الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس أن الناس يكرهونني ويرمونني بالبدعة والمعصية.. هل أنا كذلك؟

السؤال

أنا إنسان مريض بالوسواس القهري.

مع كوني إنسانًا صالحًا وتقيًا -إن شاء الله- وأقوم بواجباتي، وأخلاقي حسنة –إن شاء الله-، وأجتنب الحرام، وألتزم التوبة؛ إلا أنني أحس أن الناس يكرهونني ويثنون عليّ ثناءً سيئًا، ويقولون لي: إني عاصٍ ومبتدع و....و....

ما معنى هذا؟ وهل أكون مثلما قالوا؟ وهل يكون هذا سببًا لدخولي النار؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسِّر أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يجعلك خيرًا مما يظُنّ الناس بك، وأن يرزقك الهداية والاستقامة والصلاح، وأن يجعلك من صالح المؤمنين.

وبخصوص ما ورد برسالتك؛ من أنك مُصاب بوسواس قهري رغم صلاحك واستقامتك، وتجتنب الحرام وتلتزم الطاعة، إلا أن الناس يُسيئون الظن بك، وتسأل: هل تكون مثلما قالوا؟ وهل يكون ذلك سببًا لدخولك النار؟

أقول لك -أخي الكريم الفاضل-: أهم شيء مرضاة الله تبارك وتعالى أولاً وآخرًا، فإذا كنت فعلاً على علاقة حسنة مع الله تبارك وتعالى وتفهم ما تقوم به من الدين، بمعنى أنك تلتزم بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا تأتي بأشياء ليس لها أساس في السنة، وإنما تلتزم بكلام الله تعالى وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فلا تُلق بالاً لأحد، ولا تلتفت لأحد، ودع الناس يقولون ما شاءوا، وهؤلاء الناس هم الخاسرون؛ لأنهم يتصدقون بحسناتهم عليك، فهؤلاء مثلهم كمثل الذين يسبُّون أبا بكر وعمر.

أبو بكر وعمر -رضي الله تعالى عنهما- كما تعلم هم كبار صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- وهم أفضل هذه الأمة بلا نِزاع بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ورغم ذلك هناك من يسبُّهم ليلاً ونهارًا، هل معنى ذلك أنهما كانا ليسا على صلاحٍ وتُقى؟ الجواب: لا، ولذلك أهم شيء أن تكون على الحق، وأن تكون عبادتك صحيحة موافقة للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة – عليهم رحمة الله تعالى ورضوانه – ولا تُلق بالاً لأي أحدٍ بعد ذلك كائنًا من كان.

الوسواس القهري كما تعلم له علاج وإن كنت أنت لم تتكلم عنه، ولكن له علاج طبي الآن، تستطيع -بإذن الله تعالى- بالاستعانة بعد الله تعالى بأحد الأخصائيين النفسانيين أن تخرج من هذه المحنة -بإذن الله تعالى- في أسرع وقت.

تقول: هل تكون مثلما قالوا بأنك مُبتدع وغير ذلك؟ الجواب: ليس كذلك، المهم - كما ذكرت - لك المنهج.

هل يكون ذلك سببًا في دخولك النار؟ الجواب: شهادة الناس كلهم جميعًا لن تُغني، لن تنفعك ولن تضرك ما دمتَ على الحق؛ لأن الله تعالى قال: {إن إبراهيم كان أُمَّة} وإبراهيم – عليه السلام – كان شخصًا واحدًا، وكل الناس اتهموه بالباطل، ولكنَّ الله تبارك وتعالى قال عنه: {واتخذ الله إبراهيم خليلاً}.

أقول: أهم شيء أن تكون على منهج صحيح، مُطبقًا للكتاب والسنة بفهم سلف الأمة الأخيار –رضي الله تعالى عنهم– بعد ذلك لا تشغل بالك؛ لأن هؤلاء الذين يتكلمون فيك ويُسيئون إليك قد يكونون من أهل البدع، وقد يكونون من أهل الغفلة، وقد يفعلون ذلك حقدًا وحسدًا لك، فأنت لا تلتفت وراءك – باركَ الله فيك – واعلم أن هذا كله لا يُقدِّم ولا يؤخر بالنسبة لقضية الجنة أو النار؛ لأن الجنة والنار بيد الله، والله تبارك وتعالى يعلم المُصلح من المفسد، ويعلم المحسن من المُسيء، ويعلم الصادق من الكاذب، ويعلم الصالح من الطالح، ويعلم المؤمن من الكافر، ويعلم الذين صدقوا من المنافقين، ولذلك لا يُعتدُّ حقيقة بشهادة الناس، خاصة وأن الناس - كما ذكرت– قد يكونوا مجاملين، وقد يكونوا حاقدين أو حاسدين، ولكن أهم شيء -أخي الكريم الفاضل- أين أنت من الله رب العالمين، ومن سنة النبي الأمين؟

أسأل الله أن يصرف عنك الوسواس القهري، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يردَّ عنك كيد هؤلاء، وأن يثبتك على الحق، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً