الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأتيني أفكار بأني سأفشل في الجامعة وهذا يؤرقني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أثابكم الله ساعدوني.

لم أعد قادرة بأن أتحمل نفسي، من بداية اليوم وحتى نهايته أشعر بأني منهكة وبرودة في جسمي، أشعر بأني غارقة في بحر من اليأس والسلبية، ولا أستطيع النجاة وإخراج نفسي من هذه الدوامة، كل من حولي سعيد ولا يبالي بأمور كهذه إلا أنا، أصبح الهم يأكلني ويأكل شبابي.

عمري 21سنة، من بداية دخولي المرحلة الجامعية وأنا اشعر بأن حياتي تغيرت وشخصيتي كذلك، أصبحت كثيرة القلق، ودائمًا مكتئبة ومهمومة، مع العلم بأن مستواي الدراسي ممتاز.

دائمًا أشعر بأن حياتي مربوطة بالجامعة، ولا أستطيع فعل أي شيء حتى أنتهي من المرحلة الجامعية، اخترت تخصص أدب إنجليزي؛ لأني كنت محبة لهذه اللغة وأريد تعلمها بشدة مع أني لست متقنة تمامًا للغة، ولكن بعد مرور سنة من التخصص أصبحت أشعر بأني عالقة في هذا التخصص، أريد الاستمرار، ولكني أشعر بأني لست قادرة على الإكمال.

أصبحت في دوامة من القلق والهم الشديد حتى أني أشعر بسماع نبضات قلبي، وأتمنى الموت لنفسي أو أن أصاب بمرض، أو يحدث أي شيء يجعلني أضطر بأن أترك الجامعة، تأتيني أحاسيس وأفكار بأني سأفشل، ولن أستطيع الإكمال في هذا التخصص مع أني استخرت عدة مرات عند الاختيار ومؤمنة تمامًا بأنه الخير من ربي.

مع العلم بأن علاقتي بربي جيدة، حاولت دائمًا تغيير الأفكار السلبية كأن أقول بأني لست الوحيدة في هذا التخصص، هناك من هم أقل مني في المستوى، ولكنهم يعيشون حياتهم بسعادة، لكن سرعان ما تروادني هذه الأفكار والرغبة الشديدة في البكاء وإيذاء نفسي أو الانتحار.

دائمًا أقلق واكتئب حتى لو كانت أمور صغيرة وتافهة، أو حتى أمور مستقبلية لم تحدث بعد، لم أعد قادرة على تحديد هدفي، أصبح لدي نظرة سوداء وتشاؤم في المستقبل، لم تعد الحياة لها معنى، خائفة بأن هذا الهلع الشديد يؤثر على علاقتي بأهلي، أو أن أصاب بالجنون من كثرة التفكير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية والتوفيق في الدراسة.

أولاً: أختنا الكريمة -الحمد لله- على حرصك على النجاح، -والحمد لله- على طموحك العالي ورغبتك الجادة في تحصيل العلم النافع، وبداية نقول لك لا بد من إعادة الثقة في نفسك بأنك قادرة على المذاكرة والنجاح والتفوق، وأن قدراتك العقلية تؤهلك لذلك، واعلمي أن الذي يتوقع النجاح ويعمل له فإنه سينجح -إن شاء الله- أما ما تعانين منه في الفترة الحالية ربما يكون نوعًا من اضطرابات المزاج أثر على نشاطاتك الشخصية والاجتماعية.

وحل المشكلة يكمن في المواجهة والجلوس مع النفس، والبحث عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، ولا بد من إيجاد الحلول بالطرق الواقعية، ونتمنى أن يكون الأمر مؤقتاً، ويزول بزوال المؤثر، فتصوري الحال في حالة الفشل، وتصوري الحال إذا لم تحققي أحلامك وأهدافك، وتصوري الحال إذا شاهدت كل زميلاتك وصديقاتك قد تخرجن وأنت كما أنت! أكيد ستكون مشاعرك وردة فعلك مختلفة.

فنقول لك إن انتفال الشخص من مرحلة إلى مرحلة تصحبها كثير من التغيرات، وذلك لاختلاف المرحلتين في العديد الأشياء، والمطلوب هو إيجاد طرق للتعايش والتأقلم مع المرحلة الجديدة، فإن كان لديك صديقات عزيزات في المرحلة السابقة فابحثي عمن يملأ هذا الفراغ في المرحلة الحالية، فإيجاد صديقات لهن من الصفات والسمات ما كان لدى السابقات، وإن كنت متوافقة مع أسلوب الدراسة ونظم وقوانين المرحلة السابقة فابحثي عن طرق للتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية.

وإن كانت لديك طرق معينة في تحمل المسئولية في المرحلة السابقة، فابحثي عما يزود قدراتك لتحمل المسئولية في المرحلة الحالية.

الأمر الآخر -أختنا الكريمة- إحساس الخوف من المستقبل وتوقع الفشل يعتبر مجرد هواجس وأحاسيس كاذبة، فلا تلتفي لها؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله فكوني متفائلة، وقولي: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، فما كان مقدرًا سيكون، وما لم يكن مقدرًا فلا تحدثه تصوراتنا وتوقعاتنا.

تجنبي العزلة والجلوس لوحدك، وخالطي الناس وشاركيهم مناسباتهم، وأكثري من فعل الطاعات، وتجنبي المنكرات وواظبي على الاستغفار، وقولي: حسبي الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ثالثاً: بما أنك تملكين المقومات الأساسية للنجاح فتحتاجين فقط لتنظيم الوقت، وزيادة الدافعية للمذاكرة.

موضوع القلق والخوف من عدم النجاح، نقول لك: القلق المحمود هو الذي يعمل كمحفز ودافع للإنجاز والأداء الجيد، أما القلق غير المحمود هو الفائق عن الحدود، والذي يعمل كمثبط للأداء الجيد؛ لذلك حاولي ضبط درجة القلق في الحدود المعقولة بعدم تهويل الأمور وإعطائها حجماً أكبر من حجمها، وتذكري دائماً أن التوفيق بيد الله، وعليك أن تعملي بالأسباب.

نسأل الله تعالى لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً