الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوفي يزيد كلما تكلمت مع من لا أعرفه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله .

أنا أدرس في كلية دراسة إسلامية، شعبة أصول الدين قسم الحديث، من مصر،
عندي مشكلة أتمنى أن تساعدوني في حلها، كيف أكون فصيح اللسان؟

أنا لا أستطيع التكلم مع الناس، أحس أن الكلام لا يريد الخروج، وفي أوقات أنسى كلمات وأنا أتكلم في موضوع معين مع أي أحد أحس أني ناس للكلام، وعندي قلة استيعاب للأمور التي حولي حتى أني لو تكلمت مع أحد في موضوع معين، وبعد أن أنتهي لو سألني أحدهم أنتم كنتم تتكلمون في ماذا؟ ممكن أنسى أحيانا عن ماذا نتكلم!

أحس دئمًا أني تائه، ولا أدري بنفسي، مع العلم أنه حتى السيجارة لا أشربها، ولا أستطيع أن أعبر عما بداخلي، ويكون عندي رهبة شديدة لما أتكلم مع أحد وتزيد الرهبة عندما يكون الشخص الذي أتكلم معه غريبا عليّ.

أتمنى تشخيص حالتي، وما حلها؟ لأني متعب جدًا في تعاملي مع الناس، أكاد أكون لا أعرف أتعامل مع الناس إن صح التعبير، مع العلم أني شخص ملتزم دينيا وأخلاقيا، كما أني في كلية دراسة إسلامية وعربية، يعني في يوم من الأيام سأكون داعيا إلى الله -إن شاء الله- والموضوع هذا يؤثر علي جدا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسماعيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا والكتابة إلينا، أعانك الله ويسّر لك الخير والفلاح.

إذا أردت أن أختصر لك وصف حالتك بكلمتين، فهما: الرهاب الاجتماعي والتجنّب.

من الواضح أن ما عندك هي حالة من الرهاب أو الخوف الاجتماعي، حيث يرتبك الإنسان من لقاء الناس والنظر في وجوههم أو الكلام معهم، مما يجعلك تشعر وكأنك غير فصيح، وكذلك صعوبة الاجتماع بالناس في بعض الظروف الاجتماعية، حيث تجد صعوبة في الحديث مع الناس، وخاصة الغرباء، مع ما يرافق هذا الخوف من الارتباك والأعراض الجسدية كالقلق والتنميل والتعرق والارتعاش وضعف التركيز ربما في فهم ما يُقال لك أو عدم تذكر ما كنت تتحدث فيه مع أصدقائك..، وبالتالي فقد تشعر بعدم الرغبة في الخروج من البيت، أو الاختلاط بالناس؛ مما يؤدي لتجنبك لقاء الناس، مما يزيد في شعورك بعدم فصاحتك وصعوبة الحديث مع الآخرين، وربما هذا هو سبب بعض الحزن والانطواء الذي كتبت عنه، حيث تجد صعوبة في مواجهة الناس، مما يقلل عندك من طبيعة الحياة الاجتماعية.

بسبب كل هذا فأنت لا تشعر بالثقة الكبيرة في نفسك، مما يجعلك لا ترتاح للاجتماع والتعامل مع الآخرين، وبالتالي ربما تهرب وتتجنب مواجهتهم ببعض الحجج التي تقدمها للآخرين.

فما العمل الآن؟

إن تجنب لقاء الناس وعدم الخروج من البيت لا يحل المشكلة، وإنما يجعلها تتفاقم وتشتد، وتزيد في ضعف الثقة بالنفس وقلة الفصاحة، ولذلك عليك العودة للقاء الناس والاختلاط بهم، وعدم تجنبهم بالرغم من الصعوبات، وستجد من خلال الزمن أن ثقتك في نفسك قد أصبحت أفضل مما هي عليه، وستجد مقابلة الناس والحديث معهم والفصاحة أسهل بكثير مما كانت عليه في السابق.

وهكذا فالعلاج الفعال لهذا الحال هو العلاج السلوكي، والذي هو ببساطة اقتحام اللقاءات بالناس، وتحمل ما تشعر به من الانزعاج، وعدم الانسحاب من هذه المواجهة، حتى تعتد على هذا وتزداد ثقتك في نفسك، بحيث يمكن أن تصل إلى حالة تستطيع معها الحديث أمام الناس وبكل ثقة وارتياح.

إن الكثير من المتحدثين العظام كانوا قد عانوا مما تعاني منه الآن، وهي مرحلة وستتجاوزها مع الزمن.

وبالإضافة للعلاج النفسي المعرفي السلوكي فهناك حالات نحتاج أن نصف فيها أحد الأدوية التي تساعد في هذا، وخاصة إن وجد مع الرهاب شيء من الاكتئاب، والذي يحدث بسبب الانسحاب من المجتمع وضعف الحياة الاجتماعية.

أنصحك إذا حاولت من نفسك الخروج من عزلتك والإقدام على مقابلة الناس، ولم تنجح كثيرا، بأن لا تتأخر بزيارة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي؛ فهذا قد يختصر لك الزمن.

حماك الله من كل سوء، ويسّر لك أمورك، ونفع بك عباده.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً