رزبيريدوان) ومدة العلاج لا تقل أبداً عن ستة أشهر، فأرجو أن تذهب وتقابل الطبيب، وإن شاء الله –تعالى- سوف يصف لك الدواء.

بالنسبة لموضوع الرقية الشرعية، قطعاً الرقية الشرعية مهمة ونافعة، وهي جزء من الحزمة العلاجية، لكن لا أقول لك قف فقط عند الرقية الشرعية، فهي عظيمة -لا شك في ذلك- لكن لا بد أن تأخذ الأسباب العلاجية الأخرى، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها جميعاً.

أخي الكريم: إن لم تستطع الذهاب إلى الطبيب، فجرعة (الزيروكسات) التي تتناولها هي: أن تبدأ بـ (10) مليجرام، أي نصف حبة تتناولها ليلاً لمدة (10) أيام، بعد ذلك تجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين ليلاً، وتستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أما عقار (رزبيريداون) فتتناولها بجرعة (1) مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها (2) مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم (1) مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، وهذه أدوية فاعلة ومفيدة، لها بعض الآثار الجانبية البسيطة؛ فقط تؤدي إلى فتح شهيتك للطعام، وفي الوقت ذاته قد تحس بشيء من النعاس البسيط في أيام العلاج الأولى، فهي أدوية سليمة، أضف أيضاً أن (الزيروكسات) بالنسبة للمتزوجين ربما يؤدي إلى تأخر في الإنزال أو القذف المنوي، لكنه لا يضر أبداً بالصحة الإنجابية عند الرجل أو المرأة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً