الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتحانات الثانوية قربت ولدي تفكير وأحلام يقظة.. كيف أتفرغ لدراستي؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الوسواس القهري، وللأسف لا يوجد طبيب نفسي في القرية، أو المركز أو المحافظة نفسها، تطور معي الأمر إلى الوسوسة في كل شيء في الذات الإلهية، وفي النظافة، والوسواس الجنسي، والحب، والكره، والشك في كل الناس وترتب على كل الأفكار ردود أفعال غريبة جدًا، هذا ملخص حالتي، بدأت مع نفسي بالعلاج السلوكي.

الحمد لله بدأت في التحسن كثيرًا، القلق قل كثيرا، ولكن بقيت أيضًا الكثير من الأفعال، وعقلي ينفجر من التفكير بلا نهاية، وبقي شهر علي اختبار الصف الثالث الثانوي، ولم أذاكر أي شيء، ولا حتى ساعة بسبب عقلي.

مع العلم أنني مصاب به منذ سنوات، ولم أكن أعلمه فقد دخل علي الوسواس من باب الإيمان، وظننت أنه شيء جيد، وتدرجت وفكرت حتى وصلت لمرحلة متأخرة جدا، ولكن النوم في تحسن، أتحسن يوما بعد يوم؛ لأنني بدأت بالعلاج السلوكي الذي يزيد القلق جدا في بدايته، ولكن وجدت ثمار ذلك شيئا من الراحة، أريد نصيحتكم للحالة الدراسية، وكيف أبدأ؟

مع العلم أنني أتمتع بعقل ذكي جدا كما يقولون، وهناك إجماع من المعلمين إنني إذا ذاكرت في الشهر هذا فقط -إن شاء الله- سأخلص كل المواد، وسآتي بأحسن مجموع، أحسن من حتى الذي يذاكر منذ 9 أشهر، وأحمد الله على نعمه العقل التي هي واضحة والذكاء الذي يتضح لجميع الناس.

إضافة:
أعاني من أحلام اليقظة التي تجعلني غريب الأطوار، حيث أنني أصطنع عالما خاصا بي، وأفكر ودائمًا أود أن يكون كل شخص على دراية بأخلاق الشخص الآخر؛ لأنه كثر المنافقون في هذا الزمان، جعلتني أحلام اليقظة أضحك مع نفسي، وأتحدث إليها، أود أن أجد حلا، وشكرًا لكم.

مع العلم أني أعاني من الوسواس القهري، وأعالج نفسي بالعلاج السلوكي، وسني 18سنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على تواصلك مع إسلام ويب، أنت شخصيتك شخصية رقيقة منظومتك القيمية منظومة عالية، وقد أصابك الوسواس القهري، والوسواس القهري يمكن أن يعالج، ويجب أن يعالج، العلاج لا بد أن يكون من مرتكزاته الأربعة، وهي العلاج الدوائي العلاج النفسي السلوكي، العلاج الاجتماعي، والعلاج الإسلامي، أنت أخذت بالثلاثة المعروفة وهي العلاج السلوكي، والعلاج الإسلامي، والعلاج الاجتماعي، وهذا أمر جيد وطيب، واتفق معك أن العلاج السلوكي فعال وممتاز قد يزيد من القلق في بداية الأمر، لكن الإنسان إذا استمر في مواجهاته السلوكية سوف ينخفض القلق حتى ينتهي -إن شاء الله تعالى-.

نصيحتي لك هي العلاج الدوائي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن العلاج الدوائي علاج مكمل، علاج مهم، والآن توجد أدوية فاعلة وممتازة وسليمة، عقار بروزاك سيكون هو الأنسب بالنسبة لك، الجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم 20 مليجراما، وفي مصر يوجد الفلوزاك تستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، تتناول الدواء بعد الأكل، هذا دائماً أفضل، وبعد انقضاء الشهر تجعل الجرعة كبسولتين في اليوم أي 40 مليجراما، وهذه تستمر عليها لمدة 4 أشهر، ثم تجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة 3 أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن لا يخدعك الوسواس، ويقنعك بأن العلاج الدوائي مضر، وأنه إدماني، وأنك لا تحتاج إليه لا، هذا خطأ كبير، وحتى تعزز من قناعاتك بالعلاج الدوائي، أرجو أن تذهب وتقابل أحد الأطباء النفسيين الذين تثق بهم، مقابلتك لمرة أو مرتين سوف تكون كافية جداً.

القناعة بالعلاج الدوائي تأتي من أن هنالك تغيرات كيميائية تحصل في الموصلات العصبية بالدماغ، وقد تكون هي المسبب في الوساوس أو هي التي تساعد في استمرار الوساوس، فأرجو أن تأخذ الطيف العلاجي بكلياته حتى تستفيد منه، وأنا متأكد أنك بعد ذلك تستطيع أن تنظم وقتك، تستطيع أن تتخلص من كل هذه الأفكار وما يتعلق بها، وحتى الفكر الذي تحدثت عنه وأسميته بأحلام اليقظة هو فكر وسواسي استحواذي وسوف ينتهي تماماً -إن شاء الله تعالى- بعد تناول الدواء، وأن تستمر في التطبيقات السلوكية، ومثل هذا الفكر يجب أن يحقر ولا تهتم به أبداً.

أيها الفاضل الكريم: الدراسات الآن تشير أن التدخل العلاجي المبكر ضروري جداً لدرء استمرارية الوساوس القهرية، فلا تحرم نفسك من نعمة العلاج، وأنا سعيد جداً أنك ملم ومدرك لأهمية التطبيقات السلوكية، لكن حتى تجني ثمارها كاملة فعليك أيضاً بتناول الدواء: (وما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فتداووا عباد الله).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً