الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوسي وكثرة التخبط النفسي مع ذاتي في ديني تحزنني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أعاني من كثرة الجدال مع الذات في بعض الأمور المتعلقة بديني، مثلاً عندما أرى شخصًا أصابه حادث وأصيب بالشلل أحزن عليه جدًا، وأشعر في مكان في عقلي أنه ليس بعدل أن يكون هو الوحيد المعاق بين الكل، أو أن شخصًا أصابه مرض منذ الصغر -بكم وصمم-، فأشعر أنه مظلوم، ولا أعلم إذا كان لها تفسيرًا؟

أيضًا أعاني عندما أرى شخصًا مصابًا بشيء معين أن أكثر من قول: "إن شاء الله ما أصير مثله" وبعد شهور أصبحت مضطربًا وأقول: إن شاء الله أصير مثله، وبعدها أكرر قول: "إن شاء الله ما أصير" أكثر من مرة وأعيد، إلى أن صار حالي الآن جدًا سيء، وأصبحت أشك في ديني بشكل كبير، لماذا هذا جميل وهذا لا؟ لماذا أملك سيارة وغيري لا يملك؟ وجرني ذلك لأشياء لا يعلمها إلا الله!

أتجرأ أحيانًا على الرب بغير قصد في الوسوسة التي قد تصيبني، وأحس أنها صدرت من مكان، ولكني تمام الثقة أني لا أقصدها تمامًا، والله أعلم!

أرجوكم ما الحل لكل هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ معاذ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ابننا العزيز أولاً: نذكرك بركن من أركان الإيمان ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر، فما كان مقدراً لابد أن يكون شئنا أم أبينا، والله سبحانه وتعالى يقدر ويقضي ما يشاء، ولا يُسأل عما يفعل فهو أرحم الراحمين، وهو العطوف الودود الكريم اللطيف، وهو العدل أعلم بحال عبادة، وأعلم بما هو خير لهم، وحرم سبحانه الظلم على نفسه وجعله محرمًا بين عباده، فانظر -ابننا العزيز- إلى ابتلاءات الأنبياء والمرسلين، وهم أشد بلاء من بقية الناس، مع أن الله تعالى اصطفاهم واختارهم من بقية الخلق، فالإنسان ظلوم جهول، لا يدري أين تكمن مصلحته هل في غناه أم فقره؟ هل في صحته أم مرضه؟

ثانياً: السلوك الذي تشكو منه أخذ الطابع الوسواسي؛ لذلك أصبحت تشعر بالضيق والتوتر، ويعد هذا من الطقوس الوسواسية التي لا فائدة مرجوة من فعلها، فالوسوسة مرض يعتري الشخص، يأتي له بصورة أفعال وأفكار تتسلط عليه وتضطره لتكرارها، وإذا لم يكرر الفعل أو يتسلسل مع الفكرة يشعر بتوتر وضيق، وعدم صحة ما فعل، ولا يزول هذا التوتر إلا إذا كرر الفعل، وتسلسل مع الفكرة، فهو إذاً المبالغة الخارجة عن الاعتدال، فقد يفعل الأمر مكررًا له حتى يفوت المقصد منه، مثل أن يعيد الوضوء مرارًا حتى تفوته الصلاة.

قد يأتي الوسواس في صورة شكوك تستوجب الـتأكد الخارج عن العادة مثل تكرار أو ترديد كلمات، أو عبارات معينة، وما إلى ذلك، وقد يأتي في صورة اشتراط أو ارتباط سلوك بحدث معين، فإتباع الفكرة والاستجابة لها يعزز هذا السلوك، ويصبح كالعادة، وقد تكون أكثر ألماً في حالة التفكير في المسائل التي تمس العقيدة، فنسأل الله تعالى أن يوفقك في تجاوز المرحلة الحالية والعودة إلى الوضع الطبيعي.

إليك بعض الإرشادات ربما تساعدك في التخلص من هذه الأفكار:

1- حاول تجاهل وتحقير الفكرة الوسواسية، وعدم الاستجابة لها والانشغال بموضوعات فيها مصالح وفوائد في حياتك، وتجنب الجلوس لوحدك، بل خالط الناس وشاركهم في مناسباتهم، وتحملك للضيق أو القلق الناتج عن عدم الاستجابة للأفكار الوسواسية لفترات طويلة يؤدي إلى ضعفها وتلاشيها.

2- عندما تأتيك الأفكار المتعلقة بالعقيدة اسأل نفسك هذه الأسئلة: هل أنا أقر بهذه الأفكار وأدعو لها الآخرين وأحاول إقناعهم بها، أو أستطيع أن أكتبها أو أجاهر بهذا في أجهزة الإعلام المختلفة؟ فإذا كانت الإجابة لا، فإذن لا داعي لضياع الوقت فيها، وهي لا تستحق الاهتمام، وتيقن بأن الله تعالى يعلم نيتك.

3- لا بد أن تعلم أن الوسواس القهري يكون دائماً عكس ما يقدسه الشخص ويحترمه ويحبه؛ لذلك هذه الأفكار التي تشغلك دليل على حرصك واهتمامك بعقيدتك وأمور دينك.

4- واظب على ممارسة تمارين الاسترخاء العضلي بشكل يومي، وخاصة في حالة الضيق أو التوتر الشديد، وستجد تفاصيلها في الاستشارة رقم: 2136015.

5- أشغل لسانك بذكر الله تعالى من تسبيح وتهليل، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله تعالى أن يشفيك ويقوي إيمانك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية معاذ

    جزاكم الله كل خير ، اسال الله العطيم ان يحرم وجوهكم عن النار يوم لاينفع مال ولا بنون

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً