الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أعراض مختلفة ولا أعرف سببا لها، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أولاً: نشكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعم علينا، وتفضل بكرمه ومنه وعافيته، ثم نشكر كل الأساتذة والسادة الأطباء القائمين على هذا الموقع الفاضل، وجعل الله ما تقومون به في موازين أعمالكم، والشكر موصول لكل إخواني العاملين على هذا المنبر الطيب المبارك، واللهَ أسأل أن يديمه علينا، وأن يبارك فيه وفي كل القائمين عليه:

أنا أعاني من أعراض ليس لها سبب مباشر، وأود أن أعرف سببها حتى أتوصل لعلاج لها، أنا الآن عمري 33 عاما، ومنذ الطفولة أعاني من (نهجان) وزيادة في معدلات التنفس، بالرغم من أني ربما أقوم بمجهود كبير، وأصعد سبع طوابق هرولة دون توقف، ولا أشعر بأعراض إلا شعوري كأن هناك شيئا ضاغطا على صدري، ويجعلني غير قادر على أخذ النفس بشكل كامل.

وأظافري ضعيفة هشة جداً، متشققة طولياً، وإرهاق عام، ونسيان بشكل مبالغ فيه لدرجة أنه أثر علي في حياتي وفي عملي، فأنا ربما أضع الأشياء في أماكن لم أتذكرها، وأنسى بسرعة جداً، وذاكرتي القريبة تتلاشى حتى وأنا أتحدث عن موضوع وأتكلم فيه ربما أنساه، وأجد صعوبة في تجميع المعلومات مرة ثانية، ولابد لي من أخطاء بالحسابات تحدث مهما حاولت الاحتياط في العمل، وبطء ملحوظ في سرعة الاستيعاب، وفي نفس الوقت أظافري زرقاء اللون، وأطرافي باردة شتاءً لدرجة أنني في بعض الأحيان لا أشعر بها.

كما أن شعري جاف ضعيف، وبشرتي أيضاً ضعيفة تشبه بشرة كبار السن؛ مما يعطيني دائماً مظهرا أكبر من سني، ودائماً ما أجد من يعلم سني يتعجب؛ لأن شكلي يدل على أني أكبر من ذلك، وقد قمت عدة مرات بعمل تحليل صورة للدم، فأجد أن كل شيء تمام، لا أعاني من أنيميا، بل نسبة الهيموجلوبين -رغم شحوب وجهي وأظافري- ربما أكبر من المعدل الطبيعي، وقمت بعمل تحليل لوظائف الكلى والكبد أكثر من مرة، وفيروسات، وكل شيء تمام -بفضل الله- لا توجد أي مشكلة.

قلت ربما يكون القلب به قصور ما، ولا يحتمل ضخ الدم بالصورة الصحيحة لوصوله إلى الأطراف والدماغ بالشكل الكافي، وعملت رسم قلب أكثر من مرة، وكشفت عند دكاترة قلب، وأكدوا لي أن القلب سليم، والعضلة قوية، ولا يوجد شيء، وقمت بعمل موجات صوتية على القلب؛ لأقطع الشك باليقين، فإذا بها سليمة، والصمامات كل شيء تمام، وقمت بعمل أكثر من مرة بأشعة على الرئتين أيضاً، ولا مشاكل.

أنا تعبت من كثرة النسيان، والإحساس بالإرهاق والتعب من أقل مجهود، ورعشة خفيفة في يدي، وعدم اتزان أعصابي، وأخاف أن هذا الضعف العام يؤثر علي سلباً، ويدمر أجهزة جسمي قبل الأوان، وأصاب بالزهايمر مبكراً.

أرجو من إخواني الأفاضل هنا من الأطباء والأساتذة الأفاضل أن يفيدوني، وأسأل الله لكم خير الجزاء في الدنيا والآخرة، فقد تعبت، وآلمني الإحراج دائماً من النسيان والسهو لأتفه الأسباب.

علماً بأن هذه الأعراض منذ الطفولة، ومنذ أن وعيت، ولكنها زادت هذه الفترة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -أخِي الكريم- في إسلام ويب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك كثيرًا على كلماتك الطيبة في حق الشبكة الإسلامية والعاملين بها، فنسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعًا.

أخِي: لقد قمت بتدارس رسالتك بكل محتوياتها وتفاصيلها، والذي استطعت أن أستنتجه هو أنك ربما تكون تعاني من علة تُعرف بمتلازمة الإجهاد الدائم أو المزمن، بمعنى أن الإنسان يحسُّ دائمًا أنه مُجهد، أنه قليل الطاقات، وفي ذات الوقت تجد أيضًا لديه شيء من عُسر المزاج البسيط، وضعف في التركيز.

هذه العلة -أخِي الكريم- معروفة، لكن أسبابها لم تُحدد على وجه الدقة.

بالنسبة للتغيرات الجسدية التي تحدثت عنها: حقيقة لا أعرف لها سببًا، لكن ما دمت قد قمت بالتواصل مع الأطباء وقاموا بفحصك وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة وأكدوا لك أنه ليس لديك علة عضوية فأعتقد أنه من الأفضل أن تقتنع بوجهة النظر هذه، لكن اعرض نفسك على طبيب تثق به، وقم بالمراجعة مرة كل ستة أشهر مثلاً لإجراء الفحوصات الطبية العامة.

بالنسبة لشعورك بأن كل شيءٍ ضاغط على صدرك ويجعلك غير قادر على أخذ النفس بشكل كامل: هذا قد يكون سببه نوعًا من القلق البسيط، القلق النفسي دائمًا ما يكون مصاحبًا لمتلازمة الإجهاد المزمن، وفي ذات الوقت -أخِي الكريم- بعض الناس لا يتعودون على التنفس الصحيح، يكون دائمًا تنفسهم تنفسا سطحيا، بمعنى أن الإنسان لا يأخذ النفس بعمق ليملأ رئتيه بالهواء، وهؤلاء كثيرًا ما يعانون من نفس الذي تعاني منه.

فأنا أعتقد أنه سيكون من الأفضل لك أن تتدرَّب على التنفس بصورة أعمق، والتمارين الاسترخائية -وهي تمارين التنفس التدريجي- مفيدة جدًّا، وهذه التمارين بسيطة، أشرنا إليها في استشارة بموقعنا تحت رقم (2136015) يمكنك أن ترجع لهذه الاستشارة وتطلع على التفاصيل التي أوردناها، فأرى أنها ستكون ذات فائدة كبيرة جدًّا بالنسبة لك.

وسوف أقوم بتحديد التمارين الضرورية بالنسبة لك، وهي تمارين التنفس: اجلس في مكانٍ هادئ داخل الغرفة، على كرسي مريح، أو نم على السرير، أغمض عينيك، افتح فمك قليلاً، تأمَّل وتذكر، وتدبَّر في شيء جميل، ثم خذ نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، يجب أن تستغرق عملية الشهيق هذه ثمان إلى عشر ثوانٍ، بعد ذلك أمسك الهواء لمدة أربع إلى خمس ثوانٍ في الصدر، ثم أخرج الهواء ببطء وقوة عن طريق الفم، وهذا هو الزفير والذي يجب أن يستغرق أيضًا ثمان إلى عشر ثوانٍ.

كرر هذا التمرين -أخِي الكريم- خمس مرات متتالية بواقع ثلاث مرات في اليوم، سوف يفيدك كثيرًا إذا اقتنعت بفائدته وقمت بتطبيقه على الوجه الذي ذكرته لك.

بالنسبة لمتلازمة الشعور بالإجهاد المزمن، تعالج عن طريق ممارسة الرياضة، وجد أن الرياضة التدريجية مفيدة جدًّا -خاصة رياضة المشي، الجري، كرة القدم- هذه مفيدة، وكذلك رياضة السباحة، فاحرص تمامًا على ممارسة الرياضة، واجعلها ديدنك.

تجنب النوم النهاري، النوم الليلي المبكر، التوازن الغذائي، حسن إدارة الوقت...، هذا كله علاج وعلاج مفيد جدًّا، وهنالك دراسات كثيرة أشارت أن مضادات الاكتئاب مثل الـ (بروزاك Prozac) والذي يسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) مفيدة جدًّا في علاج مثل هذه الحالات، لكن لا أريدك أن تتناوله قبل أن تُقابل طبيبك كما ذكرتُ لك سلفًا.

حالتك ليس لها علاقة بالزهايمر أو شيء من هذا القبيل أبدًا. أسأل الله لك العافية، وأشكرك -أخِي الكريم- مرة أخرى على ثقتك في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • روسيا الإتحادية EssamELmasry

    أشكرك أستاذي الفاضل جزيل الشكر على ما قمت به من رد كافي ووافي ودراسة حالتي وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل هذا المجهود والإفادة في ميزان حسناتك وكل القائمين على شبكتكم الكريمة وأن يجعل لكم من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ،، إنه ولي ذلك والقادر عليه

  • ليبيا قانت

    من الأدعية المأثورة في الأمراض ما في قوله صلى الله عليه وسلم: أذهب البأس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً. رواه البخاري ومسلم.

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً