الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت قليل الثقة بنفسي ومنعزلا بسبب انتقاد الناس لي، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من الوحدة وانعدام الثقة في نفسي، وعدم وجود أصدقاء؛ لأني شخصية جادة في الحياة، ودائماً وأبداً أتعرض للنقد ممن حولي؛ مما زاد من عدم الثقة في نفسي، بالرغم من كوني إنسانًا ناجحًا في دراستي، فقد تخرجت من الجامعة بتقدير، وحصلت على دراسات عليا، وناجح في عملي، وبالرغم من ذلك دائماً أتعرض للنقد، فإمّا أن أكون شخصية هزلية وتافهة مثلهم، وإمّا أن يكرهوني وينتقدوني، وبسبب ذلك كرهت الحياة والناس، وأحببت الوحدة، وقررت الانعزال التام عن الناس والمجتمع.

ما التفسير الطبي النفسي لحالتي؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أخي الكريم: نهنئك على الإنجازات التي حققتها في مسيرة حياتك الدراسية والعملية، ونسأل الله تعالى أن يوفقك ويسدد خطاك.

ما يتعلق بالسؤال عن حالتك، فنقول لك: إن معيار السواء والمرض في السلوك قد يختلف من مجتمع لآخر، فما كان في مجتمع ما طبيعيًا، قد يكون في مجتمع آخر غير طبيعي وفقاً للقيم والمعايير الاجتماعية السائدة في ذلك المجتمع، فحالتك ربما تكون طبيعية إذا كان من تصفهم ممن حولك غير طبيعيين، أي أن سلوكهم هذا مرفوض من قبل المجتمع الكلي، أو تكون حالتك غير طبيعية إذا كان سلوك من حولك مقبولًا ولا غضاضة فيه، وهذا يتطلب منك التكيف والتعايش معه.

والمعيار الحقيقي -أخي الكريم- هو المستمد من الكتاب والسنة في كيفية التعامل مع الآخرين، فهناك العديد من التوجيهات الإسلامية التي نظمت وحثت على التعامل الطيب، نذكر منها على سبيل المثال: (المسلم للمسلم كالبنيان) (وحق المسلم على المسلم ...) و{لا يسخر قوم من قوم...} (ولا يكن أحدكم إمعة...) و(مثل الجليس الصالح والجليس السوء...) و(المرء على دين خليله...) وغيرها كما تعلم من التوجيهات.

فنقول لك: كن إيجابياً ولا تكن سلبياً، كن مؤثراً ولا تكن متأثراً، وكن مبادراً ولا تكن مستسلماً، فالذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي يعتزلهم. وهناك أحاديث تدل على أفضلية العزلة عن الناس وترك الاختلاط بهم في حال خوف المسلم على دينه لكثرة الفتن، بحيث إنه لو خالط الناس لا يأمن على دينه من أن يرتد عنه، أو يزيغ عن الحق، أو يقع في الشرك، أو يترك مباني الإسلام وأركانه، ونحو ذلك، وأحاديث أخرى تبين ما يحصله المسلم في المخالطة من المصالح الشرعية من مَنَافِع الاخْتِلاط بالناس، كَالْقِيَامِ بِشَعَائِر الإِسْلام، وَتَكْثِير سَوَاد الْمُسْلِمِينَ، وَإِيصَال أَنْوَاع الْخَيْر إِلَيْهِمْ مِنْ إِعَانَة وَإِغَاثَة ونَحْو ذَلِكَ، وشُهُودِ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة، وَالْجَنَائِز، وَعِيَادَة الْمَرْضَى، وَحِلَق الذِّكْر...، وَغَيْر ذَلِكَ. فيمكن البحث عن هذه الأحاديث في فتح الباري للحافظ بن حجر-رحمه الله تعالى- لكي تطمئن للطريقة التي تتخذها في مخالطة الناس أو اعتزالهم.

وفقك الله لما فيه خير الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً