الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل هناك علاج غير الأدوية للتخلص من القلق والوسواس؟

السؤال

السلام عليكم

أنا صاحبة الاستشارة بعنوان (قلق ووسواس يؤثر على حياتي..الخ)، أشكركم كثيراً على ردكم المطمئن، فقد أسعدتموني.

بعد أن قرأت الاستشارة أرسلتها لأمي على الواتساب، وأخبرتها بحالتي، وعندما عدت من المدرسة استقبلتني ببشاشة وأخذت تناقش معي الموضوع بهدوء، فأخبرتني أنها عانت من الوسواس، ولا زالت، وأن علاج الوسواس يكون بالتجاهل، وكنت أحاول إقناعها أن الوسواس ربما يعالج سلوكياً ومعرفياً، وأحياناً يحتاج للدواء.

حاولت أن أوضح لها أن له علاقة بالمخ، فأخبرتني أنها معجبة بمعلوماتي، وقالت: إن عمي أيضاً كان مصاباً به، وكان يتوضأ حتى تفوته الصلاة، وجلسنا نتحاور بعض الوقت وأرسلت لها مقاطع عن الوسواس لأقنعها، فأبدت لي اقتناعها ففرحت، ولكني لاحظت مع مرور الأيام أنها تحاول أن تنسيني الأمر فحزنت كثيراً، وبصراحة صدمت من ردة فعلها أنها غير مقتنعة بالذهاب لطبيب، وأخبرت والدي، وبدأ والدي يعطيني محاضرات دينية فهو من تلك الفئة التي ترى أن الطب النفسي غير حقيقي، وأن الأدوية النفسية تسبب الجنون، وأن الوسواس مصدره واحد وهو الشيطان، وجلس يحكي لي أنه أيضاً عانى من الوسواس، وكان يستيقظ فزعاً.

عندما أحاول إقناعه بالدواء يغضب، وأعتقد أن عائلتي كلهم لا يؤمنون بهذا الطب، فحزنت كثيراً وأبديت انزعاجي، وخفت أن أؤثر على نفسيتهما، وأن لا يتحملا الأمر فأتسبب بحصول مكروه لهما، فعدت إليهما سريعاً وأبديت لهما اقتناعي بكلامهما وأني تحسنت، لأني خفت عليهم كثيراً.

هل ينفع أن أستخدم العلاج المعرفي السلوكي؟ وهل لديكم علاج غير الأدوية؟ لأنه تعذر علي الذهاب، وأنا مستعدة لتحمل أي علاج مهما كان شاقاً، ومهما استغرق وقتاً غير الدواء، خاصة أن وسواسي ديني، ومشكلتي هي القلق.

هل هناك طريقة أو نصيحة لأخفف هذا القلق الذي أرى أنه شاذ نوعاً ما؟ فكثير من الناس ربما يخطئ أو يقصر في عمل ما، لكني لا أرى أنهم يقلقون ويؤثر الأمر على حياتهم، أما أنا فإن قصرت في عمل أشعر أني لن أستطيع أن أقوم به على الوجه الصحيح مرة أخرى، وأنه صعب علي، مما يعطلني عن القيام به فيأتيني القلق -وهذا الشيء لا يكون وسواساً بل من الواجبات، أستطيع تجاهل القلق، وسأضطر لتجاهل الفعل الواجب، فالقلق متصل بهذا الفعل- كما أني استفدت من علاج الخبير النفسي، وعندي أمل في الشفاء بإذن الله، وأحتاج بعض المساعدة!

أرجو منكم النصيحة، هل هناك حل آخر؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بسمة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

والدتك وكذلك والدك لهما العذر في أنهما لا يريدانك أن تدخلي في موضوع العلاج الدوائي، لأن الكثير من المعتقدات الخاطئة تدور حول الأدوية النفسية، وأنها تُسبب الإدمان - وخلافه - .

المكونات العلاجية أربعة - كما ذكرنا سلفًا - وهي: العلاج الدوائي، والعلاج السلوكي، والعلاج الاجتماعي، والعلاج الديني.

والدتك قد تحدَّثت معك حول العلاج السلوكي، ووالدك تحدَّث معك حول العلاج الديني، وهذا -إن شاء الله تعالى- كله مفيد، وهذا هو العلاج السلوكي، يقوم على مبدأ: تحقير الوسواس، تجاهل الوسواس، عدم مناقشة الوسواس، والقيام بفعل الضدِّ للوسواس، وأن نُقلل الحيِّز الزمني الذي يمكن أن يشغله الوسواس، وذلك من خلال: حُسن إدارة الوقت، وأن لا ندع مجالاً للفراغ الذهني أو الفراغ الزمني.

كما أن تمارين الاسترخاء نعتبرها علاجًا أساسيًا للوسواس، لأن الوسواس مكوِّن القلق فيه كبير جدًّا، وعليه يمكنك أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، وتوجد برامج كثيرة جدًّا على الإنترنت توضِّح كيفية إجراء هذه التمارين.

إذًا: الأمر في غاية الوضوح، نحن لا ننكر دور الدواء، الدواء له مساهماته، لكن الأصل في العلاج هو العلاج السلوكي، فأرجو أن تسيري على هذا المنوال، وما دمت قد استفدت من الخبير النفسي فأرجو أيضًا أن تُطبقي إرشاداته التفصيلية.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً