الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التأتأة حولت حياتي إلى جحيم وأصبحت منعزلاً اجتماعيًا!

السؤال

السلام عليكم

لو تكرمتم أريد علاجًا لمشكلة التلعثم والتأتأة؛ لأنها حقًا حولت حياتي إلى جحيم وأصبحت منطويًا ومنعزلاً اجتماعيًا إلى أبعد الحدود.

أريد -جزاكم الله خيرًا- علاجًا دوائيًا يساعد على التخلص من هذه المشكلة، وأي علاج آخر تجدونه مناسبًا.

علمًا بأني جربت تمارين الاسترخاء التي تفضلتم بذكرها في استشارات أخرى، ولم تجد نفعًا!

ساعدوني وأغيثوني من هذا الجحيم، أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا بهذا السؤال، والذي من الواضح أنه سبب لك الكثير من الحرج، وهناك عدة جوانب لهذه المشكلة، وسأحاول ذكرها هنا.

تمرّ بالإنسان ظروف كثيرة تجعل منه الشخص الذي هو عليه من الشخصية والثقة بالنفس، والنظرة إلى نفسه وإلى الحياة..، وفي لحظة ما من لحظات حياتنا قد يقلقنا هذا ويصعب علينا تقبل هذا الحال ونرغب بالتغيير، والتغيير شيء مطلوب، وهو ممكن طالما وجدت الرغبة والعزيمة على السير في عملية التغيير هذه.

وقد نستطيع القيام بهذا التغيير بأنفسنا، من زاوية عدم جعل ضعف الثقة بالنفس التي عندنا تؤثر في مجمل حياتنا، وإنما أن نحاول الحدّ من تأثيراتها في حياتنا، من خلال الاستمرار بالأعمال والمسؤوليات المطلوبة منا من الدراسة والعمل والأنشطة الاجتماعية والترفيهية... ورويدًا رويدًا نجد أن الوضع الداخلي لشخصيتنا وثقتنا في أنفسنا قد بدأ بالتحسن والتغيّر، فمثلا قم بالأعمال التي تريد القيام بها، واترك تغيير النفس الداخلية لتحدث وبشكل طبيعي وتدريجي وكنتيجة لهذه الأعمال التي تقوم بها.

وأحيانًا قد يتعذر القيام بهذا التغيير بمفردنا، فنحتاج عندها للحديث مع شخص آخر، إما شخص قريب منا كصديق أو قريب لديه خبرة في الحياة، أو شخص متمرن على التعامل مع مثل هذه الحالات كالأخصائي النفسي، ممن يفيد الحديث معه، فأحيانًا مجرد الحديث في الأمر يساعد كثيرًا على التغيير المطلوب.

وطبعًا لصعوبات النطق أو لفظ الأحرف بشكل غير طبيعي عدة أسباب جسدية ونفسية، وأنا أفترض أنك متأكد من عدم وجود مشكلة عضوية تفسر صعوبة التلفظ ببعض الأحرف، كالتأتأة مثلا أو صعوبة تلفظ حرف بعينه.

وللتعود على نطق الأحرف بالشكل السليم؛ علينا أولا أن نكون قد تعلمنا نطق هذه الأحرف بالشكل المناسب، وهنا يأتي دور التدريب والاعتياد من خلال التكرار.

وقد يفيد محاولة التلفظ بهذه الأحرف بصوت مرتفع، وأنت بمفردك في غرفتك أو في مكان لا يسمعك فيه أحد.

ومما يعين كذلك: حفظ ما تستطيع من القرآن، وتعلم أحكام التلاوة، فالتلاوة الصحيحة لكتاب الله يعني إخراج الأحرف من مخارجها الطبيعية والصحيحة، ويمكن أن يعينك هنا أحد المشايخ أو العلماء في المسجد القريب من مسكنك، ومصر بلد القراء.

ويفيدك كذلك حفظ الشعر، والأمثال القديمة، فمثل هذه الأبيات والجمل والعبارات ستحسّن النطق أولاً، وثانيًا ستعينك على إخفاء صعوبات نطق بعض الحروف من خلال التلفظ بهذه الأبيات والأمثال اللغوية؛ لأنها ستعطيك جملا مفيدة تتكلم بها في بعض المواقف الاجتماعية المحرجة.

وفي الحالات الصعبة جدًا يمكن أن ننصح بمراجعة أخصائي في علاج النطق، حيث هناك بعض الطرق والمهارات في تعلم النطق السليم.

وفي كثير من الحالات قد تكون صعوبة النطق ببعض الحروف عندك مرتبط ببعض الخجل الاجتماعي أمام الآخرين، وهناك في هذا الموقع الكثير من الأسئلة والأجوبة عن الخجل أو الرهاب الاجتماعي، فعليك بها.

وموضوع التلعثم متعلق أيضًا بموضوع الثقة بالنفس، ومما يعزز هذه الثقة بالنفس كثيرًا هو تعزيز إيجابياتك ونجاحاتك المختلفة في الحياة، فحاول أن تتعرف على نقاط القوة عندك، وافتخر بها، ولعلك جيد أيضًا في بعض الهوايات والمهارات المختلفة...

حاول أن تكون إيجابيًا مع نفسك، ومع الآخرين، وانظر لنصف الكأس الممتلئ، وليس فقط للنصف الفارغ، وإن تقديرك لما عند الآخرين سيعزز من ثقتك في نفسك، وساعد الآخرين فيما يحتاجون إليه، وهذا من أكبر أبواب زيادة الثقة بالنفس، وإذا مدحك أحد على أمر إيجابيّ عندك، فاقبل منه هذا المدح، واشكر الله عليه.

حاول أن تعبّر عن رأيك في الأمور مع الناس بالرغم من التلعثم، وتذكر بأن التجنب يؤدي للمزيد من التجنب، والنجاح يؤدي للنجاح، والثقة القليلة بالنفس يمكن أن تزيد هذه الثقة، وهكذا...

لعل في كل ما ذكرته لك من خطوات يكفيك لتعزيز ثقتك بنفسك، مما يخفف عندك من هذا التلعثم.

وفقك الله، وأطلق لسانك بالشكل الذي تريد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً