الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التشجيع على مواصلة طلب العلم المنهجي

السؤال

السلام عليكم.

إني لأحمد الله على هدايته، وأسأله الثبات على دينه، وحسن الخاتمة.

أنا أدرس التجويد، وأنا في المرحلة النهائية (المكثف) وأدرس العلوم الشرعية في المعهد سنة ثانية، طبعاً بدون شهادة رسمية، وهذا لا يعني لي شيئاً، أهم شيء أن أعلم أمور ديني، ولكن بدأت أتعب ويشق علي ذلك، وبدأت أعاني من ضعفي ورعاية بيتي من زوج وأبناء، ومن دراستي، حيث أشعر بصعوبة التركيز في أخذ العلم كما أحب، حيث أخرج يومياً في الصباح لدراسة التجويد، وهذا لا مشكلة فيه، إنما مشكلتي في المعهد، حيث تبدأ الدراسة عصراً من الخامسة تقريباً وحتى الثامنة، وتصل أحياناً إلى التاسعة إلا ربع مساءً، ولدي أبناء ثلاثة، أكبرهم عمره عشر سنين، وأصغرهم ست، وأنا حامل، وأفكر في الانقطاع عن المعهد للتفرغ للتجويد وحفظ كتاب الله ورعاية بيتي وأبنائي، وحيث أني أخاف على زوجي من حدوث خلوة مع الخادمة في حالة خروجي، فأنا محتارة، أريد العلم وإدارة المعهد متمسكون بي، ويقولون لي بما معناه أنه مدخل من مداخل الشيطان أن تتركي العلم، ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، مع أني كنت أقرأ كثيراً وأتتبع أقوال وفتاوى علمائنا، وعندما دخلت المعهد توقفت عن القراءة، وأصبحت لا أستفيد إلا قليلاً، وزوجي يشجعني، وفي نفس الوقت هو متضايق.

أرجو أن تدلوني على الصواب.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يبلغك المنى والمناجح، وأن يرزقنا وإياك الصلاح في النية والذرية.

فإن طلب العلم أفضل من كل نافلة، وأشرف العلوم ما يزيد من قرب الإنسان من ربه، ومن يرد الله به خيراً يفقه في الدين، وهذه بإذن الله دراسات مباركة؛ فاقصدي بطلب العلم وجه الله، واحرصي على تطبيق ما تعلمته في نفسك وفي القيام بحق زوجك وأولادك.

والسعيدة في النساء من تجد زوجاً يشجعها على طلب العلم ويصبر ويضحي، ومع ذلك فأرجو أن تحاولي التوفيق بين الإحسان إلى الزوج ومواصلة الطلب، واحرصي على أن تعوضي له فترات الغياب بحسن معاملته، والحرص على التزين له لإعفافه، وإدخال البهجة عليه حتى لا يلتف إلى غيرك، وأنت بذلك تنتقلين من طاعة إلى مثلها، واسألي الموفق سبحانه أن يعينك على ذلك.

ولا شك أن دراسة المعهد دراسة منهجية هي أفيد من القراءة الحرة؛ لأنها تؤسس الإنسان عملياً، وتجعله يدخل ساحة العلم من بابها الرئيسي، فإن الدراسة المنهجية تعطي الدارس مفاتيح العلوم، وتعينه على فهم كل غامض ومبهم، فلا تحزني لانقطاعك عن القراءة الحرة، فإنها تُدرَك في أي وقت بخلاف الدراسة المنهجية فإنها تصعب على الإنسان كلما زادت الأشغال والمسؤوليات، وأحسن من قال: (تفقهوا قبل أن تسودوا)، وأجاد كذلك من قال : (وبعد أن تسودوا؛ فإن الإنسان لا يزال عالماً ما طلب العلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل)!

وأرجو أن يجتهد الزوج أيضاً في طلب العلم، وشغل نفسه في هذا الوقت بمهامٍ تبعده عن الخلوة بالخادمة، التي أرجو كذلك أن تحسني اختيارها وتوجيهها، ومعاملتها بالطريقة التي ترضي الله.

وطالما تمسكت بك إدارة المعهد، فهذا دليلٌ على أنه يرجى منك الخير، وتحمل أمانة العلم والبلاغ، ومداخل الشيطان تتنوع، ولكننا بالفقه في الدين والأخلاق لرب العالمين نتغلب على حيله ومكايده.

فسددي وقاربي، وحاولي التوفيق بقدر الإمكان بين حقوق الزوج وواجب الأسرة، وبين طلبك للعلم، وننصحك بعدم ترك الدراسة بالمعهد، خاصةً وزوجك يشجعك، ولابد من التضحية من الجميع من أجل طلب العلم ونيل مراتبه، والفوز بثمراته.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً