الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أفكار وسواسية أفسدت صيامي، فكيف السبيل للتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعاني من حديث النفس بأمور كفرية، أرجوكم ساعدوني فأنا في هم لا يعلم به إلا الله، ففي شهر رمضان فقدت لذة الصيام، وأجاهد نفسي لتجاهل تلك الأفكار، ولكنني أشعر بأنني أقصدها لأني لا أتجاهلها دائماً، وأشعر بالبرود تجاهها، فأحدث نفسي بأمور لا تليق بجلال الله وعظمته، وأتخيل أمور كثيرة خاطئة -والعياذ بالله-، وأشعر بأن علي قضاء الصيام بسبب هذا الأمر.

في إحدى المرات استمعت إلى القران لكي أتجاهل تلك الأفكار، فشعرت بضيق وكأنني أشمئز، فقلت في نفسي: أتضايق من سماع القرآن، وتعبيرات وجهي تدل على الاشمئزاز، فأعود مرة أخرى لأفكر، فهل أنا كافرة بفعلي هذا، وهل سيقبل الله صيامي، أم علي القضاء؟

أشعر بالفعل أن التفكير بالأمور الكفرية بإرادتي، ولا أعتقد أنه مرض، وأفكر جديا بالانتحار، وبالنسبة للقضاء: فلا أستطيع قضاء شهر كامل؛ لأن هذه الأفكار تنقض صيامي وستعاودني، وقد أشعر بالبرود معها، فكيف أعرف إن كان هذا بإرادتي أم بسبب شيء آخر؟

فقدت الشعور بالحياة، وأصبحت ذابلة متعبة، وأكاد أن أجن، أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يُسعدنا اتصالك بنا في أي وقتٍ وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُفرِّج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يقهر عدوَّك، وأن ينصرك على شيطانك، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يغفر لك ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن هذه الأفكار السلبية المؤلمة.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-، فالذي يبدو أن الشيطان -لعنه الله تعالى- قد تمكَّن منك تمكُّنًا قويًّا وشديدًا، حتى وصل بك إلى درجة الانزعاج لنفسك والتفكير في الانتحار تفكيرًا جدِّيًّا -كما ذكرت-، وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنما يدلُّ على قوَّة تأثير الشيطان على نفسك، وهذا الذي تشعرين به إنما هو نوع من الحرب القذرة التي يشُنُّها الشيطان على قلوب المؤمنين، فالشيطان عندما عجز عن منعك من أداء حق الله تعالى من الصلاة والصيام والحجاب وغير ذلك، بدأ يستعمل معك حربًا أخرى، وهي الحرب النفسية الداخلية، وهذا أمر وارد جدًّا، وليس لديك أنت وحدك، وإنما لدى السواد الأعظم من الناس، أن نجد أن الشيطان يوسوس لهم هذه الوساوس المستكرهة التي لا يُحبونها هم، والتي يهربون منها.

ولذلك أنا أقول -بارك الله فيك-: أتمنى أن تقومي بعمل رقية شرعية إذا كان ذلك ممكنًا، وإذا لم يتيسر ذلك، وأنا واثق أنه عندكم مراكز إسلامية، وعندكم إخوة يُعالجون بهذه الطريقة، ولكن أقول: إذا لم يتيسَّر ذلك فلا مانع من الاستماع إلى الرقية الشرعية، ولتكن مثلاً للشيخ محمد جبريل -هذا المقرئ المصري- عبر الإنترنت، اكتبي في موقع البحث جوجل (الرقية الشرعية الصوتية للشيخ محمد جبريل) وحاولي الاستماع إليها.

أنت تشعرين الآن بنوع من عدم الراحة والانشداد وغير ذلك، ولكن مع تكرار الرقية المكثفة -إن شاء الله تعالى- سوف تستريحين.

لا تُلقي بالاً لهذه الأفكار، حتى وإن كنت تظنين أنها من عندك وأنها بإرادتك، لا تُلقي بالاً لها، ولا تُعيريها أي اهتمام، لأن احتقار هذه الأفكار سوف يُميتها، ولكن الاهتمام بها والشعور بخطورتها هو الذي يرفع وتيرتها، ويؤدي إلى توترك، وفي ذات الوقت يؤدي أيضًا من تمكُّن الشيطان منك.

فأنا أتمنى -بارك الله فيك- أن تحاولي إهمال هذه الأفكار وعدم الانتباه لها، وعدم إعطائها مساحة من التفكير، مع الإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وكذلك أيضًا المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والمحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، كذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وهذا مهم جدًّا، خاصة التهليلات المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة في الصباح، ومثلها في المساء، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بأن من قالها صباحًا كانت له حِرزًا من الشيطان في يومه ذلك حتى يُمسي، وكذلك إذا قالها مساءً، وكذلك: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)، ثلاث مرات صباحًا ومثلها مساءً، وكذلك: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحًا ومثلها مساء.

اجتهدي -بارك الله فيك- ألا تنامي إلا على طهارة، وكرري الأذكار -أذكار النوم- والأدعية، حتى تغيبي عن الوعي تمامًا، وكلما جاءتك هذه الأفكار حاولي أن تُغيري من واقعك الجسدي والنفسي، بمعنى أنك إذا كنت وحدك حاولي أن تخرجي من الوحدة، وأن تتكلمي مع أحد من أهلك، وكذلك أيضًا إذا كنت نائمة فقومي، وإذا كنت جالسة فتحركي، وحاولي أن تُشتتي فكرك، وألا تستسلمي لهذه الفكرة، مع المقاومة -بارك الله فيك- واحتقار الفكرة وعدم الاستسلام لها، وكم أتمنى أيضًا عندما تأتيك هذه الأفكار أن تبصقي على الأرض، وأن مسحي هذا البصاق بنعلك، وأن تقولي للشيطان: (يا عدو الله، هذه أفكارك تحت قدمي وأنا أحتقرك، لأني أحب الله ورسوله وأؤمن بالله ورسوله، وأعلم أن الله حق، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حق، وأن الدين حق).

مع المقاومة -بإذن الله تعالى-، ومحاولة الاستماع للرقية الشرعية، والإكثار من الاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا الذي أشرتُ عليك به، سوف تتحسَّن حالتك -بإذن الله-، ونحن في الانتظار أن تُبشرينا قريبًا، ونسأل الله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • رومانيا أبوعبدالله

    كانت عندي نفس الوساوس وبفضل الله قرأت في هذا الموقع حتى عرفت أنه الوسواس القهري وأخذت وصفة العلاج من هنا أقراص زيروكسات واستخدمتها ولكن انقطعت عنها بسبب غلاء سعرها لكن الحمد لله قلت الوساوس عندي حتى إن الوساوس التي لو نطق بها الشخص لكفر ذهبت كلها ولم يبقى إلا الوسواس في الوضوء والصلاة وهذه بالنسبة للسابقة هينة جدا...
    جزاكم الله خيرا ويمكن الأخت السائلة تراجع الأسئلة عن الوسواس القهري لتطلع على ما فيها..
    والسلام عليكم ورحمة الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً