الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تعاني من وسواس النظافة والخوف من الموت، فكيف نساعدها؟

السؤال

السلام عليكم.

أمي تعاني من الوسواس بعد موت عمي، والذي تعتقد أن طيرا قتله، فأصيبت بخوف وهلع، وأصبحت تعاني من وسواس النظافة، فتغسل يدها كثيرا، وتغسل أطفالها، بل صارت تغسل كل شيء، وتعتقد أن الناس غير نظيفين، وكلما قابلت أحدا اغتسلت، وغيرت ملابسها، وصارت ترمي ملابسها والأشياء، وقد ازداد الوسواس، حتى إذا سمعت في التلفزيون عن مرض معين كالسرطان، أو تكلم أحد عن مرض، تعتقد أنها مصابة به، وإذا زارنا أحد ثم خرج، فإنها تغسل المكان، وترمي الأطباق التي استعملت في الأكل.

ذهبت إلى الطبيب، ووصف لها أدوية مهدئة لم تفدها، فما سبب هذا الوسواس؟ وما العلاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ aryan حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

واضح جدًّا من وصفك أن أُمك تعاني من اضطراب الوسواس القهري الاضطراري، وأسباب الوسواس القهري الاضطراري غير معروفة، ولكن بعض الناس عندهم القابلية لحدوث هذا المرض، وعندما تحدث مشكلة فإن الأعراض تبدو كما وضح من قصَّتك عن أمك عندما ذُكر عن موت عمِّك.

الوسواس القهري الاضطراري يتمثَّلُ في أفكارٍ متكررةٍ، أو مخاوف متكررةٍ، تتردَّدُ على الشخص بانتظام وبصورة متكررة، ولا يستطيع مقاومتها، وعندما تزداد عليه تُحدث له نوعًا من القلق والتوتر ولذلك يستجيب لها - كما في حالة أمك بالنظافة - وهذا يُحدث نوعًا من الارتياح المؤقت لفترة قصيرة، ثم تتكرر الأفكار مرة أخرى ويحدث الاستجابة لها، وهكذا دواليك، تكون الحالة مُزعجة ومتكررة.

ثانيًا: أحيانًا الوسواس القهري قد يُصاحبه اكتئاب، أو هو نفسه قد يكون جزءًا من اكتئاب نفسي، ولم تذكري هل أمك تعاني من اكتئاب نفسي، أي الحزن الشديد وعدم الاهتمام بالنفس والتغيير في المزاج واضطرابات النوم وفقدان الشهية والإحساس بالذنب - وهذه الأشياء -؟

وعلاج الوسواس القهري الاضطراري ليس بالأدوية فقط، ولكن يجب الجمع بين الأدوية والعلاج السلوكي المعرفي، ولنبدأ بالعلاج السلوكي المعرفي لأنه مهم في حالة والدتك.

العلاج السلوكي المعرفي للوسواس القهري الاضطراري يتلخص في منع الاستجابة للوسواس، أي تُمنع أمك من ممارسة النظافة المستمرة كما تفعل، وقد يحدث نوعًا من القلق والتوتر في البداية، ولكن هذه هي الطريقة الوحيدة لوقف عجلة الوسواس القهري والنظافة المتكررة، ويجب أن يكون هذا برنامجًا علاجيًا حازمًا، ولكن بدون عنف وبرفقٍ.

أما بخصوص الأدوية فهناك أدوية لا تؤدي إلى النوم وتساعد في علاج الوسواس القهري، وأذكر منها دواء يعرف تجاريًا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) عشرون مليجراما (كبسولات)، كبسولة يوميًا بعد الإفطار، وسوف تحدث الفائدة -إن شاء الله تعالى- بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع إلى شهر، وإذا لم يحصل تحسُّن ملحوظ فيمكن زيادتها إلى كبسولتين، بعد شهرين، أو أحيانًا يمكن رفع الجرعة إلى ثلاث كبسولات يوميًا بعد الإفطار، ويجب الاستمرار عليها لفترة تتراوح ثلاثة أشهر، ستة أشهر، إلى تسعة أشهر، حتى تختفي أعراض الوسواس القهري نهائيًا، أو تقلُّ بدرجة كبيرة، حتى يستطيع الشخص أن يعيش حياة متوازنة، ولا تؤثِّر على حياته اليومية وواجباته الوظيفية.

ويمكن الاستعانة بمعالج نفسي في حالة الصعوبة في عمل برنامج للعلاج السلوكي المعرفي، فيمكن الاستعانة بمعالج نفسي صاحب دراية في هذا الشأن، فهو سيضع برنامجًا وتطبيقات يومية تُقام في المنزل، ويمكن متابعة هذه التطبيقات مع المعالج حتى يحدث التحسُّنِ الكامل.

وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً