الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجل يفزع ابنه الرضيع بالأصوات العالية ليقوي قلبه، فهل هذا صحيح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد الاستفسار وأخذ استشارة حضرتكم في أسلوب أب يعامل ابنه بتصرفات أراها غريبة, الطفل رضيع، عمره حوالي 3 شهور, والده متعمد طول فترة جلوسه معه أن يفزعه و(يخضه) سواء أن يرفع صوته أمام الطفل فجأة، أو يرفع صوته عليه جدًا عند بكائه؛ ليعوده على الأصوات وقلبه يقوى, أو يفزعه جسمانيًا بهزه فجأة، أو حتى أن يمرر يده على وجه الطفل بشكل مستفز وسلبي، ويخض (لا أعرف أن أصفها بالكتابة).

الآن الطفل لاحظت عليه أنه يبكي عند سماع صوت والده، أو أجده يتصرف على غير عادته، يصبح صامتًا وخائفًا، وكثير البكاء، يفضل الاختباء في حضن أمه طوال الوقت، على عكس عندما يقضي يومًا أو اثنين في بيت جده بعيدًا عن والده، ويكون التعامل معه بكل حنان ولطف، فيرجع لمزاجه، ويبتسم، ويصدر الأصوات مع من حوله، وكأنه يتكلم معهم، ويصبح مزاجه جيدًا وهادئًا، قليل البكاء نسبيًا، لكن لما يرجع إلى والده وبمجرد ما يسمع صوته وعلامات القلق والخوف تظهر على وجه الطفل, لدرجة أن الطفل أصبح يظهر حركة حزن بوجهه تقطع القلب –والله-.

أحاول التكلم مع والده بشأن هذا الأسلوب، لكنه يصدني مباشرة، وأن هذا لن يؤثر على الطفل، وأن أتركه يفزع الطفل، وهو مقتنع تمامًا بذلك، وأيضًا أهله يشجعونه على ذلك، أيضًا والده (جد الطفل) يتكلم دائمًا بصوت عال للطفل؛ حتى يقوي قلبه! وجدته كانت تريد قرص الطفل، كل هذا لاقتناعهم التام أن هذه التصرفات تقوي قلب الطفل، ويصبح ولدًا خشنًا، وقلبه قويًا ولا يخاف عندما يكبر.

هل هذا صحيح ولن يؤثر سلبيًا على الطفل وعلى تكوينه وشخصيته؟ أرجو حضرتكم توضيح إذا كانت هذه التصرفات سيئة وسلبية للطفل، وما هي الآثار المترتبة على هذه المعاملة للطفل؟ وكيف أقنع والد الطفل بأن هذا خطأ؟ وهو مقتنع تمامًا برأيه وبرأي أهله، وأن كل الناس الآخرين على خطأ دومًا؟

آسف على الإطالة، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fares حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هنالك بعض العادات والمكتسبات الاجتماعية الخاطئة، وهذه واحدة منها، هذا الأب يُريد أن يجعل ابنه متصديًا للفزع، ويريده أن يكون قوي القلب، ويريده أن يتعلم الخشونة في الحياة، لكن طبعًا هذه طريقة خاطئة جدًّا، فما يقوم به الوالد ليس صحيحًا، ويجب أن يعرف ذلك، والطفل تقريبًا منذ عمر خمسة إلى أربعة أشهر يستجيب لمُحيطه إيجابًا أو سلبًا، فالوالد فرض نفسه من خلال شِدَّة استشعاره للطفل، وهنا حصل نوع من الارتباط الشرطي لدى الطفل، لذا أصبحتْ تحدث منه استجابات لمجرد أن يسمع صوت والده، لكن لا نقول أن هناك تمييزا كاملا، والطفل قد يتناسى، وبمجرد وقوف أو الامتناع عن هذه الاستشعارات من جانب الوالد؛ سوف يحدث فك الارتباط الشرطي، ويعود الطفل إلى طبيعته.

أنا أعتقد أنه في حالة هذا الوالد يجب الاحتكام إلى أحد أطباء الأطفال، ويا حبذا لو كان طبيبًا للأطفال مختصًا في الطب النفسي، ربما يستطيع أن يقنع الوالد أن هذا الأمر ليس صحيحًا.

عمومًا من جانبك حاول بقدر المستطاع، ووضِّح لوالد الطفل أن هذا قد يُولِّد أيضًا استجابات سلبية من جانب الطفل، قد يجعله سريع الفزع، وربما يُولِّد لديه مخاوف في المستقبل، وهذا بعكس ما يريد والده.

أعتقد أن التناصح معه بشيءٍ من الهدوء، وكذلك مع جدّ الطفل هي الوسيلة المتاحة، وإن قبلوا بأن يحتكموا في هذا الأمر إلى رأي أحد المختصين هذا أيضًا سوف يكون أمرًا جيدًا.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات