الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدود طاعة الأبناء للآباء في المعروف وما يحبه الله ويرضاه

السؤال

السلام عليكم..

إذا كان الأب سيئا، فهل يجب على البنت أو الابن أن يطيعوه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwaحفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُصلح ما بينكم وبين والدكم، وأن يُصلح لكم والدكم، وأن يجعله من الصالحين ومن عباده المقربين، وأن يجعلكم جميعًا من سعداء الدنيا والآخرة.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-:

فإنه مما لا شك فيه أن مقام الأبوة عظيم، حتى وإن كان الأب على غير الإسلام، ولعلك سمعت قول الله تعالى: {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعمهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، فنحن مطالبون –يا بُنيتي– بحسن الصحبة للوالدين، حتى وإن كانا على غير الإسلام، ولقد علمنا الله تبارك وتعالى كيف نتعامل مع الوالدين عندما قال: {إما يبلغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (رضا الله من رضا الوالدين، وسخط الله من سخطهما) ويقول -صلى الله عليه وسلم- أيضًا: (لا يدخل الجنة عاق).

فإذًا هذه النصوص كلها تدل على خطورة عقوق الوالدين وعدم طاعتهما، إلا أن الطاعة –يا بُنيتي– مشروطة بشرطٍ آخر، وهي قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف) وقوله -صلى الله عليه وسلم- كذلك: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).

فإذا كان الوالد سيئًا مهما كان سُوؤه، حتى لو وصل لدرجة الكفر، إلا أنه يأمرك بشيءٍ ليس حرامًا فيجب عليك أن تُطيعيه فيه، أما لو أمرك بشيء محرم -وإن كان صالحًا وإن كان صحابيًا- فلا تطيعيه.

إذًا ليست الطاعة مطلقة، وليست مُقيدة بقيد أكثر من القيد الشرعي، فالقيد الشرعي هو: (الطاعة في المعروف)، فلو أن والدك طلب منك أن تُعدِّي له طعامًا، فهذه طاعة في المعروف، والدك أمرك أن تحافظي على الصلاة، والدك أمرك مثلاً أن تشتري شيئًا معينًا من الأشياء المباحة، والدك طلب منك أن تذهبي إلى مكانٍ معينٍ من الأماكن المشروع الذهاب إليها، أي طلب يطلبه منك الوالد أو الوالدة ما دام ليس هناك فيه مخالفة للشرع فيجب عليك السمع والطاعة ما دمت قادرة.

وإن كنت لا تستطيعين فاعتذري له، أما أن ترفضي كلامه بالكلية لأنه سيء؛ فهذا الكلام –يا بُنيتي– خطر وليس صحيحًا، واعلمي أن الذي تفعلينه مع والديك سوف يفعله بك أبناؤك في المستقبل، كما في الأثر: (بَرُّوا آبائكم تبرُّكم أبناؤكم).

فأنا أوصيك أنت وأخيك بطاعة الوالد حتى وإن كان على غير الإسلام، ما دام يأمركم بأشياء ليست محرمة، أما إذا أمر بأشياء محرمة فكما ذكرتُ لك: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وهذه قاعدة عامة ضعيها نصب عينيك أنت وأخيك، وإياك أن تُخالفي هذا الأمر، لأن غضب الوالدين يؤدي إلى غضب الله تبارك وتعالى عليكما، وإذا غضب الوالد عليكما فلعلَّ ذلك أن يكون السبب لتعاستكما في الدنيا وعذابكما في الآخرة.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً