الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا واجهتني صعوبات أو مشاكل أضجر وأحبط ويتغير سلوكي، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من مشكل كبير منذ 3 سنوات، أرى أنه سبب في تعرقل حياتي، وعدم تقدمي ووصولي لأهدافي، وهو كالتالي:
أسعى دائما في حياتي للأفضل، مثلا في الدراسة أحاول أن أكون متميزا أو في الرياضة أو الالتزام يعني أسعى للمثالية، وتأتي مرحلة أواجه صعوبة أو ما شابه فأضجر وأحبط، وأتجه مباشرة لممارسة العادة السرية بدون شهوة، ثم أتبعها بأكل جنوني؛ فيسبب لي السمنة، وزيادة حتى (5) كيلوجرامات في أسبوع واحد، ويستمر بي هذا الحال أحيانا (3) أيام، فأضيع الصلاة، ولا أراجع دروسي، فمستواي في هبوط خاصة أنني من الطلبة الأوائل، حتى إن سلوكي يتغير. ثم أعود من جديد إلى الانضباط: أصلي، وأدرس جيدا، وأمارس الرياضة، ثم بعد مدة قصيرة أعاود الكرة.

أحيانا بسبب شهوة أمارس العادة السرية، فأتبعها بأكل جنوني كالعادة، فأتوقف عن كل ما هو مفيد، وتتوقف حياتي، وما أتعبني حقيقة هو أنني في كل مرة أقول: لن أفعلها، لكني عند لحظة القلق تلك لا أبالي أبدا بالعواقب، وكل همي هو الخروج من تلك الحالة.

سؤالي: هل هذا مرض نفسي أم ماذا؟ ما اسم هذا المرض؟ وما هو الحل؟ هل هو الذهاب لطبيب نفسي؟

أرجو منكم جوابا؛ لأني في معاناة دائمة وتأنيب ضمير.

والسلام عليكم، وتقبلوا تحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا بهذه الأسئلة.

لا أسمي هذا بالضرورة مرضا نفسيا، وخاصة أني لم أرك لأقوم بفحص وتقدير حالتك النفسية، وهذا لا يعني أنه لا توجد مشكلة نفسية، فالمشكلة أو الصعوبة النفسية شيء والمرض شيء آخر.

لعلي لا أخطئ أن أقول: أن لبّ المشكلة قد تكمن فيما ذكرت في أول رسالتك من أنك دوما تميل إلى الأفضل حيث أن بعض الناس يعانون مما نسميه الميل أو النزعة للكمال (perfectionism) حيث يميل الشخص في كل شيء يعمله إلى أن يكون (كاملا) والكمال لله تعالى.

وهناك احتمال أنك عندما تجد صعوبة في تحقيق هذا (الكمال) أو هذه المثالية فإنما تبدأ سلسلة التحرر من الالتزامات المختلفة وتجد نفسك تقوم بعدد من الأعمال التي تحاول عادة تجنبها كالعادة السرية، وتناول الكميات الكبيرة من الطعام، وترك الرياضة، وترك الدراسة...، وخاصة العادة السرية حيث ربما تشعر بعدها بعدم (الطهارة) مما يجعلك تتساهل في موضوع الصلاة.

وبصراحة، وبالرغم من صعوبة هذا الميل الذي يصل إلى حدّ الوسواس القهري، إنما هو -وبحسب بعض التحليلات النفسية- هروب من العمل والواجب الذي على الإنسان القيام به، وهذا ما يحصل في نهاية الأمر وفي الواقع العملي. فكيف العمل؟

أمامك طريقان:

الأول: أن تقتحم مجالات الحياة والعمل، وأن تقبل على الدراسة وغيرها وحتى النصف (مطبوخة) وتبتعد عن الرغبة في أنك تريده عملا كاملا، نعم اقبل بأنصاف الحلول، فهذا أفضل من لا حلّ بالمطلق! ودرّب نفسك شيئا فشيئا على أن تقوم بالأعمال غير المتقنة 100%.

الثاني: طريق العلاج النفسي، من خلال الجلسات العلاجية، التي يمكن أن تخفف عنك بعض أعراض هذا الميل للكمال.

وإن كنت أعتقد أنه يمكنك القيام بكل ما سبق من نفسك، ولكن إن طال الأمر ولم تجد التحسّن الملحوظ أو المطلوب، فأرجو أن لا تتردد في طلب الاستشارة النفسية.

وفقك الله ويسّر لك تحقيق طموحاتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً