الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من العزلة والخجل ومشاكل في البيت والدراسة، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتيت إلى موقعكم الجميل، أسأل الله أن ينفع بكم الأمة، وأن يجزيكم خيرا.

أعاني من وحدة شديدة تماما؛ حيث إنني أحب العزلة ولا أحب الاجتماعات العائلية أو اجتماع لم شمل الأصدقاء، وفي الفترة الأخيرة انعزلت عن العالم لمدة تقارب الشهرين.

والغريب أنني أحب العزلة، ولكنني أبكي منها بحجة أنه ليس لدي أحد أو شخص مقرب، وأنني وحيد دائما وأبدا، وأنا دائما خجول؛ حيث إنني إذا أردت الذهاب لمطعم ورأيته مزدحما؛ أخشى الدخول وأخجل، وأخاف، وأتمنى أن أكوّن صداقات ويكون لي صديق مقرب.

أعاني من مشاكل أسرية مع والدي، بحيث إنني حللت الوضع أنهما لا يفهماني، وفارق السن بيني وبينهما هو العائق، وأنهما يكرهانني كرها شديدا، وأنهما يتمنيان موتي بأسرع وقت! علما بأني أصغر إخواني.

وعانيت من فشل في دراستي، تركت دراستي الجامعية، ودرست في كلية دبلوم، ولم أكمل، وأكملت في معهد، وفصلت بسبب تغيبي الكثير جدا، وتوظفت، ولكنني استقلت بعد شهر فقط، والآن أنا في معهد آخر، وأعتقد أنني لن أنجح فيه مثل السابق!

ولله الحمد، أنا أصلي الصلوات، لكن ليس بانتظام -أسأل الله الهداية- وكثير الدعاء.

ولدي الكثير من الذكريات السيئة منذ أن كان عمري 11 عاما، وهذه الذكريات تؤثر علي في تفكيري، ولا أستطيع نسيانها، وأنا الآن عمري 21، ولم أستطع نسيانها أبدا، وبسببها فكرت كثيرا بالانتحار، ولكن -الحمد لله- أعلم أن عقاب المنتحر شديد، وأتراجع عن هذا التفكير.

أريد حلولا؛ لكي أعيش حياة طبيعية، علما أن طموحي هو وظيفة مرموقة وأن أتزوج. فساعدوني -جزاكم الله خيرا- فأنا لا أفهم ما هذا الذي يتحكم بي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا بهذه التفاصيل التي من الواضح أنه لم يكن أمرا سهلا أن تكتب إلينا بها، وخاصة أنها ربما ذكرتك بأمور تريد أن تنساها من طفولتك.

يبدو من خلال رسالتك ومن خلال الصراع الذي تعيشه بين العزلة عن الناس والاختلاط بهم أنك بطبعك اجتماعي، إلا أن الرهاب الاجتماعي يقف في طريقك، ويدفعك للعزلة عن الآخرين.

وليس ذلك لخلل أو عيب فيك، إلا أن أحداث الحياة والتربية والذكريات التي وصفتها بالسيئة والتي تجعلك تتجنب الناس. ويبدو من رسالتك أنك طموح، وتريد -كما وصفت- الوظيفة المرموقة والزواج، ولا شك أنه يمكنك ذلك، ولكن ربما عليك –أولا- أن تقتنع بأنك تعاني من الخجل أو الارتباك الاجتماعي أو ما نسميه الرهاب الاجتماعي.

والرهاب الاجتماعي من أكثر أنواع الرهاب بين الراشدين والشباب، وهذا واضح من خلال كثرة الأسئلة التي تأتينا على هذا الموقع.

وما وصفت في سؤالك هو هذه الحالة النفسية من الرهاب الاجتماعي، وهي حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس وفي بعض المناسبات كالحديث معهم، وخاصة الغرباء الذين لا يعرفهم بينما هو أكثر راحة مع من يعرف.

وفي معظم الحالات، ينمو الشخص ويتجاوز هذه الحالة، وخاصة عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، وهو لا يدري ما يجري معه. فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنه حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء، وكما يقال: إذا عرف السبب بطل العجب.

ولا شك أنه يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الإيجابية الموجودة عندك، وأن تحاول أن لا تتجنب الأماكن الخاصة التي تشعر فيها بهذا الارتباك كالحديث مع الغرباء؛ لأن هذا التجنب يزيد الأعراض ولا ينقصها، والنصيحة الأفضل أن تقتحم مثل هذه التجمعات والأسواق، ورويدا رويدا ستلاحظ أنك بدأت بالتأقلم والتكيّف مع هذه الظروف الاجتماعية.

وإذا استمرت الحالة أكثر ولم تستطع السيطرة عليها فيمكنك مراجعة الطبيب أو الأخصائي النفسي الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره، يمكن أن يصف لك الطبيب أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين أو تخفي أعراض القلق والارتباك، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي.

وأشعر بأنك يمكنك ربما أن تتجاوز هذا الرهاب بنفسك، وخاصة أنك استطعت السيطرة على هذه المشكلة في بعض جوانب حياتك الأخرى.

وفقك الله, ويسر لك الوصول لتحقيق كل طموحاتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً