الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوهم المرضي المستمر... حقيقة أم خيال؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من التوهم بأمراض كثيرة، وأتابع باستمرار على النت، ودائما تفكيري سلبي، وأخاف، وكنت أهرب أيام الحروب إلى المستشفى؛ لأني كنت أعتقد أنها أكثر أمانا من البيت، وأقلق باستمرار، وأعاني من صداع، وبالذات الصداع الخلفي، وأحس بأشياء تمشي في رأسي، وبدوخة، وأحس بعدم الاتزان، وأنه سيغمى علي، وأشعر برعشات في كل جسمي؛ لأني مررت بأمور صعبة.

حالتي النفسية مدمرة للغاية، حيث أتردد على الدكاترة باستمرار، ودائما تأتيني نوبات تغير من حالتي للأسوء، فأشعر فيها بالخوف الشديد، وبالإرباك، وأن الموت لا محالة قادم، وأشعر أني لا واقعي, وقد عملت كافة التحاليل، والحمد لله كلها جيدة.

قبل سنة عملت عملية في رأسي لإزالة ورم حميد، والحمد لله الأمور ممتازة، لكن عانيت كثيرا من الخوف الشديد على إثر العملية، وبعد 6 أشهر من العملية جاءتني حالة تشنج، وأصبحت أتوقعها بأي وقت، وبسبب ألم الصداع المستمر أصبح لدي قلق، وخوف، وتوتر، وتوهم بأمراض.

أنا مرهق التفكير، أجلس كثيرا على النت، وأبحث عن أسباب الأمراض، وهي: أوجاع الصداع، وضيق التنفس، واهتزاز الصدر المستمر، وسخونة أعلى المعدة، فأنا والله مررت بتجربة صعبة للغاية، وبخيبات أمل متواصلة.

أريد حلا لأني خائف أن تبدأ المدرسة وتأتي هذه النوبات، وعندما أرتاح نفسيا ويكون بالي مرتاحا لا أشعر بأي شيء من الخوف والقلق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نحيِّيك أخي الكريم في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله لك العافية، وأقول لك: الحمدُ لله تعالى أن الورم الدماغي قد كان حميدًا، وقد تمتْ إزالته بنجاح.

التشنج الذي حدث لك -أخي الكريم– متوقع بعد هذه العمليات، وكثيرًا من الأطباء الجراحين يصفون الأدوية المضادة للصرع لمدة عامٍ على الأقل، وعقار (تجراتول) يعتبر هو الشائع الاستعمال، فإن كنت –يا أخي– لا تتناول أحد هذه الأدوية أرجو أن تُراجع طبيبك.

أما بالنسبة لحالتك العامة وما ينتابك من تفكير سلبي وخوف ورهاب، وعدم اطمئنان نفسي، وكذلك الشعور بالدوخة والإحساس بعدم التوازن وأن تحاليلك كلها جيدة؛ أخي الكريم الذي عندك هو قلق، أنت لديك قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي، هنالك خوف من المرض، وهنالك خوف من الموت، وهذه الحالات –أخي الكريم– اعتبرها حالات نفسوجسدية، وهي شائعة، أنا لا أريدك أن تعتبر نفسك مريضًا، لأنك لست مريضًا، نعم هي ظاهرة، وظاهرة مهمة، لكن إن شاء الله تعالى سوف تزول.

أول ما أنصحك به هو أن تعيش حياة صحيَّة، والحياة الصحية –أخي الكريم– شروطها: أن يلتزم الإنسان بدينه، الصلاة في وقتها، والحافظ على أذكار الصباح والمساء، وصلة الرحم، وتلاوة القرآن، السعي دائمًا نحو مكارم الأخلاق، هذه تُنزل على الإنسان شبابيب الرحمة والطمأنينة.

ثانيًا: ممارسة الرياضة، الرياضة تمثِّل حقيقة الحافز الرئيسي لخلايا الجسم والدماغ، من أجل أن يكون الإنسان في حالة ارتياح وفي حالة استرخائية.

ثالثًا: النوم الليلي المبكر، والابتعاد عن النوم النهاري، وقطعًا التغذية الصحيحة.

رابعًا: التواصل الاجتماعي الجيد.

خامسًا: أن يكون لك برامج حياتية مستقبلية، أهداف واضحة المعالم: ما الذي تُريد أن تقوم به؟ والأهداف تكون آنية ومتوسطة المدى وبعيدة المدى، وأن تضع الآليات التي تُوصلك إلى ما تبتغي، ويا أخي الكريم: على النطاق العائلي لا بد أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، خاصة أعضاء أسرتك.

هذه هي الحياة السليمة، الحياة الصحيحة، التي تُولِّد عندنا ما يُعرف بالصحة النفسية الإيجابية، وباتباعك –أخي الكريم– هذا المنهج أنا متأكد أنك سوف تحسّ بتحسُّنٍ تلقائي، لكن يجب أن تلتزم بذلك.

بقي أن أقول لك إنك بحاجة لأحد مضادات قلق المخاوف، والعقار الذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين) سيكون هو الأمثل والأجود، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة، خمسة وعشرون مليجرامًا (نصف حبة) ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء –أخي الكريم– يُناسب إذا كنت تتناول أحد مضادات التشنج كالتجراتول، أو الدباكين كما ذكرتُ لك سلفًا، أما إن كنت لا تتناول أيٍّ من هذه الأدوية فاكتفي فقط بالعقار الذي يعرف باسم (دوجماتيل/سلبرايد)، والجرعة هي خمسون مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسون مليجرامًا مساءً لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك أخي على الثقة في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا هالة

    أعاني من نفس الأعراض فأنا دائما أتوقع الأسوء من دون سبب لكن الصلاة و الأذكار كما قال الدكتور هم الحل باضافة الى الاندماج في المجتمع

  • السودان مريم

    انا عندي صداع مزمن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً