الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أحضى باحترام من حولي؟

السؤال

السلام عليكم

أنا من بلد محافظ وهو السعودية، كما أنني شخصية خجولة أيضا، وليس لدي أصدقاء، وعندما أزور قريباتي فإنهن يلقين علي الأوامر.

سافرت لأمريكا، وعلى الرغم أنه لم يكن لدي أحد أكلمه إلا أني عشقت حريتهم، ذهبت إلى السينما بمفردي، ولما عدت استقبلني والداي بالضرب الشديد، وكذلك أخي، وأنه لا ينبغي للفتاة الخروج وأن تأخذ حريتها إلا إذا تزوجت، بينما أخي يخرج وقتما يشاء، وشعرت بانكسار في قلبي بسبب هذا الظلم والتفريق.

وعندما رجعنا إلى السعودية كان عمري 14 سنة، فأمرتني أمي بأن أغطي وجهي، فلما رفضت ضربتني بالعصا، وحبستني في البيت 5 أيام، لدرجة أني خسرت 4 كيلوات من وزني، فكيف أحب أمي بعد كل ذلك؟ كيف أنسى كسرها لقلبي وظلمي؟ صحيح أنها لم تقصر معي، ولكني أتمنى أن تتم مناصحتي بالحب والحنان، وأن أعطى الحرية، كما أنني لم أسامح أخي على ضربه لي، فليس له الحق في ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Dama حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا بما في نفسك، ولاشك أنك متألمة من كل هذا، وخاصة موقف والدتك منك، أعانك الله ويسّر لك الخير.

واضح من سؤالك أنك تعتبين على أمك، ولكن في نفس الوقت تحبينها، وهذا واضح من خلال تبريرك لما قالت لك، ومن أنها قالت ما قالت وهي في حالة من العصبية والغضب...

أنا معك تماما أن التربية والتعامل يجب أن يكون بالرفق والمحبة، وخاصة بين الأم وابنتها، ولكن لاشك أيضا أنك تعلمين أن سبب تصرفاتهم معك بهذه الطريقة ليس الكره لك، وإنما الحب والخوف عليك من أي مكروه، طبعا أقول هذا ليس لتبرير ضربهم وطريقة تعاملهم معك، وإنما فقط في محاولة لمعرفة مبرراتهم، بالرغم من أن طريقة التعامل غير صحيحة، وهذا ما يحصل مع الأسف في كثير من الأسر والبيوت.

من الطبيعي أن إصلاح هذا الحال يجب أن يكون مسؤولية الجميع، وخاصة أمك وأنت، ولذلك أنصحك ببعض الأمور لتقومي بها، وهناك أيضا أمور على والدتك يلزمها القيام بها، إلا أنها ليست معنا، والذي كتب لنا هو أنت ولست الأم، وإلا لكتبت لها ببعض النصائح الخاصة بها، وما يمكن أن تقوم به هي لتحسين ظروف التعامل معك، وهي:

- حاولي أن تعتني بنفسك أكثر، وخاصة موضوع الصلة بالله تعالى عن طريق الحفاظ على الصلاة وتلاوة القرآن، خاصة أنك تعيشين الآن في أمريكا، حيث قد تقلّ المظاهر التي تذكرك بالله تعالى، وأعتقد أنك حريصة على حسن العلاقة مع الله تعالى.

- والاعتناء بنفسك من باب نظام الحياة اليومي الصحي من الطعام والنوم والراحة والنشاط الرياضي.

- بالإضافة إلى التركيز على دراستك وتحصيلك العلمي، فهذا يمكن أن يفتح لك باب الكثير من الحرية والاستقرار الذين تبحثين عنهما.

في كثير من الأوقات قد يجب بعض الآباء والأمهات صعوبات التعامل مع ابنتهم أو ابنهم المراهق، ولذلك ما يمكنك أيضا القيام به هو:

- الاقتراب أكثر من والدتك، ومحاولة الحديث معها بما في قلبك، والهدف هو تقوية العلاقة بينكما، فهي لاشك أنها تحبك وتحرص على خيرك وسلامتك، وكل هذا على أمل أن تصبح العلاقة بينكما علاقة قوية تقوم على الحب والاحترام والتقدير.

- اقضيا معاً أوقاتاً مشتركة في أعمال المنزل واللعب والتسلية.

ومما لاشك فيه أنك في تلك البلاد بحاجة للحرص على مصاحبة الفتيات الطيبات والابتعاد عن رفقاء السوء، وكما تعلمين القول ":الصاحب ساحب"، فاحرصي على نوعية من تتعاملين وتختلطين معهم.

أنا بتقديري عندما يرى أهلك أنك معتنية بنفسك، ويرتاحون لتصرفاتك وسلوكياتك، فإنه لن يكون أمامهم إلا احترامك وتقديرك، مما ينمّي الحب والاحترام بينكم، ويزول خوفهم عليك من الأذى والضياع، وبالتالي سيرتاحون أكثر لحسن تعاملك مع موضوع الحرية، فالحرية ليست شيئا مطلقا، وإنما هي شيء نسبيّ.

أرجو أن يكون في هذا ما يعينك على تحسين الحال، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة في القريب العاجل.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً