الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عاد الاكتئاب والقلق والخوف ولم ينفع الدواء!

السؤال

أنا شاب، عمرى 31 عامًا، متزوج ولي طفلة، عانيت من الاكتئاب والوسواس والقلق منذ حوالي أربع سنوات، وقد تعالجت عند طبيب نفسي لمدة 9 شهور، كنت آخذ خلالها (Nodep 10mg [Escitalopram],Dogmatil 50)، وقد تحسنت وشفيت، وظللت ثلاث سنوات في حالة جيدة حتى منتصف رمضان الماضي حين أصابني أرق، فرجعت لي الحالة من قلق وخوف ووساوس شديدة، وعاد لي الاكتئاب ولكن أشد هذه المرة، حيث إنني دائم التفكير في حالتي ليلاً ونهارًا.

بدأت آخذ حبوب الـ dogmatil 50، حيث إن الطبيب قال لي حين تشعر بالقلق تناولها، ولا أخفى عليكم لم أشعر بالتحسن المطلوب، وكانت تأتي أيام كثيرة تشتد حالتي، فقررت الذهاب لطبيب نفسي، ولكن ليس نفس الطبيب السابق؛ لأنه لم يعد موجودًا، وشرحت له حالتي، وحكيت له قصتي، فكتب لي نفس العلاج الذي كتبه طبيبي الأول.

في الحقيقة مر الأسبوع الأول دون أن أشعر بتحسن، ثم في الأسبوع الثاني بدأت أشعر بتحسن، ظللت عليه 6 أيام، وبعدها في الأسبوع الثالث بدأت حالتي تسوء للغاية، فذهبت إلى الطبيب وشرحت له، حيث إنه قال لي بعد أسبوعين ستشعر بتحسن، فكيف شعرت بالتحسن ثم ساءت حالتي؟! وكلما تسوء الحالة كلما زاد القلق، فقال لي الطبيب: انتظر سوف يأتي العلاج بمفعول. ولي الآن شهر آخذ العلاج ومنتظم بالجرعات، حيث أريد أن أشفى، ولكن دون جدوى!

أنا من النوعية المطلعة أقرأ كثيرًا عن حالتي، وأعرف أغلب الأدوية النفسية, وأعرف جيدًا أن الـ Escitalopram من أقوى مضادات الاكتئاب والوسواس والقلق، فكيف لم يأت معي بنتيجة؟ أحزنني هذا الشعور وزاد حالتي سوءًا، حيث كان عندي أمل كبير في أنه سيأتي معي بمفعول.

أشعر أن حياتي انتهت، فلجأت إلى الله سبحانه وتعالى، ثم إليكم حتى تضعوني على طريق الشفاء، حيث إن حالتي سيئة للغاية، فأرجو أن لا تغيبوا في الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ shreef حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أيهَا الفاضل الكريم: اتفق علماء السلوك وأشارت الكلية الملكية البريطانية للأطباء النفسيين وبصورة واضحة جدًّا - وهي من أكبر المؤسسات الطبية النفسية في العالم - أشارت خلال السنوات الأخيرة أن أي علاج نفسي يجب أن يكون له أربع مكونات:

• المكون الأول هو الجانب الحيوي - أي البيولوجي - ويُقصد بذلك الأدوية.

• المكون الثاني هو العلاج النفسي، وهذا هو العلاج السلوكي المعرفي على وجه الخصوص، والذي يقوم على مبدأ: التفاؤل، وتغيير الأفكار السلبية، واستبدالها بأفكارٍ إيجابية، وأن يُحسِّن الإنسان من دافعيته النفسية مهما كانت مشاعره.

• المكون أو خط العلاج أو وسيلة العلاج الثالث هو العلاج الاجتماعي، ويُقصد به: الإكثار من التواصل الاجتماعي، تطوير المهارات، التطوَّر العلمي أو الأكاديمي، أو التطور على مستوى العمل، وممارسة الرياضة أيضًا وجدتْ بأنها أفضل العلاجات السلوكية والاجتماعية في ذات الوقت.

• المحور الرابع للعلاج هو العلاج الروحي - كما أسْمَتْه الكلية - ونحن نسميه بالعلاج الإسلامي، العلاج الإسلامي الذي يقوم على مبدأ السعي في الحياة، والتوكل على الله تعالى، وطاعة الله تعالى، والالتزام بالعبادات، وحسن الخلق، والإحسان إلى الآخرين، وذكر الله على الدوام.

فيا أخِي الكريم: هذا المحور - العلاج الرابع - يجب أن يتوفر فينا جميعًا، فهو ذو قيمة علاجية كبيرة، ولا شك أن صلاة الجماعة على وجه الخصوص تعطي شعورًا كبيرًا للاطمئنان والجماعية الداخلية، وهذا يكون له عائد كبير في العلاج الاكتئاب النفسي والقلق والتوترات.

فيا أخِي الكريم، يجب أن تأخذ بهذه المكوِّنات أو وسائل العلاج الأربعة هذه.

وبالنسبة للعلاج الدوائي: الـ (استالوبرام Escitalopram) عقار رائع وممتاز جدًّا، وأنا أريدك أن ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، وهذه ليست جرعة كبيرة، إنما هي جرعة مُحفِّزة من الناحية الكيميائية، وبعد أسبوعين إلى ثلاثة سوف تجني فائدة علاجية كبيرة جدًّا من هذه الجرعة.

تستمر على جرعة عشرين مليجراماً لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها بعد ذلك إلى عشرة مليجرامٍ، وهذه يمكن أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، أو حسب ما يوجِّهك طبيبك، وحين تريد التوقف عن الدواء يجب أن يكون التوقف توقفًا متدرِّجًا؛ لأن الـ (إستالوبرام) يُسبب آثارًا انسحابية إذا كان التوقف عنه مُفاجئًا.

يُضاف لـ (إستالوبرام) عقار آخر بسيط، أريدك أن تتناوله كعقار داعم، وهذا العقار هو الـ (فلوناكسول Flunaxol)، والذي يعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) تتناوله بجرعة نصف مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم نصف مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ آخر.

هذا الدواء سوف يفيدك كثيرًا خلال هذه المدة القصيرة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بهما.

فيا أخِي الكريم: هذه هي الإرشادات التي أودُّ أن أسديها لك، ومن الناحية النفسية: أريدك أن تكون متفائلاً، أن تكون إيجابيًا، أن تنظم حياتك، أنت رجل متزوج، لديك خير كثير في حياتك، فلا تجعل الفكر السلبي أو الفكر الوسواسي يُسيطر عليك، أكثر من التواصل الاجتماعي، فإن شاء الله تعالى فيه خير كثير وتطوير كبير جدًّا للمهارات.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا عبد الرحمن

    انصح بأخذ ماقاله الدكتور..
    وأزيد الاهتمام بالاصدقاء المتفائلين والابتعاد عن اليائسين والذين يزيدون بعض المواقف سوءا اما بتعليق او استهزاء

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً