الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب حياتي الكئيبة صرت أدعو على نفسي بالموت!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 25 سنة، حساسة وأتأثر كثيراً، وأعاني من عسر المزاج منذ الطفولة ورهاب اجتماعي، وأسرف كثيراً في أحلام اليقظة؛ بسبب كرهي لحياتي الحقيقية، لإصابتي بتشوه في جسدي، لم أستطع علاجه؛ بسبب غلاء التكاليف، وعدم وجود واسطة للعلاج في الحكومي.

علاقتي بأهلي علاقة سطحية، لأنني أشعر بعدم اهتمامهم بعلاجي، بالرغم من معرفتهم بحاجتي للعلاج، ومقدرتهم على مساعدتي، ومنذ أربع سنوات تقريباً، بدأ معي الوسواس القهري، وهو عبارة عن الدعاء على نفسي بالموت أو بالمرض، بشكل لاإرادي، وبصوت عال، كلما تذكرت موقفا محبط أو محرجا مررت به.

قرأت كثيراً في الأمور النفسية، وحاولت أن أساعد نفسي بممارسة بالرياضة، وإشغال نفسي بأشياء مفيدة، كالقراءة وتعلم اللغة وحفظ القرآن والإكثار من الذكر وترك أحلام اليقظة، وتحسنت قليلاً، ولكنني بدأت أشعر بالإحباط، لم أنجح تماماً خاصة مع الوسواس.

أعتقد أنني أحتاج أدوية تساعدني، وظروفي لا تسمح بأن أذهب إلى طبيب نفسي، هل توجد أدوية أستطيع شراءها من الصيدلية بدون وصفة طبية؟ وما هي الجرعات المناسبة؟ أرجو منكم مساعدتي بأسماء أدوية أستطيع شراءها، وتناسب حالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا بد أن تسعي للمزيد من التواؤم مع أسرتك، أنا أُقدِّر مشاعرك جدًّا، وهم أيضًا من الواجب عليهم أن يأخذوا مبادرات إيجابية نحوك، أريدك أن تكوني فطنة، وأن تكوني لبقة في علاقتك مع أسرتك، كوني أنت المبادرة دائمًا في حسن التصرف حيالهم، يمكنك أن تشرحي ظروفك ومشاعرك لأحد أفراد الأسرة، الفرد الذي تثقين فيه بصورة أكثر، ولديك الشعور الحقيقي أنه يمكن أن تُقدَّم لك المساعدة، دون أن تظهري أي نوع من الضعف، ودون أن تكوني انتقادية.

والإنسان يحتاج للتفريغ النفسي، يحتاج لأن يتحدث إلى أحد، وهذا من أفضل وسائل العلاج خاصة في مثل حالتك هذه، حتى التشوَّه الجسدي الذي تحدثت عنه تحدثي عنه مع قريبك هذا، والإنسان لا بد أن يرضى بالقضاء والقدر، وأن تسألي الله تعالى أن يعوضك ما فقدته.

ومنهجك العلاجي الخاص بقراءة القرآن وتعلم اللغة وتوسيع مداركك: هذا قطعًا أمرٌ جيد، وحاولي أن تُحسني إدارة وقتك، وأن تُدخلي دائمًا إدخالات جديدة على حياتك، إدخالات مفيدة، لا بد أن يكون لك مشروع عمر، أيًّا كان هذا العمر، وخططي، وضعي الآليات التي توصلك إليه، الحياة تحتاج للمكابدة، وتحتاج للجهد، وتحتاج للصبر، وتحتاج للجلد.

والبعد عن الحسرة على الماضي أعتقد أنه ضروري جدًّا، والماضي – أيًّا كان – قد انتهى، ونحن كثيرًا ما نُخطئ في تأويل الماضي، لذا أنا لا أُحبذ أبدًا أن يعتقد أحد أن ماضيه كان سوداويًا، وأنه قد تعرض للكثير من عدم الإنصاف التربوي، هذا كثيرًا لا يكون مفيدًا، بل لا يكون صحيحًا؛ لأن عواطف الإنسان تجرَّه لأن يُسقط غضبه على الآخرين، فالتجرُّد دائمًا مطلوب، والحسرة على الماضي والتشبُّث بذلك تضيِّع على الإنسان الحاضر والمستقبل، أنت الحمد لله تعالى الآن في سِنٍّ ناضجة تؤهلك للكثير مما هو مفيد لك ولغيرك، اجعلي فكرك على هذا النمط.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الوساوس القهرية التي تعانين منها ليست وساوس مستحوذة، ومن خلال تحقيرها وتجاهلها واستبدالها بفكر مخالف تستطيعين التغلب عليها، فاسألي الله تعالى أن يحفظك، واسألي الله تعالى أن يُطيل عمرك في العمل الصالح، واسألي الله تعالى أن يوفقك، هذا أفضل حقيقة، واستبدلي الإسقاطات السلبية بإسقاطات إيجابية، وهي كثيرة جدا.

لا مانع من أن تتناولي عقاراً بسيطاً مثل: (بروزاك Prozac) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وهو دواء سليم، وليس له آثار سلبية، ولا يُسبب الإدمان، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، وفي معظم الدول لا يحتاج لوصفة طبية، الجرعة هي كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهرٍ، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقفين عن تناوله.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً