الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من الرهاب الاجتماعي وأرى نفسي قبيحًا، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب متزوج، ولدي أولاد، أعاني من مشكلتين الأولى هي الرهاب الاجتماعي، والثانية هي أني أرى نفسي قبيحًا، حيث أعاني من ضيق في النفس عند التحدث مع الآخرين.

أشعر بصعوبة في التركيز في كلامهم، والنظر لأعينهم، لا أستطيع تبادل أطراف الحديث مما يجعل الجلسة مملة، وهذا بسبب انشغالي بالتفكير بشكلي، وابتسامتي ليست جميلة، وهذا الشيء يؤثر على الاتصال والتواصل مع الآخرين، ويشعروني بأني مراقب، ولا أحب التجمعات والدخول على جماعات كبيرة، أرغب في البقاء في المنزل، ولكني أخرج للأمور الضرورية، وعند حصول أي مشكلة بسيطة لا أستطيع التوقف عن التفكير بها طوال اليوم، ولمدة طويلة حتى لو كانت تافهة.

مع كل ذلك أنا معلم، ومتزوج، ولي أولاد، محافظ على صلاتي، سمعتي بين الناس جميلة، ربما لا يشعر أحد بما أعانيه؛ لأنني أبذل جهودا في إخفائها، هل للسحر والحسد علاقة أم أن حالتي معروفة؟ هل من أدوية تنهي التوتر، والأفكار السلبية، وتطرد وساوس الشكل والمظهر، وشعور المراقبة بشكل دائم؟ وهل يوجد دواء سريع المفعول يمكن تناوله عند وجود مناسبة تسبب لي الحرج فقط؟

علما أني لا أعاني -وبحمد الله- من مرض مزمن.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأريد أن أقول لك أنك بالفعل تعاني من قلق المخاوف ذي الطابع الاجتماعي، وهذا جعلك حساساً جداً وأصبحت لديك مكونات فكرية ذات طابع وسواسي جعلتك تلجأ إلى التدقق والتفكير المتأني، لكن بصفة وسواسية ونسبة لتوجسك حول الآخرين أصابك بعض الشكوك، لكنك لا تعاني من مرض الشكوك أو مرض الظنان هذا واضح جداً بالنسبة لدي.

إذاً حالتك هي حالة قلق مخاوف ذات طابع اجتماعي، وهي التي أدت إلى تفضيلك الانزواء والميل نحو الانسحاب الاجتماعي.

أيها الفاضل الكريم قبل أن أتحدث عن العلاج الدوائي وهو -الحمد لله- متوفر أريدك بالفعل أن تغير نفسك فكرياً أنت -الحمد لله- تعالى لست بأقل من الآخرين، وقد أنعم الله عليك بالزوجة، والذرية، والوظيفة كل هذا يجب أن تستذكره دائماً، وهذه الانجازات لم تأت بالصدفة هي أولاً بتوفيق من الله، ثم من جهدك، ومن بناءك النفسي والأخلاقي السليم، فهذا يجب أن تقدره.

الأمر الآخر وهو ضروري جداً، وأؤكده لك أن لا أحد يقوم بمراقبتك أبداً، مشاعرك السلبية من شكوك وظنانات وخلافه هذا كلها تصورات قلقية، وليست حقيقة واقعة.

من التطبيقات المهمة جداً -أخي الكريم- أن تلزم نفسك بالتفاعل الاجتماعي، وأسعد الناس هم الذين لديهم نسيج اجتماعي جيد وفاعل.

أخي الكريم: صلاة الجماعة في الصف الأول وجدناها من أفضل أنواع التعريض النفسي السلوكي الذي يقهر الخوف الاجتماعي، زيارة الأهل والأصدقاء والأرحام وزيارة المرضى، الذهاب إلى الأعراس والمناسبات، السير في الجنائز، هذه كلها وجدناها علاجاً واقعياً موجوداً في مجتمعنا لمن يستفيد منه، فاجعل لنفسك نصيباً من هذا.

أخي الكريم: الرياضة الجماعية مثل: لعبة كرة القدم مع مجموعة من الأصدقاء، أو أي رياضة جماعية أخرى وجدنا أن التفاعل الاجتماعي الذي يصاحبها حقاً يجعل النفوس أكثر استرخاء وقبولاً لبعضها البعض، فيا أخي الكريم أجعل هذه هي ممارستك في الحياة، وأنا أعتقد أنك سوف تتحسن وبصورة تدريجية، مع ضرورة تغير المفاهيم حسب الأسس التي ذكرتها لك مسبقاً.

أخي الفاضل: لا أعتقد أن الأمر له علاقة بالسحر أو الحسد أو العين أبداً، أنا أؤمن بوجود هذه الأشياء، لكن هذه علة طبية نفسية بسيطة، وليست سحراً وليست حسداً، لكنك -أخي الكريم- مدرك وعلى وعي تام أن المسلم يجب أن يتخذ تحوطاته، ويحرص على أذكاره وكل ما يحفظه من شرور الإنس والجن.

أخي الكريم: أبشرك أنه توجد علاجات دوائية ممتازة، عقار سيرترالين هو من أفضل هذه الأدوية، ويسمى زوالفت، واسمه التجاري الآخر لسترال، وربما تجده في فلسطين تحت مسمى تجاري آخر، أبدأ بجرعة 25 مليجرام نصف حبة، تناولها يومياً لمدة 10 أيام، ثم اجعلها حبة كاملة ليلاً لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين ليلاً أي 100 مليجرام، وهذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة 3 أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة 3 أشهر أخرى، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهراً آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أخي: هذا دواء سليم غير إدماني من آثاره الجانبية البسيطة أنه ربما يفتح الشهية نحو الطعام، كما أنه ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً عند الجماع، لكنه لا يؤثر على الصحة الإنجابية عند الرجل أو المرأة.

أخي الكريم: أنا لا أفضل ما يسمى بالأدوية عند اللزوم من الأفضل أن تقتلع الأمر من جذوره.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً