الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لازمني الرهاب الاجتماعي لسنوات وزادت أعراضي مع إصابتي بجرثومة المعدة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أسأل الله لكم التوفيق والسداد وأن ينفع بكم، وجدت التميز هنا بالطرح ومساعدة الآخرين، وأحببت أن أعرض لكم مشكلتي وتكونوا عونا لي بعد الله على حلها.

عمري 30 عاماً، متزوجة، أنا إنسانة اجتماعية بشكل ملحوظ في وقت دراستي، ولي معارف كثر، تخرجت من الجامعة وجلست في المنزل بعد تخرجي، أصبت بالرهاب الاجتماعي ولي تسع سنوات وأنا أعاني منه، يحصل عندي ارتباك وتوتر وخجل من اللقاء، لكن سرعان ما يزول بعد الجلوس للحظات مع الضيوف، تزوجت وأصبحت مجبرة على مواكبة المجتمع، كنت أعاني لكن تحسنت كثيرا، والاضطرابات سرعان ما تزول.

اﻵن مكثت في المنزل فترة بسبب مرض ولدي وانتكست، أصبحت بعيدة عن المجتمع، أحسست بأعراض أشد من قبل، خفقان وتوتر وقلق، ورغبة في البكاء، شعور يرهقني، أصبحت بعيدة عن الناس مع أنها عند اللقاء تختفي الأعراض تدريجياً، لكن يمكن أن تعود لي أثناء الجلسة، وأشعر أني سأبكي وأتهرب بالذهاب لدورة المياه.

وقبل فترة حصل عندي هبوط في الضغط، وأحسست بخوف وكأن الموت أتاني، وأصبحت في حالة سيئة جدا، وهذا الشعور أثر علي بشكل كبير، أصبحت مهزوزة وعندي ملل من الحياة، ودائماً أفكر بالموت وأن الحياة لا قيمة لها.

وبعدها اكتشفت أن لدي جرثومة في المعدة، وقد تكون زادت علي اﻷعراض، ويمكن أنه قد ساعد هذا الشيء وجود الرهاب لدي مسبقاً، أنا حالياً أتعالج من الجرثومة، لكن عندي قلق أتعبني، أصبحت عندما يأتي زوجي من الخارج أتوتر وأرتبك، ومشاعر كئيبة تأسرني.

ما رأيك بكبسولات سانت جونز، هل تنفع لحالتي؟ أنا اﻵن أستخدم 300 جم ثلاث مرات باليوم هل أستمر عليها؟ وكم المدة؟ ولو حصل حمل أأوقفها أم أستمر؟ وإن كان هناك دواء آخر تنصحني به، هل أستطيع صرفه من دون وصفة طبيب؟

أتمنى اﻹجابة جزاكم الله خيرا، ولكم مني جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك -إن شاء الله تعالى- بسيطة وإن كانت مزمنة بعض الشيء، لديك قلق الخوف الاجتماعي ولكنه من درجة بسيطة، ومن الواضح أن الزواج ساعدك كثيرًا في كسر شوكة هذه المخاوف؛ لأن الزواج والحياة الزوجية ومتطلباتها بالفعل هي وسائل تأهيلية ممتازة جدًّا للتخلص من الرهاب الاجتماعي، وتطوير الذات، والإكثار من التواصل الاجتماعي.

بعد مرض ابنك – شفاه الله – اضطررت قطعًا أن تكوني مرافقة له ممَّا قلل من نشاطاتك الاجتماعية، وهذا قطعًا انعكس عليك سلبًا، وأصبحتْ تأتيك المخاوف متى ما فكرت في الخروج من البيت، وهذا هو التاريخ الطبيعي للرهاب الاجتماعي.

الرهاب الاجتماعي يرتبط ارتباطًا أساسيًا بنوعية الأنشطة الاجتماعية التي يقوم بها الإنسان، لذا ننصح الإخوة والأخوات الذين يتعالجون من الرهاب الاجتماعي بأهمية تكثيف التواصل الاجتماعي، وأن يكون هو الوسيلة الوقائية المهمة.

أيتها الفاضلة الكريمة: طبّقي ذات المنهجية العلاجية السابقة، أكثري من التواصل الاجتماعي، زوري أرحامك، زوري المرضى في المستشفيات، اذهبي إلى المناسبات الاجتماعية كالأعراس وخلافه، ومن المهم جدًّا أيضًا أن يكون لك نشاط اجتماعي مُلزم، مثلاً: كالذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن مرة أو مرتين في الأسبوع، هذا نشاط اجتماعي مُلزم، وفيه فائدة كبيرة جدًّا؛ لأن نوعية التفاعل الاجتماعي الذي يحدث في مثل هذا النشاط قطعًا ذات فائدة كبيرة جدًّا فيما يخص تطوير الذات، وإزالة الخوف والتوتر.

المهم هو ألا تنساقي وراء مخاوفك أبدًا، وأريدك أن تُصححي من مفاهيمك. كثير من الإخوة والأخوات الذين يعانون من الخوف الاجتماعي يحسُّون بشيء من الفشل، أو الهزيمة، أو افتقاد السيطرة على الموقف حينما يكونوا مع الآخرين، لذا تجدينهم يميلون إلى الانزواء والابتعاد. أنا أؤكد لك أنه لن يحدث لك أي شيء خلال هذه المواقف الاجتماعية.

أريدك أيضًا أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس التدريجي.

بالنسبة للعلاج الدوائي أراه مهمًّا، وأراه مفيدًا، وأراه غيَّر حياة الناس تمامًا.

استعمال عُشبة (سان جون): لا أقول: إنها لا تفيد، لكن لدي تحفظات أساسية حول فعاليتها، لذا أنا أنصح باستعمال الأدوية التي أُثبتتْ جدارتها في علاج المخاوف الاجتماعية، وهنالك ثلاثة إلى أربعة أدوية، من أفضلها الـ (زيروكسات Seroxat) والذي يسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، أو الـ (زولفت Zoloft) والذي يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، أو عقار (سبرالكس Cipralex) والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، كلها جيدة وممتازة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا أعتقد أن هذه الأدوية أفضل من عُشبة سان جون، وهي أيضًا سليمة، ولا شك في ذلك، أنا أفضل أن تتوقفي عن هذه العُشبة وتبدئي في تناول أحد الأدوية التي ذكرتها لك، وقطعًا ذهابك إلى الطبيب سوف يُطمئنك كثيرًا في هذا السياق.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً