الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرهبة والارتباك عند مواجهة الآخرين، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 21 سنة، وطالبة متفوقة سأتخرج قريباً، وسأتزوج قريباً -ولله الحمد-، ومنذ طفولتي وأنا جريئة، مبادرة ومتطوعة، أحب الخروج في الإذاعة، وأقدم احتفالات المدرسة دائماً، وأدرت مصلى مدرستنا رغم صغر سني إدارة رائعة، وكانت المعلمات يثنين علي، وعلى اجتهادي وتميزي في الطرح، كنت هكذا في مرحلة المدرسة، ولكن عند انتقالي إلى الجامعة، ومع وجود الاختلاط، قل كلامي في المحاضرات، مما أوجد لي رهبة في التحدث في إطار الجامعة والمحاضرات فقط، أما علاقتي مع زميلاتي في الكلية فأنا اجتماعية ومحبوبة عند الجميع -ولله الحمد-.

تجاوزت صعوبة التحدث والخروج أمام الذكور، في البرزنتيشن من خلال ترجيحي خسران علامة المشاركة على الخروج، ففكرة الخروج أمامهم وحدها كانت مميتة بالنسبة لي، وقمت بتفضيل خسارة العلامة على الخروج للعرض أمامهم، ولكن مع ذلك كنت اجتماعية وجريئة في كل نواحي حياتي الأخرى، إلى أن عملت في يوم من الأيام في مركز للقرآن، وعندما واجهتني المديرة بقضية معينة، بدأت أرتجف وظهر ذلك على وجهي رغم قوتي، مما جعلني أتحاشاها وأفضل الصمت أحياناً، حتى لا تعود لي هذه الرجفة.

ثم بدأت هذه الرجفة تظهر علي عندما يناقشني أي أحد ولو كان من أقاربي، وتجاوزت الأمر بالتجاهل، ولكن في يوم ذهبت لحفلة صديقتي وكنت في كامل حلتي والأنظار موجهة لي، وقمت أريد مشاركتهم الرقص، وبدأت يداي ترتجفان، وتغير وجهي، وفقدت السيطرة على نفسي، وعدت إلى مكاني وأنا أتصبب عرقاً، ومن بعد تلك الحادثة وأنا أكره الرقص وأخاف منه، وأشعر أن الأنظار موجهة علي.

حدث لي ذلك الأمر في حفلة خطوبتي قبل شهرين، فكنت في حالة صراع كيف سأرقص أمام الناس، وعندما جاءت الحفلة، وبدأت بالرقص شعرت بهذه الرجفة في وجهي ويديّ، مما أدى بي إلى أن يغمى علي أمام الحضور، ولا أعلم سبب هذا التغير، وأشعر أنني أتمنى إلغاء حفل الزفاف، حتى لا أتعرض لهذا الموقف مرة أخرى.

بالنسبة للأدوية: فأبي يعاني من أمراض نفسية، ويأخذ أدوية نفسية، وكانت أمي تعلم تفاصيل هذه الأدوية، وكانت تعطيني من دواء الأندرال إذا أردت إلقاء كلمة في الجامعة، وكنت أنتظم عليه أحياناً في الفصل الذي أقرأ به مادة التلاوة ثم أتركه بعد انتهاء الحاجة له.

يصعب علي الذهاب لطبيب نفسي، فهل انا بحاجة إليه؟ وهل هناك سبب لمشكلة الارتجاف والخوف في الوجه، حتى أنني أشعر أن الآخرين يلاحظون علي ذلك التغير والارتباك.

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راية حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أشكر لك الثقة في إسلام ويب، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: نوع المخاوف التي تنتابك هي مخاوف ذات طابع اجتماعي، تأتِ تحت نطاق ما نسميه بعدم القدرة على التكيف والتواؤم، تحت ظرف جديد ومُحيط نفسي واجتماعي جديد، وحقيقة الأمر أنك فتاة مسلمة، لديك ضوابط ولديك منظومة قيمية عالية جدًّا، هذه المنظومة القيمية اصطدمت بموضوع الاختلاط في الجامعة، هو واقع جديد بالنسبة لك، وبالرغم من مرحلة النضوج التي وصلت إليها إلا أن الثوابت سوف تظل ثوابت في كيان وضمير الإنسان، خاصة الإنسان المرهف والذي يُقدِّر منظومته القيمية.

إذًا حالتك هي حالة مفسَّرة حسب ما أوردته لك، وهذا الذي وصلنا إليه من تحليل وتفسير يجب أن يعطيك ثقة أكبر في نفسك، أنت تحاولين أن تبحثي عن المثالية في وضع غير مثالي، ولذا أقول لك -أيتها الفاضلة الكريمة-: ضوابطك الشرعية والاجتماعية يجب أن تظل كما هي، لكن في ذات الوقت حين تكونين مثلاً مع زميلاتك، مع صديقاتك، حضور حفلة خطوبة ليس فيها غير النساء، هنا أهمية التفاعل الاجتماعي مهمة جدًّا، وبالنسبة لك: أريدك أن تتصوري مواقف اجتماعية لا بد أن تكوني أنت فيها محط الأنظار، لا بد أن تكوني فيها أنت التي تُديرين ذاك الموقف، تصوري مثلاً أن لديكم مناسبة كبيرة في المنزل، وأنت كنت المُكلفة بتحضير الحفل وإكرام الضيوف وتقديم الواجب المطلوب، وهكذا، عيشي هذا الخيال بكثافة ودقة ومصداقة وواقعية، هذا نسميه بالتعريض أو التعرض في الخيال.

موضوع البرزنتيشن أيضًا: هذا واقع موجود، وليس هنالك ما يجعلك ترهبينه أبدًا، حقّري فكرة الخوف هذه وتصوري أنك سوف تقدمي هذا الـبرزنتيشن، تصوري ذلك في خيالك وبتمعنٍ وتفكُّرٍ، وبعد ذلك اذهبي وطبقي، وأريدك أيضًا إذا أُتيحت لك الفرصة أن تذهبي مثلاً إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن، أو تنضمي إلى جمعية ثقافية أو اجتماعية نسويَّة، أنا أعتقد أن ذلك سوف يؤدي إلى الكثير من التطور في مهاراتك الاجتماعية التي هي أصلاً موجودة.

أيتها الفاضلة الكريمة: تمارين الاسترخاء مهمة، مفيدة، وفاعلة في حالتك، لذا أرجو أن ترجعي لاستشارة إسلام ويب، والتي هي تحت رقم: (2136015)، فيها الكثير من الإرشادات والتوجيهات التي تفيد من هم من أمثال شخصك الكريم، وبالنسبة للعلاج الدوائي: لا بأس من تناول الإندرال، أريدك أن تتناوليه بصورة منتظمة، عشرة مليجرام صباحًا لمدة أسبوع، ثم عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء، هو دواء بسيط جدًّا، وسوف يكبح الجوانب الفسيولوجية المتعلقة بالقلق والمخاوف في المواقف الاجتماعية، وهذا سوف يُساعدك كثيرًا، وأريدك أن تتناولي الدواء بانتظام، حتى نكون قد بنينا قاعدة علاجية جوهرية، وفي فترة تناول الدواء أكثري من المواجهات في الخيال، وكذلك المواجهات في الواقع، وهذا من وجهة نظري سوف يؤدي إلى تغيُّرٍ كاملٍ في حالتك.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً