الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تملكني وسواس الطهارة والعقيدة والنية والتكبير في الصلاة، فكيف أنجو منه؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الوسواس القهري منذ عشر سنوات تقريبا، أصبت بوساوس كثيرة، مثل وسواس الوضوء والصلاة والنية والطهارة والعقيدة والتكبير، وهي أكثر شيء عانيت منها، ولا زلت أعاني، وعانيت من الأفكار الجنسية.

أحيانا تخف تلك الوساوس، وأحيانا تزداد، أريد حلا لحالتي، لأنني والله تعبت، وضاق صدري، وأحس أنني وصلت لمرحلة لم أعد أستطيع الصبر، لقد صارت الصلاة مصدر عذاب، لا مصدر راحة.

وأتوقع أن عندي قولونا بسبب كثرة الغازات في بطني، وسلس الريح، وهذا كله بسبب الوسواس، لا تنصحوني بزيارة الطبيب النفسي، لأنني لا أستطيع، ولا تقولوا تجاهلي الوسواس، لأنني حاولت ولم أستطع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ماذا نعني بالوسواس أو التفكير الوسواسي القهري؟ هو وجود فكرة معينة أو هاجس أو شعور ما، يتسلل إلى الشخص بانتظام دون إرادته، ويتكرر باستمرار ورتابة شديدة، ويحاول الشخص مقاومته، لكنه يفشل، ممَّا يؤدِّي إلى القلق، وأحيانًا يؤدِّي إلى الاستجابة له لكي يُخفف الإنسان من هذا القلق على نفسه.

معظم الأفكار الوسواسية تدور حول الطهارة والنظافة والعنف والجنس، معظم هذه الأفكار الوسواسية تدور في هذه الأمور.

إذا فهمنا هذه الطريقة التي يحدث بها الوسواس، فهنا يمكن أن يكون مربط الفرس في علاجه، لا نقول لك تجاهليه، ولكن لا تستجيبين له، يعني: إذا صار عندك وسواس بأن خرج منك ريح، فتبني على اليقين أنه لم يخرج منك ريح، أو أنك لم تنوي الصلاة مع أنك تعلمين أنك نويت الصلاة، فلا تستجيبي للوسواس، حتى وإن زاد القلق والتوتر، لأن الاستجابة للوسواس هي العامل الرئيسي في تكراره.

عدم الاستجابة له نعم قد يُحدث قلقًا وتوترًا في الأول، ولكن بعدها يخفَّ التوتر والقلق، وهذا يُعرف بالعلاج السلوكي للوسواس القهري الاضطراري -منع الاستجابة-، لا تستجيبي له، حاولي ألا تستجيبي له مهما حدث من قلق وتوتر، هذا من ناحية الاستجابة العملية للوساوس.

أمَّا الوسواس الذي يدور في ذهن الشخص، يعني كلامًا في الذَّات الإلهية، وفي العقيدة يتكرر، فهذا لا تُقاوميه، ولكن وجِّهي تفكيرك إلى شيءٍ آخر، حاولي أن تشغلي نفسك بأشياء جميلة فعلتيها، لحظات سعيدة مرَّتْ بك في حياتك، مثل القيام بزيارة، أو إجازة وسفرٍ إلى بلدٍ ما، كل هذه الأشياء الجميلة إذا انشغل تفكيرك بها، فهنا يُغلق الطريق أمام الأفكار الوسواسية.

لا أدري لماذا لا تستطيعين الذهاب إلى طبيب نفسي؟ لأن هناك الآن أدوية كثيرة تُساعد في علاج الوسواس القهري الاضطراري obsessive-compulsive disorder، وأشهرها ما يعرف بدواء الـ (فافرين Faverin) والذي يعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، خمسين مليجرامًا، يمكن أن تبدئي بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، ويبدأ مفعوله بعد أسبوعين، وتحتاجين شهرا ونصف إلى شهرين حتى يبدأ التحسُّن، وبعدها يجب أن تستمري عليه لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، وعند التوقف منه تبدئين بسحب ربع حبة كل أسبوع، حتى يتم التوقف عنه نهائيًا، ويفضَّل أن تجمعي بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي الذي وصفته لك في أول الاستشارة.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً