الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الخوف عند مقابلة الناس والتلعثم والرعشة أعراض للرهاب الاجتماعي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 17 سنة، أعاني من الخوف عند مقابلة الناس والتلعثم والرعشة، وجفاف الحلق والقلق، وليس عندي علاقات كثيرة، أنا منطوية أغلب الوقت ونادرا ما أتكلم، وأحس أني رسمية جدا، ولا أندمج حتى مع عائلتي، مع العلم أن أغلبهم مقارب لسني ويحبون أن يجلسوا معي لكن أنا لا أحب، أحس أنهم لن يتقبلونني، وعائلتي اجتماعية جدا.

وإذا تشاجرت مع أحد أخاف وأرتعش، وتأتيني دوخة وبطني يؤلمني، وأحس أني منفعلة أغلب الوقت، وخائفة من نظرات الناس وفكرتهم عني، هذا الشيء أعاني منه منذ ثلاث سنوات، مع العلم أني قبله الكل يحترمني ولا أخاف من أحد، ولي شخصيتي ولا أحد يقدر أن يغصبني على شيء، لكن الآن العكس، وفي المدرسة أنا خجولة وليس لي علاقات كثيرة، وحتى أني أخاف من المهلوسات، وشخصيتي ضعيفة، وإذا شاركت بالفصل وجهي يحمر وأرتعش، مع وخفقان وكأن قلبي سيخرج من مكانه، وأكره هذا الشيء.

وأنا أقرأ في كتب تطوير الذات كثيرا وأحس أنها لم تنفعني، لكن أنا حاليا أتبع علاجا في منتدى معرفي وإن شاء الله ينفعني، ما هو مرضي؟ هل هو رهاب اجتماعي؟ أريد يا دكتور أن تصف لي علاجا دوائيا أبتدئ فيه بالتدريج ولا يكون له أضرار على المخ، وأنا لا أقدر على زيارة دكتور نفسي، وأتمنى أن تشخص حالتي وتصف لي دواء ليس له أعراض قوية، لأنه إذا خفت الأعراض سأكون قادرة على ضبط نفسي والاندماج وتطبيق العلاج السلوكي.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما زلتِ صغيرة السنِّ، ولكن من وصفكِ نُرجِّح أنك تعانين من ضغوطات القلق الاجتماعي، وهو اضطراب من اضطرابات القلق، وينتاب الشخص خاصة في المواقف الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية، مثل أن تحدث له أعراض القلق النفسي المعروفة، وهي أعراض نفسية من خوفٍ وهلعٍ وعدم راحةٍ وتوجُّسٍ، واضطرابات القلق الجسدية مثل: زيادة ضربات القلب، والارتعاش، والتعرُّق، وآلام البطن، والصداع، وغير ذلك من هذه الأشياء.

هناك أناسًا يعتبرون القلق الاجتماعي والرهاب اسمين مختلفين لاضطراب واحدٍ، وبعض الناس ذكروا أن الرهاب الاجتماعي في مواقف مُحددة وينتج عنه تفادي هذه المواقف، أما القلق الاجتماعي فهو أشمل وأعمُّ. وعلى أي حال فإنني أرى الأنسب لحالتك هو القلق الاجتماعي، وهناك نوعان من العلاج: علاج دوائي وعلاج نفسي سلوكي معرفي، وحسنًا أنك بدأت - كما ذكرتِ - بالعلاج السلوكي المعرفي، ولكنك تحتاجين إلى دواء يُساعدك.

هناك نوعان من الأدوية: دواء يُساعد في علاج الأعراض الجسدية للقلق فقط، وإذا كنت لا تشكين من مرض الربو يمكنك استعماله، وهو ما يسمى تجاريًا بـ (إندرال Inderal) ويعرف علميًا باسم (بروبرانلول Propranlol) عشرة مليجرام، ثلاث مرات في اليوم، فهو يُساعد في زوال الأعراض الجسدية. ويمكنك مع تناول الإندرال الاستمرار في العلاج السلوكي المعرفي، وهو يتطلب - كما تعرفين - المواجهة المتدرجة، أي تواجهين المواقف الأقل حتى يذهب القلق، ثم تتدرجين إلى المواقف الأصعب، ثم الأصعب.

ويمكن أيضًا أن تتعاطي أدوية أخرى، مثل دواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميًا باسم (استالوبرام Escitalopram)، فهو ليس مفيدًا للأعراض الجسدية فقط، لكنه علاجًا للحالة نفسها. إذا أمكن الحصول عليه، عشرة مليجرام، تبدئين بنصف حبة بعد الأكل لمدة أسبوع، ثم حبة كاملة بعد ذلك، وعادة يبدأ المفعول بعد أسبوعين، وتشعرين بالتحسُّن الكامل في خلال شهرين، وبعد ذلك يمكن الاستمرار فيه لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، حتى تختفي الأعراض تمامًا وتعشين حياةً مطمئنة.

وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السودان لمياء زين العابدين الشيخ محمد

    وفقكم الله وسدد خطاكم الاخت سائله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً