الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس قهرية مختلفة، كيف الخلاص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا طالب في (18) من عمري، أعاني منذ أمد من وساوس, بدأت هذه الوساوس منذ (4) سنوات، وكانت متعلقة بالعبادات كالوضوء، والصلاة، والغسل، والصيام، ثم أصبحت هذه الوساوس إلحادية، إلا أنه عندما بدأت الدراسة للشهادة الثانوية أصبحت هذه الوساوس عبارة عن أفكار إلحاحية، مثل محاولة فهم أدق التفاصيل التي لا يستفاد منها، وتكرار الحفظ مرات عديدة، كما أصبحت تأتيني أفكار سلبية تدمر ثقتي بنفسي، وذلك عندما يأتي أحد الطلاب بفكرة جديدة؛ مما أثر على حياتي الاجتماعية.

لكنني عندما داومت في الجامعة أصبحت هذه الأفكار نادرة، والآن أنا منقطع عن الجامعة؛ لأنني مقبل على الدراسة في ألمانيا لأحقق طموحي، ومنذ انقطاعي عن الجامعة تأتيني أفكار تعكر من مزاجي بشكل لا إرادي، مع شد في الأعصاب، وعسر في المزاج، وأجد صعوبة في الذهاب لطبيب نفسي، فما هو العلاج الدوائي؟ وكيف أستطيع استكماله بعد السفر؟

أرجو الرد السريع، وآسف على الإطالة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ osama حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

الوساوس القهرية بالفعل محتوياتها مؤلمة خاصة حين تكون المحتويات محتويات دينية، وعن الذات الإلهية.
هذه الوساوس لا أريدك أن تُسميها (إلحادية)، ولا تُسميها (كفرية)؛ لأنك إذا أعطيتها هذه التسميات تكون قد أعطيتها قيمة حقيقية، لا تعطها قيمة حقيقية، إنما حقِرها تحقيرًا تامًّا، وحين تأتيك الفكرة وتلح عليك اطردها من خلال إرشاد النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (فليستعذ بالله ولينتهِ) استعذ بالله تعالى منها، وانتهِ عنها، ولا تسترسل معها، ولا تلتفت لها، ولا تعبأ بها، وكأنها لم تكن موجودة.

أيضًا من خلال تحقيرها بأن تخاطب الفكرة مخاطبة مباشرة، قل لها: (أنت فكرة تافهة وحقيرة، أنا لن أهتم بك، أنت تحت قدمي) وهكذا.

إذًا المبدأ هو التحقير، عدم إعطائها الأهمية، وأيضًا يمكنك أن تربط هذه الفكرة بفكرة مضادة لها تمامًا، الفكرة التي تأتيك عن الذات الإلهية اربطها بفكرة مخالفة لها تمامًا، فكرة الإيمان المطلق بالله تعالى، الذي لا شك فيه، واربطها أيضًا بما نسميه بالتفاعلات التي تؤدِّي إلى فك الارتباط الشرطي، مثلاً قم بضرب يدك بقوة وشدة على جسمٍ صلبٍ حتى تحسّ بالألم، وذلك حين تأتيك هذه الأفكار، بل يمكنك أن تستجلب هذه الفكرة لغرض العلاج، وتقوم بإيقاع الألم على نفسك. كرر هذا التمرين عشر مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، وجدناه مفيدًا جدًّا.

الحرص على التمارين الاسترخائية والتمارين الرياضية أيضًا يُساعد في تخفيف حدة القلق، وحين يخف القلق تخف الوساوس.

يجب أن تلتحق بالدراسة مباشرة، ليس من المفترض أن تترك دراستك الجامعية حتى وإن كنت تعدّ للدراسة في ألمانيا، الجلوس دون دراسة والتفرغ للوساوس هذه مشكلة كبيرة جدًّا، لا تترك أي فراغات ذهنية أو فراغات زمنية. التعليم والاستمرار فيه والاجتهاد فيه يعطي الإنسان فرصة للانصهار، فرصة للتفاعل، فرصة لأن يستفيد من وقته، فرصة لأن يُطور فكره، وهذا كله يقهر الوساوس قهرًا شديدًا، فأرجوك أن تحرص على هذا الأمر، ولا تجعل مجالاً للوسواس.

بالنسبة للعلاجات الدوائية: أنت الآن عمرك ثمانية عشر عامًا، ويمكن أن تتناول الـ (بروزاك Prozac) هو الدواء الأفضل وهو الدواء الأصلح في حالتك، والدواء الأسلم، يُسمَّى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، الجرعة كبسولة واحدة (عشرون مليجرامًا) تتناولها يوميًا بعد الأكل، يمكنك أن تتناوله أثناء النهار أو ليلاً، لا توجد فُروقات كبيرة، استمر عليه لمدة شهرٍ، بعد ذلك اجعلها كبسولتين يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.

أرجو ألا تعتمد على الدواء وحده، الدواء -نعم- يُساعد، لكن لا بد من الفعاليات والمسارات العلاجية الأخرى؛ حيث إنها تُكمِّلُ بعضها البعض.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً