الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالتي النفسية سيئة وكرهت الوظيفة.. لا أدري ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
دكتور: محمد عبد العليم تحية طيبة، وبعد:

أشكركم على هذا الموقع المبارك، وجعله الله في موازين أعمالكم، وجزى الله العاملين عليه كل خير.

أود أن أطرح عليكم مشكلتي، وهي أني أواجه صعوبة في الاستمرار في أي عمل أجده، وأكره فكرة العمل بسبب الحالة المصاحبة لأي وظيفة أعمل بها من ضيق، وهم، واكتئاب.

علمًا أني أظل فترات طويلة بدون وظيفة مما يزيد الضغط عليً، وأجد نفسي إنسانًا محبطًا، وثقتي في النجاح صعبة؛ مما سبب لي عدم الثقة بنفسي، وأنعزل وأخشى المواجهة، وأقلل الاجتماعات، وأخشى المناسبات إلا الضرورية، والواجب حضورها، وأتمنى أن أعمل بوظيفة مثل غيري.

علمًا أنه مرت عليّ عدة تجارب بعد تخرجي من الثانوية، وهي العمل بوظيفة سنة ونصف وبعدها تركت الوظيفة، والتحقت بمعهد درست فيه لمدة سنتين، ثم لم أجد وظيفة بعد التخرج إلا بعد سنة تقريبًا، ولم أستمر بها إلا أسبوعًا وتركتها، ومن حينها بدأت معي حالة الاكتئاب، والهم والغم والحزن، والخوف فترة ليست بالقصيرة.

بعد سنة عرض عليّ أحد أصدقائي وظيفة، وقلت لم لا أجرب بعد زوال الخوف من التجربة السابقة؟ فإذا بنفس الحالة والأعراض، بل أشد! ومن بعدها كرهت العمل، ومحوت فكرته من رأسي، والتحقت بمعهد آخر لأدرس فيه، والدراسة نظري وعملي، والجزء العملي لا بد من إتمامه في منشأة خارج المعهد، فتم الاختيار في المكان الذي خضت فيه أول تجاربي الوظيفية غير الناجحة، فلم أستطع الاستمرار، فحصل أن تركت الدراسة والمعهد على آخر ترم، أي التخرج.

من بعدها بدأت ألوم نفسي، وحالتي النفسية سيئة، ولا أدري ماذا أفعل؟ ولا يوجد عندي هدف معين، وكلما مر العمر بي ازدادت الضغوط عليّ، وأقول متى سأتحصل على وظيفة مثل زملائي وأصدقائي؟

أتمنى أن ترشدني إلى حل، وأتمنى أن تصف لي دواء أعراضه الجانبية قليلة، ولا يسبب السمنة والغثيان وآلام المعدة.

وآسف على الإطالة، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الإنسان إذا لم يستشعر أهمية الأمر – أي أمر – فلن يؤديه، أو حتى إن أدَّاه لن يكون مُجيدًا ولن يكون مُتقنًا، وديننا الإسلامي الحنيف يدعو لأن يكون الواحد منَّا مُتقنًا لعمله، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) فاستشعار أهمية العمل هي التي تجعلنا نعمل ونعمل بصورة جيدة، والناس تعمل، لكن الذين يعملون بكفاءة ليسوا بكثر.

أيها الفاضل الكريم: العمل هو شرف الرجل وقيمة الرجل ومفتاح المهارة والكسب الحلال والرزق، والعمل يؤهل الإنسان، ومهارات الإنسان لا تُخلق معه، إنما تُكتسب، والعمل أحد أبوابها. فأنا أرجوك أن تستشعر أهمية العمل.

ثانيًا: أريدك – أيها الفاضل الكريم – مهما كانت ظروف أسرتك أن تعرف أنه من خلال العمل تتسّع أرزاقك، وتغطي حاجاتك وتساعد مَن هم في حاجة لمساعدتك، وهم موجودون قطعًا.

الأمر الآخر – وهو مهم جدًّا – هو: أن تُحسن إدارة الوقت، الآن بعض الناس يُواجهون مشكلة مخالفة تمامًا لمشكلتك، وهي إدمان العمل، وهذه أصبحت مشكلة، هؤلاء أصبحوا الآن – حسب الدراسات – أكثر عُرضة لأمراض القلب؛ لأنهم يتفانون في أعمالهم، يقضون ساعات طويلة جدًّا، لا ينامون النوم الصحيح، لا يتريضون، لا يتواصلون اجتماعيًا، وهؤلاء أيضًا نحن نراهم على خطأ كبير، ومنذ فترة قريبة أتاني أحد الإخوة المُدراء، كان لا يعرف تشخيص حالته، لكن حين تحادثتُ معه وناظرته وتناقشنا اتضح لي أن كل مشاكله وصعوباته التي يواجهها مع زوجته وخلافه سببها أنه منقطع للعمل، فنحن نناشد الناس بأن يُحسنوا إدارة وقتهم، وأنت منهم، أريدك أن تُخصص وقتًا للترفيه عن نفسك، هذا مهم جدًّا، أن تُخصص وقتًا للتواصل الاجتماعي، وقتًا للرياضة، ووقتًا للعبادة، واجعل للعمل نصيبًا.

هذا هو الذي أنصحك به، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي من خلالها تستطيع أن تعرف قيمة العمل، لا تُوجد أي طرق أخرى.

بالنسبة للدواء: أنا لا أراك مريضًا لأصف لك دواءً، لكن إذا كنت ترى نفسك مُحبطًا وقليل الفعالية مثلاً فلا مانع أن تتناول عقار يعرف تجاريًا باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) هو دواء سليم جدًّا، ومعروف، أصلاً مضاد للاكتئاب، لكنه قد يُحسِّن الدافعية لدى الناس، الجرعة هي كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً