الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علقت في ذهني صورة شاذة عند مصافحة الناس.. كيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم

أكتب لكم رسالتي هذه بحروف مدادها الدمع والدم والسهر لقد تعبت وحاولت الانتحار.

أنا شاب متزوج، ملتزم أحافظ على الصلاة، أخاف ربي، أحمل شهادات دكتوراه في التاريخ، لا أعرف صراحة كيف أبدأ موضوعي، أنا أخجل من نفسي، شيء ضرب من الخيال.

قبل سنوات شاهدت فيلما أجنبيًا فيه حركة شاذة غير لائقة وإهانة للطرف الآخر واستهزاء،كوضع الإصبع الأوسط في وجه أحدهم –حاشكم- علقت هذه الصورة في عقلي وأصبح عقلي يبعث إشارات لأصبعي الأوسط من يدي اليمنى عند مصافحة أي إنسان طبعًا شيء مؤسف ومخزي، ومن دون قصد إهانة طبعًا.

حاولت بشتى الطرق أفكر بشيء آخر دون فائدة، أنا رجل معتدل ملتزم ذي قيمة، ليس لدي ميولات شاذة -والعياذ بالله- هذه البلوة أصبحت أحرج من مصافحة أي أحد، ومحرج أروح لطبيب عصبي أو نفسي، محتار فكرت أقطع أصبعي أو سأنتحر، ولا أن أبقى في هذه الحالة تجعل الناس تسخر مني، هل هذا مرض أو عادة أو وسواس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ samer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، نرحب بك - أخِي الكريم - في إسلام ويب، وقطعًا في هذه الأيام الطيبة المباركة ليس هنالك ما يدعوك لأن تفكّر في الانتحار، أحزنني جدًّا أنك قد حاولت الانتحار، فيا أيها الفاضل الكريم: هذا دهليزٌ مظلمٌ يجب ألا تدخله، الحياة كريمة، والحياة عظيمة، وهي هبة الله تعالى لنا، والإنسان يجب ألا يجعل مآله في الدرك الأسفل بيده.

أنا تعاملتُ كثيرًا جدًّا مع الذين يحاولون الانتحار أو الذين لديهم أفكار انتحارية، وأستطيع أن أقول أنه من أسوأ وأقبح السلوك الإنساني.

فيا أيها الفاضل الكريم: يجب أن توصد هذا الباب، ومشكلتك إذا قِسْناها بكل المقاييس لا تستحق أبدًا أن تدفعك هذا الدفع السلبي بأن تأخذ حياتك عُنوة، لا.

أيها الفاضل الكريم: رسالتك واضحة، بيِّنة، شكواك حقيقةً فيها مُتعة علمية لي، هذا يجب أن أعترف به، والذي توصلت إليه أنك بالفعل تعاني من وسواس قهري، تلك الحادثة، ذلك المشهد الذي شاهدته في الفيلم الأجنبي كان هو الشرارة التي أيقظت بؤر الوساوس لديك.

الأمر في غاية البساطة، ويا أخِي الكريم: هذا سلوك متعلم، وذلك حسب نظرية العلوم السلوكية، وما هو متعلَّم يمكن أن يُفقد، يُفقد بالتعليم المضاد، والتعليم المضاد هنا أن تُحقِّر هذه الفكرة تحقيرًا تامًا، وأن توصد الباب أمامها تمامًا، وأن تتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس، وأنا متأكد أن أحد هذه الأدوية سوف يفيدك ويفيدك كثيرًا.

اذهب إلى الطبيب النفسي إن كان ذلك ممكنًا، وإن لم يكن ذلك ممكنًا عقار مثل الـ (فافرين Faverin)، والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أو الـ (بروزاك Prozac)، والذي يسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، أو الـ (زولفت Zoloft)، والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) سيكون أحد هذه الثلاثة مفيدًا ومفيدًا جدًّا بالنسبة لك، فلا تتأخر في تلقي العلاج، وأنا متأكد من أن العلاج الدوائي سوف يعود عليك بخير كثير فيما يتعلق بمزاجك، فيما يتعلق بتوجُّهاتك نحو الحياة.

لا بأس أن أذكر لك جُرع أحد الأدوية إن لم تكن تستطيع الذهاب إلى الطبيب، عقار زولفت دواء مثالي جدًّا، الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة، خمسة وعشرين مليجرامًا، تتناولها ليلاً لمدة أسبوعين، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هو من الأدوية الطيبة والجيدة وسهلة الاستعمال، ولا يُسبب الإدمان أو شيء من هذا القبيل، فقط ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً عند الجماع، لكنه لا يؤثر على الصحة الإنجابية والذكورية عند الرجل أو المرأة.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق، وكل عامٍ وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً