الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ذهبت لراق يدعي أنه مرسول من أجدادي ليكف عنا الأذى، هل هذا صحيح؟

السؤال

السلام عليكم.

لقد تعرضت هذه الأيام لأحداث عدة، وسأسرد مختصرا منها: لقد ذهبت لمنزل الأقارب، وتم إحضار راق فيه، وكان كثير من الأهل مصابا بالسحر، وقال لي بأني مصابة بمس منذ أن كنت في التاسعة، وأنه كان كافرا ثم أسلم، وأنه خرج بسلام، وأنه سيساعدني في كشف السحر الذي هو موجود في بيتنا.

وقد صدق في ذلك، فعند دخولي إلى البيت قام بتبيان أشياء، والتكلم عن أشياء أخرى من بينها مكان السحر، وشيء آخر مرتبط بمنام حلمت به، وأن جدي الأكبر جاء وأعطاني حفنة من الفول السوداني، وطلب مني أن أقسمه على أهلي بالعدل، وأنه مرسول من أجدادي، حتى يساعدني في كف الأذى عنهم، وذكر علة كل واحد منهم وكيفية شفائه.

أرجوكم هل هذا صحيح؟ هل هذا ممكن؟ ساعدوني فأنا أقترب من الجنون عندما أفكر في ذلك الأمر، هل من الممكن حدوث هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ كريمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يجنبكم كيد الكائدين وحقد الحاقدين واعتداء المعتدين وظلم الظالمين.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فالذي أحب أن أبيِّنه لك أن هذا الشخص الذي استعنتم به هو رجلٌ ساحر، يستعمل الجن في تحقيق أهدافه، وفي إثبات قدرته على حل المشكلة، ولذلك -كما ذكرتِ أنت- قال: (سأخبركم في كشف السحر الموجود في البيت)، وبالتالي أيضًا جاء هذا الجن وأخبركم بأشياء طبعًا غريبة عنكم وعن أهليكم، وأعطاك طبعًا حفنة من الفول -كما ذكرتِ- وأخبرك في المنام أنه جدِّك الأكبر، وهذا كله مستحيل في الواقع حقيقة، لا تقبله نصوص الشريعة، وإنما هذا عبارة عن جن متقمِّص شخصية جدِّك أو غيره، وجاء بهذه الأخبار بناءً على استعانة الساحر به، وأنت تعلمين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صحَّ عنه أن الساحر كافر، وأخبرنا أن حدَّ الساحر ضربةً بالسيف، وبيَّن لنا أيضًا أنه لا يجوز لنا أن نستعين بهؤلاء السحرة أو الدجالين في حل مشكلاتنا، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدَّقه فقد كفر بما أُنزل على محمَّد).

فهذا الذي استعنتم به كان رجلاً ساحرًا، ولذلك عليكم ألا تذهبوا إليه مرة أخرى، ولا تُلقوا بالاً بهذه الأشياء التي قالها، قد يكون بعضها صحيحا، وهذا ممكن، لأن الجن لديه القدرة على فعل بعض الأشياء كما لا يخفى عليك، وهذا الأمر واضح في القرآن الكريم، ونصَّ عليه مولانا سبحانه وتعالى، وبيَّنه النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فالجن لديه القدرة على فعل بعض الأشياء، ولكن لا يفعل شيئًا لا يُريده الله تعالى.

عليك -بارك الله فيك- وهذه نصيحتي: أن تبحثي عن راق شرعي ثقة من الذين يعالجون بالقرآن الكريم فقط، واعرضي نفسك عليه، وبإذن الله تعالى سوف تُعالج الأمور بطريقة شرعية، ولا تلتفتي لهذا الكلام الذي استمعت إليه من هذا الدجَّال الذي ذهبتم إليه، لأن هذا الكلام الذي ورد في رسالتك يدل دلالة قاطعة على أنه ساحر، وأنه يستخدم الجن - كما ذكرتُ لك - في قضاء حاجاته، ومع الأسف الشديد أن هذا لن يُعالج الأمر، لأن ما أن تذهبي مرة واحدة إلى الساحر حتى تبدأ مسألة الاستنزاف، وأحيانًا حتى ولو تحسَّنت حالتك يُسلِّط الجنِّ عليك مرَّة أخرى لتكوني دائمًا على علاقة به، ولتكوني دائمًا في حاجة إليه.

فأنا أرى أن تستغفري الله وتتوبي إليه من ذهابك لهذا الساحر، لأن هذا من المعاصي والذنوب التي بيَّنها أهل العلم، وكما ذكرتُ لك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدَّقه فقد كفر بما أُنزل على محمَّد) فتتوبي إلى الله تعالى وتستغفريه، وإذا كنت قد تحسَّنت فهذا من فضل الله تعالى، وإذا شعرت أنك في حاجة إلى مزيد من الرقية فأنا أرى أن تستعيني بعد الله تعالى براق شرعي ثقة من الذين لا يستعملون أكثر من كلام الله تعالى وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وأركِّز على قولك أنه جدَّك الأكبر وهذه الأشياء: هذا جني تلبَّس، وأنت لا تعرفين جدَّك الأكبر، لعلك لم ترينه، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنه استعان بالجن لإيهامك بأنه قد جاءك بأخبار لا يمكن لأحد أن يأتي بها، وأنه قد استعان بأقاربك الكبار، إلى غير ذلك، وهذا كله - كما ذكرتُ - صورة من صور الدجل لا تُلقي لها بالاً ولا تعبئي بها، إذا كنت قد استرحت فالحمد لله تعالى، وإذا كنت ما زلت في حاجة إلى علاج فاستعيني بعد الله تعالى براق شرعي ثقة.

أسأل الله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات