الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الانفعال لأتفه الأسباب، فكيف السبيل للعودة لطبيعتي السابقة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة غير متزوجة، كنت أعاني من مشكلة حدثت لي واستمرت لمدة سبعة أشهر، أتعبت تفكيري ونفسيتي، وضايقتني كثيراً وأحزنتني، فأصبت بالتوتر وقلة النوم، وتغيرت علاقتي مع صديقاتي، ولم أعد أطيق أحد منهم، وبقيت أفكر دائماً بأن صديقتي عملت ذلك الموقف معي لكي تضايقني، وأصبح تفكيري بهذا الشكل طول الوقت، فهل هذا ما يعرف بالذهان؟

أعلم بأن تفكيري بهذا الشكل خاطئ، ولكنني لا أعرف كيف أتخلص منه، فأصبحت أتضايق وأنفعل من أي شيء تافه، وأشعر بأنني أصبحت مجنونة، رغم أنني أفهم، وأدرس، وأتكلم مع زميلاتي، إلا أنني أشعر بأنني لست كعادتي السابقة، فقدت مزاجي الحلو، ولم أعد أعرف الفرح، فكل الأشياء القديمة التي كانت تجلب لي الفرح لم تعد مجدية، فقدت حبي للناس ومشاعري الطيبة، وأصبحت منفعلة باستمرار، فطلبت من والدتي الذهاب لطبيب نفسي، ولكنها رفضت وقالت لي: سوف يعطيك أدوية مهدئة فقط، ويمكنك أن تهدئي من نفسك، فماذا أفعل؟

أريد أن أعود لطبيعتي السابقة، أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

هذا الفكر الذي يُضايقك بالرغم من أنه في أمورٍ ليست مهمَّة كثيرًا في الحياة، لكنه بالفعل يُسبب لك الإزعاج، لأنه يقوم على ما نسميه بالنمط الفكري الوسواسي، يعني طريقة التعبير عن الفكرة، وتحليلها وتأويلها هنا وهناك، طابعه تكراري واجتراري ووسواسي، ويعرف تمامًا أن هذا النوع من الفكر، بالفعل يؤدي إلى شيءٍ من الكدر والضجر، وعدم الإحساس بالارتياح.

لكن أنا أقول لك: أن هذا الأمر عابر، ويجب ألا تيعريه اهتمامًا، ويجب أن تتجاهليه تجاهلاً تامًا، وكوني إيجابية في تفكيرك، وفي مشاعرك وفي أفعالك، من خلال ذلك تُخرجين نفسك تمامًا من هذه الضائقة النفسية البسيطة، واحذري تمامًا من تحليل الأفكار، حين تأتيك الفكرة خاطبيها مباشرة، قولي: (أنت فكرة سيئة، فكرة وسواسية، لن تتعبيني، ولن أهتمُّ بك، ولن أُحللِّك، ولن أُفسِّرك، أنا بخير، -وإن شاء الله تعالى- سوف أظلُّ بخير، أنا قوية، أنا ثابتة)، وهكذا، يعني أن تُرسلي لنفسك رسائل إيجابية لمواجهة هذا النوع من الأفكار، ودراسات كثيرة أشارت أن النوم المبكر، وممارسة التمارين الرياضية، وتمارين الاسترخاء، والحرص على أذكار الصباح والمساء، تزيل هذا النوع من الأفكار.

بالنسبة للذهاب للطبيب النفسي: طبعًا سوف يُطمئنك، لأنه سوف يؤكد على نفس الذي ذكرته لك، ووجهة نظر والدتك مُقدَّرة، لأن بعض الأدوية النفسية بالفعل قد أُسيئ استعمالها من بعض الناس، وبكل أسف، هذا ربما يكون قد حرم الناس من أدوية أساسية سليمة وفاعلة وممتازة، فالأمر قد لا يتطلب الذهاب للطبيب النفسي، أي طبيب باطني، أو طبيب أسرة، أو طبيب عمومي، ربما يعطي لك أحد مضادات القلق البسيطة مثل: الفلوناكسول، بجرعة نصف مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ أو شهرين، هذا قد يُساعدك كثيرًا، لكن على نفس النهج الذي ذكرته والدتك، وما ذكرته لك، إن لجأت إلى التجاهل والمقاومة وصرف الانتباه، هذا سوف يكفيك تمامًا، وفوق ذلك يجب أن تعرفي أنه ليس لديك علَّة أساسية، فليس هنالك ما يجعلك تشعرين بالحزن، لا تحزني أبدًا، افرحي -أيتها الفاضلة الكريمة-.

باركَ الله فيك وجزاك خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق عمر

    جزاكم الله خيرآ وأعانكم على مساعدة الناس.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً