الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق النفسي سبب لي علَّة تنفسيَّة... فما الحل؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بداية أود أن أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع.

أنا شاب عمري 28 سنة، وطولي 183 سم، ووزني 85 كيلو، مدخن ورياضي سابقا، وأعلم أن الله يحبني كثيراً؛ لأن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، فالحمد لله كثيراً.

شكواي كالتالي: قبل سنتين عانيت من التهاب حاد في الشعب الهوائية، وعلى أثره نتج عندي تمدد في القصبات الهوائية، وربو شعبي، فذهبت في رحلة علاج إلى جمهورية مصر العربية، وتم وصف العديد من الأدوية مثل: بخاخ السيريتايد، والسنجيولير 10 ملج، وكيبرون (موسع شعب هوائية) وشراب برونكشيم، وبريديسول فورتي (يحتوي على كيرتزون).

صاحب مرضي قلق نفسي زاد من حدة الأعراض، مثل ضيق التنفس، وكثرة التعرق، والإحساس والزيادة بضربات القلب، لدرجة أني عملت تخطيط قلب، وفحصا لجهد القلب، والحمد لله النتائج كانت سليمة، ووصف لي معالجي النفسي دواء اسمه اليترول، لمدة شهرين، ثم ذهبت الأعراض وتعايشت مع الربو.

الحمد لله تزوجت، وبدأت في عملي، حيث أعمل باحثا ميدانيا؛ مما يتطلب العديد من الجهد كالمشي الكثير، والوقوف على القدمين لمدة طويلة، وتعايشت مع المرض، ونسيته لفترة كبيرة جداً، حيث كنت لا أستخدم أي نوع من أنواع الأدوية لفترات طويلة.

ذهبت قبل شهرين إلى جمهورية مصر العربية لرحلة عمل، وذهبت إلى الأستاذ الدكتور المتابع لحالتي منذ البداية، كمراجعة، وأخبرني أن الأعراض مسيطر عليها، وأن أكمل الدواء كالعادة، لكن أصبت هنالك بعدوى فيروسية (إنفلونزا) والتهاب حاد في الشعب الهوائية، وأحسست بأنني سأموت بعيدا عن بيتي وأهلي، رغم كل الموسعات للقصبات التي أتناولها، إلا أن إحساس ضيق النفس متواصل، وكنت لا أنام لمدة أسبوع، وغير قادر على المشي، وكثير التعرق، وأحس بنبض قلبي، وأتبول كثيرا.

وصف لي دكتوري العديد من المضادات الحيوية، والحمد لله تم القضاء على الالتهاب، وأصبح لون البلغم أبيض وقليلا، لكني ما زلت أشعر بضيق التنفس المتواصل، رغم تناول الأدوية.

ذهبت لكثير من الأطباء، والكل يقول لي إن حالتك جيدة ومسيطر عليها، إذ لا يوجد صفير، ولا يوجد خروشة بالصدر، وقياس كفاءة الرئة ممتاز، مع العلم أنني قادر على المشي لمسافات طويلة دون تعب، أو زيادة في ضيق التنفس.

الأعراض التي أشعر بها كالتالي (ضيق تنفس مستمر طوال اليوم, الإحساس بدقات القلب, قلة النوم, تعكر المزاج، والتجهم المستمر والسلبية في التفكير, أفكار انتحارية تعم الجسم، كثرة التعرق, الإحساس بالسخونة في القدمين, قلة الرغبة الجنسية, انطوائي, دائم النوم بعد كثرة شرب المنوم, شرود الذهن, اعتقادي بأن هناك مرضا خطيرا في جسدي، ولا أحد يعرفه، وبأنني سأموت قريباً, لا أستطيع أخذ نفس كامل، وإحساس أن رئتي مليئة بالهواء, ألم شديد في الصدر، خدران بالرأس ودوخة شديدة, أحس دائما بأنني أريد الذهاب للطورئ في المستشفى.

أهلي يعتقدون بأنني أبالغ، ولا أحد يصدقني، فأخبروني أين أذهب؟ وما الحل؟ وكيف أنتهي من هذه الدوامة المرضية؟ وهل هي أعراض نفسية أم مرضية جسدية؟

آسف على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ bassel حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب واستشاراتها، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

أخِي الفاضل: بعد اطلاعي المتعمق لرسالتك لم يُساورني شكٌّ ولو للحظة واحدة أن العامل النفسي لعب دورًا كبيرًا في أعراضك الجسدية، نعم ما أُصبت به من علَّة تنفُّسية واضح، لكن -الحمد لله تعالى– تناولتَ الأدوية المطلوبة، وتحسَّنتْ الأمور، لكن ظلَّ معك ما ظلَّ من أعراضٍ لا زلت تشتكي منها، وأعتقد أن هذا الجانب سببه قلق نفسي.

القلق النفسي حين يُوجد حتى بالنسبة للذين لديهم حساسية في الصدر أو ربو أو حتى التهاب فيروسي، تجد أن أعراضهم تزداد وتستمر وتتضخم، يعني أن الجانب النفسي جانب لا يمكن إنكاره أبدًا في مثل هذه الحالات.

فيا أخِي الكريم: إذا عُرف السبب بطل العجب، فأرجو أن تطمئن، أنا قناعاتي قوية جدًّا –كما ذكرتُ لك– أن القلق لعبَ دورًا في كل أعراضك هذه، وأنت الآن تحدث عن تعكُّر المزاج وسدَّة النّفس والسلبية في التفكير، وحتى الأفكار الانتحارية، ما هذه الأفكار الانتحارية أخِي باسل؟ هذا أمرٌ بغيض، هذا أمرٌ مرفوض، هذا أمرٌ يجب أن تُحقِّره، هذا أمر يجب أن تعلم العلم الشرعي فيه، أتريد أن تقتل نفسك وتكون شقي الدنيا والآخرة، خالدًا في النار مخلدًا، كما ورد في السنة أن قاتل نفسه خالدًا مخلدًا في النار يُعذب بالآلة التي قتل بها نفسه.

ليس هناك أمرٌ مهمًّا أو غير مهمٍّ يدفعك نحو هذا التفكير، لا تساوي عناء الدنيا بعناء الآخرة وعذاب جهنم، ليس هناك أمرٌ يدفعك نحو هذا الفكر اللعين، لا، أنت -إن شاء الله تعالى- بخير، والحياة طيبة جدًّا، فحقِّر هذا الفكر تمامًا، ولا تجعله جزءً من حياتك النفسية أو الفكرية، وأنصحك أن تذهب وتقابل طبيبًا نفسيًا، وسوف تجد منه -إن شاء الله تعالى- المساندة التامة، سوف يُساعدك على الاستبصار، أن تكون أكثر ثقة بنفسك، وقطعًا تناول أحد محسنات المزاج التي لها خاصية في علاج القلق والتوتر الذي يؤدِّي إلى الأعراض التنفسية سيكون مفيدًا جدًّا لك، وعقار (دوجماتيل Dogmatil) معروف بفائدته في هذا السياق، والذي يسمى علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) وجرعته هي خمسون مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا –أي كبسولة واحدة– صباحًا لمدة شهرين آخرين، ثم تتوقف عن تناوله.

وإضافة أحد محسِّنات المزاج مثل الـ (زولفت Zoloft) والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) أيضًا سيكون أمرًا جيدًا، والجرعة هي نصف حبة (خمسة وعشرون مليجرامًا) ليلاً لمدة أسبوع، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا –أي نصف حبة– ليلاً لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناوله.

هذا من رأيي، لكن قطعًا إذا رأى الطبيب أن يصف لك دواء آخر فهذا أمرٌ جيد، ولا داعي لأن تتناول الأدوية التي وصفتها لك.

أرجو أن تتوقف عن شُرب المنومات، لا تتناول المنومات، لا خير فيها، تؤدِّي إلى الإدمان، تؤدِّي إلى عسر المزاج (Dysthymic Disorder) في نهاية الأمر.

اجعل لحياتك فعالية، اجعل فيها أهدافا، أكثر من التواصل الاجتماعي، هذا مهمٌّ جدًّا، والرياضة يجب أن تكون جزءً من حياتك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
__________________________________________
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.

وتليها إجابة الدكتور باسل ممدوح سمان استشاري أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة.
__________________________________________

لديك حالتان مرضيتان: الأولى هي الربو القصبي، والثانية عصاب القلق، تقول إن الحالة الأولى مسيطر عليها، حيث إنك قادر على بذل الجهد والمشي بشكل طبيعي، كما أن قياسات الرئة والتنفس طبيعية لديك, فهذا يعني أن الربو مستقر لديك، فعليك بمواصلة العلاج الوقائي للربو ببخاخات الكورتيزون القصبي الموضعية مثل: (فليكسوتايد) والتي لا تحتوي الموسع القصبي (سالبوتامول) وعند اللزوم (في حال أزمات الربو الحادة، وضيق النفس، وخاصة بعد الالتهابات الفيروسية للطرق التنفسية) يمكنك استبداله ببخاخ سيريتايد (كورتيزون + موسع قصبي سابوتامول) أو إضافة بخاخ فينتولين لبخاخ فليسكوتايد.

وأما الحالة الثانية المتعلقة بعصاب القلق، والتي تتظاهر بكل ما ذكرت من: (ضيق تنفس مستمر طول اليوم, الإحساس بدقات القلب, قلة النوم, نقص الشهية, تعكر المزاج والتجهم المستمر والسلبية في التفكير, أفكار انتحارية، تعب عام في الجسم، كثرة التعرق, الإحساس بالسخونة في القدمين, قلة الرغبة الجنسية, الانطواء, كثرة النوم وكثرة شرب المنوم, شرود الذهن, الاعتقاد بأن هناك مرضا خطيرا في جسدك، ولا أحد يعرفه، وبأنك ستموت قريباً, لا تستطيع أخد نفس كامل، وإحساس أن رئتك مليئة بالهواء, ألم شديد في الصدر، خدران بالرأس ودوخة شديدة) فلا بد من استشارة اختصاصي الأمراض العصبية والنفسية في هذا الشأن.

مع أطيب التمنيات بدوام الصحة والعافية من الله تعالى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً