الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالإرهاق الشديد وعدم التركيز، فهل أستمر على أدوية الاكتئاب؟

السؤال

السلام عليكم.

في هذه الأيام أعاني من شبه انتكاسة مرضية، فلقد كثرة الأدوية لدي، وأنا أبحث عن الشفاء والأمل بإذن الله.

جميع فحوصاتي كانت سليمة، وهي: فحص الغدة الدرقية لأكثر من مرة، فحص نسبة ترسب الدم، فحص فيتامين D، فحص الكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والأنيميا، ورسم مخ وأشعة مقطعية.

في بداية مرضي كانت الأعراض محدودة ومتغلبا عليها، وأول دواء وصف لي هو الموتيفال ثم السترال ولكن لم آخذه بسبب خطأ من الصيدلي، قال لي بأن آخذه وقت اللزوم، وهو من المفروض أن يكون 6 شهور بانتظام.

وبعد زيارة أطباء آخرين، وصفوا لي أدوية الاكتئاب كلها على مسمى استالوبرام Escitalopram، مثل السيبرام والاستيكان والسبرالكس.

وأرى أن هذه الأدوية أضافت لي أعراضا جديدة، كالشعور بتعب دائم، وهبوط، وآلام الجسم، فوصفوا لي سيبرام 20، وأخذته لمدة 6 شهور، ولكن نفس الأعراض ما زالت موجودة، فأعطوني سمبليتا فاختفت آلام الجسم، واحتل مكانها الهبوط والاكتئاب، والشعور بالاختناق، والتفكير بالانتحار، والنوم 24 ساعة، فتركته، وعندما تركته اختفت هذه الأعراض.

الأعراض الحالية والمستمرة معي الآن: النوم الكثير جدا، وعند الاستيقاظ مبكرا أنام مرة أخرى، لأني أشعر بالملل، ولا يوجد لدي حماس لأي شيء، وأشعر أن كل شيء بلا قيمة فأنام مرة أخرى.

وعند الاستيقاظ أشعر أني ندمان على هذا النوم، وأني إنسان غير طبيعي، واحسد كل من حولي على النشاط الذي هو فيه، أريد أن أكون مثلهم، وأندم كثيرا.

أشعر بالإرهاق الشديد وعدم التركيز دائما في آخر اليوم، وأشعر وأنا أمشي كأني سوف أسقط، وأشعر بثقل الأكتاف، وأشعر بالدوخة وعدم التركيز، فهل أستمر على أدوية الاكتئاب، أم أن هناك أدوية أخرى مفيدة تزيد من نشاطي وصفاء ذهني وتحسن من هذه الأعراض السابق ذكرها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخِي: مبدأ أساسي وهو ألَّا تعتقد أبدًا أن طول مدة العلاج أو طول مدة الشكوى من المرض مؤشِّر سلبي على أن الإنسان لن يستجيب للعلاج، أريدك أن تأخذ هذا المبدأ لأنه مهمٌّ جدًّا.

والأمر الثاني -أخِي الكريم-: المكوِّنات العلاجية لا بد أن تتكامل، وأقصد بذلك تناول الدواء مع الفعالية النفسية والعلاجات السلوكية، وكذلك العلاج الاجتماعي والعلاج الإسلامي، هنالك اتفاق الآن أن هذه المكونات تتظافر مع بعضها البعض، والدواء وحده لا يفيد كثيرًا، وحتى إن أفاد تكون إفادته مؤقتة، والدواء يُمهِّدُ للراحة النفسية التي يجب أن تجعل الإنسان ينطلق إيجابيًا من الناحية السلوكية والاجتماعية، فأريدك أن تهتم بهذا الجانب.

والجانب الثالث هو: أن المسميات التشخيصية كثيرًا لا تكون مهمَّة، والاتفاق حول التشخيصات النفسية في كثير من الأحيان لا يُوجد، حتى إنني اطلعتُ على دراسة تقول أن التوافق بين الأطباء النفسيين -حتى المتميزين منهم- فيما يتعلق بالتشخيص هو 42% فقط، هذا لا يعني أنه توجد ضبابية أو عدم وضوح، لا، الأمر يعتمد على طبيعة الحالات النفسية ذاتها.

أخِي الكريم: من اطلاعي على رسالتك هذه ورسالاتك السابقة أرى أن الجانب الإحباطي -الجانب الكدري، وجود الدافعية الضعيفة، أو عدم وجودها بالكلية- هي المكونات الرئيسية لحالتك، وهذه قطعًا مرتبطة بالاكتئاب النفسي، وفي ذات الوقت لديك بعض أعراض المخاوف والقلق التوقعي، وأعتقد أن شعورك الإحباطي هو الذي أفقدتك القدرة على التواصل الاجتماعي.

فيا أخِي الكريم: صحح مفاهيمك حول ذاتك، مقدراتك ليست أقلَّ من غيرك أبدًا، والاكتئاب -يا أخِي- يُهزم بالمثابرة، وبالتفكير الإيجابي، وبالفعاليات الاجتماعية، وبأن تجعل لنفسك أهدافا، مشاريعَ مستقبلية، وتضع الآليات التي توصلك إليها، هذا مهمٌّ جدا.

ونحن دائمًا نتكلم عن الرياضة وأهميتها، وعن حسن إدارة الوقت، والحرص على الصلوات في وقتها، والفعاليات الاجتماعية، نتحدَّث عنها ونُركِّز عليها لأنها علاجات أساسية، وأثبتتْ نجاحها، وفي ذات الوقت هي أصيلة في مجتمعاتنا، ولا نُريد أن نستورد علاجًا ليس واقعيًا ونقول للناس يجب أن تُطبقوه، الحمدُ لله هذا الرصيد الاجتماعي الكبير يجب أن نستفيد منه لنعالج صعوباتنا النفسية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أرى أن عقار (بروزاك Prozac) الـ (فلوكستين Fluoxetine) دواء يُجدد الحيوية لدى الناس لا شك في ذلك، يُعالج الخمول بصورة فعّالة جدًّا، فيمكن أن تستشير طبيبك حوله، وجرعتك يجب أن تكون حتى 40 مليجراما، طبعًا تكون البداية 20 مليجراما يوميًا -أي كبسولة واحدة- وهذه يمكن أن تستمر عليها لمدة أسبوعين، ثم الجرعة إلى 40 مليجراما يوميًا -أي كبسولتين- وهذه الجرعة يمكن أن تستمر عليها لمدة عامٍ على الأقل، وهذه المدة ليست طويلة، بعدها يمكن أن تنتقل إلى الجرعة الوقائية وهي كبسولة واحدة في اليوم لمدة عامٍ أيضًا، ويجب أن تُركِّز على الرياضة، الرياضة مهمة جدًّا لتقوية النفوس وإزالة الشوائب النفسية، وفائدتها عظيمة جدًّا.

ختامًا أخي الكريم: أريدك أن تأخذ كل هذه الإرشادات والدواء في بوتقة واحدة لأنها متكاملة متداخلة، ومن خلالها -بإذن الله تعالى- يأتي الشفاء والعلاج والتعافي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تركيا ا

    كان لدي اكتئاب وشربت الدواء ثلاث سنين وبعدها شفيت وبعد سنتين رجع الاكتئاب بسبب شي ازعجني وانا الان اشرب الدواء اريد اقول انا لو الانسان شفيه لن يصبح مثل قبل ادعو لنا بل شفاء  

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً