الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يرفض الاستمرار في العلاج النفسي ولا يصرف علينا هل أعود له أم أصر على الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متزوجة منذ عشرة أعوام من صيدلي قريب لزوج أختي، شهد له الجميع بالدين والخلق، فوالده رجل الأزهر وهذا ما شجعني للارتباط به.

انتقلت للعيش في منزل عائلته، في شقه منفصلة في محافظه غير محافظتي، هنا ظهرت طباع زوجي الحقيقية من عصبية مفرطة، وردود أفعال عنيفة لا تتناسب مع أي حدث، وأنانية شديدة، ولا يوجد أي تحمل لأي مسؤولية، والده هو من يصرف علينا، ويقوم بمسؤوليات البيت كافة، وحتى مسؤولية وظيفة زوجي الخاصة التي يهملها زوجي بشكل مستمر، فزوجي ابنهم المدلل، الذي لا يحاسب على أي خطأ، علماً بأنه يسيء معاملتهم ولكنهم يخافون منه.

بالطبع نالني نصيب كبير من سوء المعاملة، والإهانات المستمرة، والتعدي اللفظي والجسدي، لكنني صبرت حرصاً على طفلي، فساءت الأمور وزادت الإهانات، فتركت المنزل ورجعت إلى بيت أهلي، وطلبت الانفصال، استمرت محاولات الصلح سنة ونصف، وتعهد بعدها بحسن المعاملة، والالتزام بعمله، وتحمل المسؤولية، فوافقت على العودة له، التزم لبعض الوقت لكنه سرعان ما عاد إلى الأسوأ، فقد بدأ يهينني في العلاقة الخاصة بين أي زوجين، واستخدمها كوسيلة لمعاقبتي في أي وقت، لكنني صبرت وتحملت من أجل طفلي، حاولت تشجيعه ومساعدته في عمله، وصبرت على إهاناته، ولكنه تحول إلى الأسوأ، فرجعت مرة أخرى إلى بيت والدي.

تدخل الأهل مرة أخرى من أجل الإصلاح، وتعهد هو مرة أخرى كما فعل في السابق، فعدت له وكلي أمل في صلاح حاله من أجل أولادي، ولكنه كعادته عاد كما كان، وبعد زيادة المشاكل، والضغوط الشديدة مني عليه وعلى والديه، اللذين يضعان له المبررات، وافق زوجي للذهاب إلى الطبيب النفسي، فقد أحسست بأنه يعاني من مشاكل نفسية.

ذهبنا بالفعل إلى الطبيب النفسي الذي أخبرني بأن زوجي يعاني من عدة مشاكل، فهو يعاني من الإحباط، والشك، والمشاكل السلوكية الناتجة عن سوء تربية والديه.

بدأنا العلاج، وتحسنت العلاقة بيننا، وبدأ زوجي جلسات العلاج السلوكي، وبدأ يتحسن ببطء، ثم سافر الطبيب المعالج الخاص بنا، ورفض زوجي الاستمرار، فساءت العلاقة مرة أخرى، وبصورة أشد من السابق، فقد زادت الإهانات، والتعدي اللفظي والجسدي، والإهانة في العلاقة الخاصة بصورة أكبر، كرهت زوجي، وانعدمت الرغبة تماماً فعدت إلى بيت والدي، وطلبت الطلاق، وقمت بتحويل الأولاد إلى مدرسة في محافظتي.

تدخل الأهل لمحاولة الإصلاح، فأمهلته سنة، بقيت خلالها في بيت والدي، وطلبت أن يعود للعلاج، وأن يتحمل مسؤولية عمله، ويحسن معاملتنا، خاصة بعد أن بدأ ابني الأكبر يكره والده بسبب تصرفاته، ويشعر بأن والده لا يحبه -رغم أنه يحبهم-، لكنه لا يسيطر على أفعاله.

بدأ زوجي بالالتزام، واستطعت إعادة حب أولاده له، وعندما شعر بتحسن العلاقة بيننا، وأنني سوف أعود له بعد انتهاء العام الدراسي، توقف عن العلاج، ورفض الاستمرار فيه، وصار يطالبني بالعودة مع وعد بحسن التصرف، وبأنه سوف ينفق علينا بصورة جيدة، علماً بأنه بخيل، رغم أنه قد ورث ثروة كبيرة بعد وفاة والده، وأنا لم أعد قادرة على تقبله أو ممارسة العلاقة معه، لكنني أخشى على أبنائي من عواقب الطلاق، هل هناك أمل في تحسن معاملته؟ هل أجرب العودة مرة أخرى من أجل الأولاد؟

أفيدوني ولكم خالص التقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يصبرك، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم الآمال.

رغم تفهمنا للصعوبات، إلا إننا نرغب في صبرك عليه، ومعاونته على بلوغ العافية، فالمريض يعذر، ونتمنى أن تتفادي ما يدفعه للعدوان عليك، وحاولي التكيف والتأقلم مع الوضع، لأن بينك وبينه أطفال، وننتظر من الفاضلات مثلك أن يؤثرن ولا يتأثرن.

إذاً العلاج مهم، فإن تشجيعك له هو أكبر ضمانات الاستمرار عليه، ونتمنى أن تعيدي تقييم الوضع، وأن تفككي المشكلة إلى جزئيات، وأن تتذكري ما عنده من حسنات، وأرجو أن تقومي بما يلي:

1- الدعاء لنفسك وله.
2- طي صفحات الماضي المحزنة.
3- التركيز والتضخيم للمواقف والأيام المشرقة.
4- إظهار الفرح بكل نجاح وإن كان قليلاً.
5- ربطه بأطفاله، والتدرج في تحميله بعض المسؤوليات.
6- تجنب إدخال أهلك أو أهله بقدر المستطاع.
7- فهم نفسياته، وتقدير ظرفه المرضي.
8- تقدير بحثه عنك ورغبته في عودتك.
9- التأمل والتفكير في عواقب ومآلات الأمور.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يصبرك، وأن يقدر لكم الخير، وأن يصلحكم، ونوصيكم بالطاعات فإنها مفتاح للسعادة، وما عند الله من خير وتوفيق لا ينال إلا بطاعته سبحانه.

وقد سعدنا بتواصلكم، ونفرح باستقراركم، ونسأل الله لكم التوفيق والاستقرار.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً