الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتصرف تجاه الصلاة حتى لا تفوتني في الأماكن التي أذهب إليها؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا مصرية، وفي بلدي لا يوجد الكثير من مصليات النساء، فحينما أخرج أذهب إلى أماكن نادرا ما يتوافر فيها مكان للصلاة، فأجمع الصلاة حتى الرجوع للمنزل.

مؤخراً أصبحت أكره النزول بشدة، وأصبحت منعزلة تماماً عن الحياة، فيومي عبارة عن صلواتي الخمس، وبعض السنن والطاعات الأخرى، وقليلا ما أتعامل مع أهل بيتي، وأنتظر الحيض لأعطي نفسي بعض الراحة.

لا أعلم ماذا أفعل، ولكن إحساسي بالتقصير يجعلني لا أشعر بأي متعة عند الخروج، فإنه مثل الكابوس الذي أستيقظ منه عند الرجوع للبيت؛ خوفاً من الموت على تقصير، خاصة أن خروجي هذا لا يكون لسبب ضروري، إنما هو لبعض الترفيه فقط، وهذا يجعلني بائسة كثيراً، فأنا أريد أن أتمتع قليلا بالحياة، لكن آخرتي هي الأفضل بالنسبة لي، ولا أريد أن أضيعها بسبب متع الدنيا المزيفة.

أريد أن أعرف ماذا أفعل، وهل هناك عذر لمن لا يجد مسجدا يصلي فيه فيجمع الصلاة حتى يرجع؟ كما أنه كثيرا ما أشعر بثقل الصلاة، ولا أشعر بمتعتها، وأجاهد نفسي كثيرا حتى تخشع وتخضع، ولكني لا أتمكن، فأحيانا يضيق صدري، وأشعر بتلك الغصة في حلقي، وأتمنى أن تنتهي الصلاة سريعا، ولكني والحمد لله أجاهد نفسي، وأصلي ببطء شديد، وفي نفس المدة التي أقضيها، وأنا مستمتعة بوقوفي مع الله.

نفسي تتألم كثيرا، وأشعر أن قلبي بعيد جدا عن ربي، رغم عدم هجري للقرآن ولا الأذكار، ودائما أصلي قيام الليل، لكني أحيانا أشعر بالبعد، وعدم الخشوع حتى في القيام، فماذا أفعل كي تستقيم نفسي، ويخشع قلبي؟ فأنا أدعو الله كثيرا أن يرزقني الخشوع، وأن يأخذ بيدي إليه، لكن هذا الشعور كثيرا ما يراودني، فماذا أفعل؟

أيضا تأتيني الوساوس حول نزول الإفرازات، وبطلان الوضوء أثناء الصلاة؛ مما يؤثر على صلاتي، بالطبع فأنا أتوضأ لكل صلاة، وأذهب لصلاتي، وأشعر دائماً بخروج شيء، وعندما أنتهي أذهب للتفقد، فأحيانا أجد بعض الإفرازات فعلا، وأحيانا لا أجد شيئا، وفي الحالتين يكون نفس الشعور عند الصلاة، وهو أن أشعر ببعض الرطوبة، وذلك لأنه عند ذهابي للصلاة أزيل الإفرازات التي قد توجد قبل الوضوء ببعض الماء، وأحيانا أجد أن هذه الرطوبة مجرد وساوس، وأحيانا أجد إفرازات ولكنها تكون قليلة جدا، لدرجة أني لا أتيقن إن خرج مني شيء أم لا إلا بعد انتهاء الصلاة، فما حكم هذه الإفرازات؟

علما أني أتجهز للصلاة قبل وقتها، فأذهب لقضاء حاجتي قبلها ببعض الوقت لتفادي الودي والمذي اللذين يخرجان بعد التبول، وعند دخولها أذهب لإزالة هذه الإفرازات والوضوء.

أرجو أن لا تحولوني لفتاوى أخرى، فأنا بحثت كثيرا عن حلول لمشكلتي ولم أجد أبدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –ابنتنا الكريمة– في استشارات إسلام ويب.
إذا خرجتِ خارج المنزل وأدركك وقت الصلاة فبإمكانك أن تُصلي الصلاة في أي مكانٍ تقدرين على أدائها فيه، ولا تُشترط أن تكون في مُصلى، فإذا كنتِ لا تتضررين فيما لو صلِّيتها بجانب من جوانب المكان الذي تتواجدين فيه كحديقةٍ أو طريقٍ متّسع، أو غير ذلك من الأماكن التي يمكن أن تتواجدي فيها وقت الصلاة، فإن هذا يُجزئك، ولا يشترط أن تؤدِّي الصلاة في بيتك أو في المسجد.

فإذا لم تتمكني من ذلك وخفت خروج الوقت فلا حرج عليك في أن تنوي الجمع بين الصلاتين جمع تأخير إذا كانتا ممَّا يُجمع، كأن تؤخري الظهر وتصليه مع العصر جمع تأخير في وقت العصر، أو تؤخري المغرب لتُصلِّها مع العشاء جمع تأخير في وقت العشاء، وهذا جمع للحاجة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- صلَّى بالمدينة جمعًا من غير خوفٍ ولا مطر، ولمَّا سُئل ابن عباسٍ عن ذلك قال: (أراد ألا يُحرِّج على أمته) واستدلَّ بهذا الحديث بعض أهل العلم، وجوَّزوا الجمع بين الصلاتين عند الحرج والمشقة، ويسعك الأخذ بهذا حين تحتاجين للجمع.

فالأمر إذًا سهلٌ يسيرٌ، لا يحتاج إلى كل هذه المعاناة التي تجدينها، وإذا حرصتِ على أن تُصلي الصلاة في وقتها في البيت فإن الوقت بعد ذلك واسع، بأن تخرجي لقضاء حاجاتك، ولكن حيث احتجتِ للجمع فقد قلنا لك أنه يجوز عند بعض العلماء أن تجمعي بين الصلاتين بسبب الحرج والمشقة.

وأما ما ذكرتِ من الوساوس فعلاجها هو الإعراض عنها، فإذا عرَضَ لك عارض الشك بأن طهارتك قد انتقضتْ، أو أنه قد خرج منك شيء، فلا تلتفتي إلى هذا الشك، وابنيِ على الأصل واليقين، وهو أن طهارتك لم تنتقض، ولا تفتِّشي هل خرج منك شيء أم لا، وإعراضك هذا عن هذه الوساوس هو العلاج الأمثل لها، وستذهب عنك -بإذن الله تعالى-.

ولو افترض أنك وجدِّتِ شيئًا خارجًا، وشككتِ هل كان خروجُه أثناء الصلاة أو بعد الصلاة، فالقاعدة الشرعية في هذا أنه يُضاف إلى أقرب الأزمنة، فعلى ذلك تُقدِّرين أنه خرج بعد الصلاة، وصلاتك صحيحة، فلا يؤثِّر عليها، وبهذا تعلمين الجواب عن كل استشكالاتك التي ذكرتها في هذا الشأن.

وأما الخشوع في الصلاة فهو لُبُّها وروحها، فاجتهدي ما استطعت في تحقيقه، وذلك بأن تتفكري في معاني الكلمات التي تقولينها والأفعال التي تؤدِّينها، واستحضري الوقوف بين يدي الله تعالى، وتذكري أنك واقفة لمناجاته، فهذا سيساعدك -بإذن الله تعالى- على حضور قلبك في الصلاة.

وهناك مطوية صغيرة بعنوان: (ثلاثة وثلاثون سببًا للخشوع في الصلاة) من إعداد الشيخ محمد المنجد، وهي رسالة صغيرة، مفيدة في هذا الشأن، نرجو أن تقرئيها لتنتفعي بها.

نسأل الله تعالى لك التوفيق لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً