الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلتي هي عدم استجابة دعائي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا سيدة متزوجة منذ سنتين، لا أرتدي الحجاب ولا أصلي، ولكني أواجه مشاكل كثيرة، وعندما أدعو لا يستجيب الله لي، فهل كل هذه المشاكل بسبب قلة الإيمان وعدم أداء الفرائض؟ وهل الله غاضب مني؟

أرجو أن تفيدوني وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه.

وأما بخصوص ما تفضلت به، فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: هذا السؤال منك -أختنا الكريمة- يدل على عدم رضاك عما فعلت، ويدل على خوفك وحذرك من غضب الله عليك، ولعل هذه تكون البداية الصحيحة للتصالح مع الله عز وجل.

ثانيا: أختنا الفاضلة: لقد ذكرت أنك لا تصلين، وأنك غير محجبة، ولا ندري هل تعرفين حكم من ترك الصلاة وحكم من تبرجت أم لا؟ وعلى كل سنذكرك –أختنا- بحكم الاثنين معا.

تارك الصلاة -أختنا- المقر بوجوبها والمؤمن بفرضيتها ولكنه متكاسل عن أدائها اختلف أهل العلم فيه: بعضهم قال كافر، وبعضهم قال فاسق، واستدلوا على ذلك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة"، وكذا حديث أم أيمن عن رسول الله أنه قال:" من ترك الصلاة متعمداً برئت منه ذمة الله ورسوله"، والآيات والأحاديث في ذلك –أختنا- كثيرة ومستفيضة.

التبرج بمعنى نزع الحجاب، وكشف الشعر، أو كشف ما طلب الشارع إخفاءه يعد من كبائر الذنوب، ويدل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لأميمة بنت رقية إلى رسول -صلى الله عليه وسلم- تبايعه على الإسلام فقال: أبايعك على ألا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفتريه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى."، وهنا تلاحظي –أختنا- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرن التبرج بالشرك بالله والسرقة، وهذا يدل على أنها من كبائر الذنوب، كما أن التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رؤوسهن كأسنمة البخت، العنوهن فإنهن ملعونات".

وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المتبرجات أحد أصناف أهل النار، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".

وهذا غيض من فيض -أختنا الكريمة-، وإنا لنرجو الله أن يعافيك من كل شر.

ثالثا: لقبول الدعاء -أختنا- شروط رئيسة:
1-: التوجه إلى الله بالدعاء لا إلى غيره، وبقلب منكسر وعين دامعة قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).

2-: الابتعاد عن الدعاء بما فيه إثم أو قطيعة رحم مع عدم التعجل، لما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء".

3- الدعاء بيقين المؤمن الذي يعلم أن الله سيقدر له الخير عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه".

4-: الأكل الحلال واجتناب المحرمات.

وإذا ما توافرت هذه الشروط يرجى قبول الدعاء -إن شاء الله-.

رابعا: قد يكون تأخر الدعاء عنك لحكم عديدة منها: أن تراجعي نفسك وأن تصطلحي مع الله -أختنا الكريمة-، نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يصلحك، وأن يجعل هذه الرسالة فاتحة خير لك في قابل حياتك، واعلمي أن الله يقبل توبة التائب، ويغفر له ما مضى من ذنوبه إذا كان صادقا في توبته، قال تعالى: ( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة، ويكفيك ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنه سمع رسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( إن عبداً أصاب ذنباً فقال: يا رب إني أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنباً آخر، وربما قال ثم أذنب ذنباً آخر فقال: يا رب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي، قال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصاب ذنباً آخر، وربما قال ثم أذنب ذنباً آخر، فقال: يا رب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي، قال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، فقال غفرت لعبدي فليعمل ما يشاء).

نسأل الله أن يحفظك ويرعاك، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر Smail.meghassel

    بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً