الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الأم في الانتقال من بيت الأسرة مع شدة التعلق به

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم على هذا الجهد المتواصل في سبيل حل مشاكل الناس، وجزاكم الله خيرا.
أما بعد:
مشكلتنا هي أننا بعد وفاة الوالد -رحمه الله- عشنا ظروفاً من التشتت واختلاف الآراء بين أفراد الأسرة، حيث إننا أخوان وأربع بنات، ثلاث منهن متزوجات، كنا نعيش في بيت الأسرة الذي تعودناه، وعشت فيه سنواتي الثنتين والعشرين.

ولكن بعد وفاة الوالد عشنا مشاكل الإرث وكان أغلب المشاكل بين أمي وعمتي؛ مما اضطر أمي إلى أخذ قرار التحويل من البيت، وكانت تملك مبلغاً يمكنها من شراء البيت، فعارضنا هذا الرأي، إلا أنها أصرت على التحويل؛ بذريعة أنها تريد أن ترتاح من مشاكل الإرث، وقالت: إنها تعبت وتحملت كثيراً، وإنها ذاقت الأمرين في هذا البيت مع أبي وعمتي.

بالطبع وافقنا بحكم العاطفة، وخرجنا من البيت الذي ترعرعنا فيه وكبرنا، طبعاً فوق إرادتنا، والمشكلة تبدأ هنا، حيث إننا انتقلنا إلى مكان يختلف كثيراً، ليس من حيث المساحة، أو الجمال، ولكن من حيث السكان والجو العام الذي لم أتأقلم معه، فكنت دائماً أتذكر بيتنا القديم، ودائماً أخلق المشاكل في البيت: لماذا انتقلنا إلى هذا البيت؟ وأقول لها: المفروض أننا دخلنا في مشروع بهذا المبلغ، وأنت ضيعت نقودك، وأصبحنا في ضائقة مالية بسببك، وإننا كمن لبس حذائين في وقت واحد!

والمشكلة أن بيتنا الأول ما زال فارغاً، وهو حصتنا في الإرث أصلاً، ولكنها لا تريد الرجوع؛ بسبب أنها لا ترتاح نفسياً هناك، وأصبحنا في صراع، كل أسبوع أو أسبوعين نفتح نفس الموضوع، وتقول: لا أريد الرجوع! وأصبحت هذه المسألة هاجساً نفسياً يراودني بين الحين والآخر، ويؤنبني ضميري، وأقول لنفسي: لماذا طاوعتها؟ ألا يجب علي أن أفاتحها بمشروع مربح أو شيء من ذلك؟!

أرشدوني -أفادكم الله- في حل هذه المشكلة، كيف أنساها وأقطع تفكيري منها؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

نسأل الله أن يصلح الأحوال والنيات، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن راحة الوالدة وسعادتها قربة وطاعة لله الذي أمر بالإحسان إلى الوالدين، وخاصة الأم التي هي أولى الناس بالطاعة، ونسأل الله أن يرحم الوالد، وأن يرزقكم بره، وعليك بطاعة الأم، فإن الجنة تحت أرجل الأمهات.

و(عجباً لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن)، فلا تندم على ما مضى، وقل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان.

وعندما تكثر المشاكل فخيرٌ للأقارب أن يتزاوروا ولا يتجاوروا كما قال عمر رضي الله عنه؛ لأن الجوار يورث كثرة الاحتكاكات والخصومات التي تؤدي إلى قطع الرحم، والعياذ بالله.

وإذا حصل الاتفاق بينكم فهناك بدائل وخيارات أُخرى، مثل بيع ذلك المنزل، وشراء آخر في مكان مناسب، أو الصبر على المكان الجديد، وسوف تعتاد عليه بإذن الله، وأرجو أن تضحي براحتك من أجل سعادة الوالدة، وسوف يعوضك الله ويجلب لك الرضا والسعادة بمنه وفضله.

ولا ينبغي طرح هذا الموضوع الذي يُزعج الوالدة، وإن كان ولابد فليكن بعد فترة، مع مراعاة الألفاظ المناسبة والأوقات المناسبة لمناقشة مثل هذه المواضيع، وأنت رجلٌ ويسهل عليك التفاعل مع الظروف الجديدة، وعليك بالبحث عن الأصدقاء، واشغل نفسك بتلاوة القرآن وطاعة الرحمن.

ولا تندم على طاعتك للوالدة، فإنك مأمورٌ ببرها والإحسان إليها وطاعتها في المعروف، وتعاونوا جميعاً في البحث عن مشاريع مفيدة لتستثمروا ما تحت أيديكم من أموال.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً